ونحن في الألفية الثالثة لازال بعض الناس المنعدمة ضمائرهم ينصاعون لأوامر الشيطان، يلجون أبواب المشعوذات بغية الزواج والعمل وجلب الحظ إلى غيرها من الأماني والمبتغيات التي وجب التضرع إلى الله سبحانه وتعالى وحده من أجل بلوغها، إلا أن فئات من الناس ابتعدت كل البعد عن التحلي بالصبر ووضعت مكانه العجلة في جل الأمور فوجدت نفسها تتسارع إلى أبواب المشعوذات والعرافات لقراءة الطالع وغالبا ما يزودهم هؤلاء المشركون بالله ببعض الأعشاب ويوصونهم باستعمالها في أوقات معينة عن طريق تبخيرها مما يؤثر بالسلب على بقية الجيران الذين يتأثرون بتلك الروائح الكريهة المنبعثة من تلك المنازل. على الرغم من أن ممارسة الشعوذة هي جنحة في القانون الجزائري معاقب عليها بنص القانون، إلا أن هناك مشعوذين ومشعوذات يمارسونها في الخفاء من وراء بيوتهم التي تستقطب العديد من الباحثين عن قراءة الطالع وجلب الحظ الحسن، ولازال البعض لحد الآن يترددون على تلك البيوت المليئة بشياطين الجن والإنس، ونجد أن تعداد الزبائن يتعدى العشرات لاسيما هؤلاء العرافين والعرافات الذين ذاع صيتهم في جلب الحظ و»السعد« فنجدهم معروفين لدى الكل، بعد أن يتواصوا فيما بينهم حول زيارتهم التي ستجدي نفعا لا محالة، متناسين أن النفع والضرر هو بحول الله تعالى. وتكون نتيجة تلك الزيارة لبيت العراف أو العرافة تزويد الزبائن ببعض المساحيق والأعشاب وحتى بعض الأشياء الغريبة من ذيول بعض أنواع الحيوانات إلى غيرها من الخرافات، ويوصون الزبائن باستعمالها في أوقات معينة في الصباح الباكر أو المساء، وفي كامل الأوقات لمرات متعددة، وعادة ما يعتمد في إشعالها على الفحم مما يؤدي إلى انطلاق روائح لا يطاق استنشاقها تدخل كامل العمارة في كومة من الدخان، ذلك ما اشتكى منه بعض الجيران مرارا وتكرارا، وهناك من دخلوا في مناوشات وعراكات مع أقرانهم من الجيران بسبب تلك الأفعال المخزية التي لا يتقبلها عاقل خاصة وأن حرية الشخص تنتهي بمجرد اعتدائه على حرية الآخرين. ويستغرب الكل من تلك الأفعال التي لا تمت إلى الحضارة والتطور بصلة، ناهيك عن تحريمها شرعا وقانونا إلا أن بعض المنعدمة ضمائرهم تعودوا عليها وأصبحت دماء جارية في عروقهم إلى درجة تصورهم أن النفع والضرر هو بيد ذلك العراف أو العرافة. تقول السيدة سمية إنها ابتليت بجارة، وهي سيدة في العقد الخامس وتعاني من جوارها الأمرين، كونها دأبت على ممارسة أمور السحر والشعوذة وتأكدت من ذلك تبعا لسحابات الدخان المنطلقة من بيتها بصفة تكاد يومية، ودخلت معها في مناوشات لكي تتوقف عن ذلك إلا أنها لم تعرها أدنى اهتمام، وواصلت تلك الأمور والأفعال المخزية التي تدخل العمارة في وسط سحابات من الدخان المنطلق من البخور والذي يحمل روائح كريهة تسد لها الأنفس بفعل المساحيق المستعملة في الشعوذة. كوثر هي الأخرى عانت كثيرا من الجارة التي تحاذيها في السكن والتي تعود عروقها إلى دولة مجاورة، بحيث كلما دخلت إلى هناك تزودت ببعض أنواع الأعشاب والمستلزمات التي تبدأ في استخدامها مباشرة بعد عودتها، متذرعة أنها تبعد الحسد والعين عن عائلتها بتلك الأفعال، ضاربة هدوء الجيران وسكينتهم عرض الحائط، بدليل إزعاجهم بتلك الروائح والمستلزمات التي عادة ما ترش بها عتبة بيتها والتي يتخطاها الجميع أثناء عبورهم، وأضافت محدثتنا أن الجيران فكروا في رفع دعوى ضدها أمام القضاء لوضع حدود لأفعالها العلنية والتي وصلت أذيتها إلى جميع الجيران. وفي ظل إطلاق العنان لهؤلاء المشعوذين، واستمرار ممارستهم لحرفتهم غير المشروعة ببيوتهم التي قلبت إلى أماكن للعمل بدليل استقطابهم لعديد الزبائن المغفلين يوميا، يدفع ضريبة ذلك من يحاذون هؤلاء المشعوذين في السكن، وكذا من ينصاعون لأوامرهم بعد أن منحوهم الثقة والعياذ بالله وجعلوا لله سبحانه وتعالى شركاء في ملكه.