أقصت كواليس السياسة رائعة رشيد بوشوارب »خارجون عن القانون« من الظفر بأي جائزة تذكر، بالرغم من إجماع مختلف الفاعلين في ميدان السينما بجمالية العمل الذي قدمه المخرج رشيد بوشوارب، صورة وصوتا وإخراجا، وكانت الأنظار تتجه إلى فوز فيلم »الخارجون عن القانون« على الأقل بجائزة من مهرجان كان الدولي، إلا أن الرسائل التاريخية، وكذا الشهادات الحية التي قدمها عن معاناة الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية، ووحشية النظام الاستعماري الظالم، حالت دون أن يظفر الفيلم بأي استحقاق. صفّى مهرجان كان حسابات فرنسا الاستعمارية مع الجزائر، ولعبت كواليس السياسة الفرنسية دورا بارزا في إقصاء فيلم »خارجون عن القانون« في حين منحت الجائزة الكبرى لفيلم »عن الآلهة والرجال« للمخرج الفرنسي زافييه بيفوا، الذي يتناول حياة الرهبان السبعة الذين قتلوا على يد الجماعات الإرهابية في العشرية السوداء التي عصفت بالجزائر في التسعينيات، وهو دعم آخر للدعاية الفرنسية فيما يعرف بقضية »تيبحرين« والتي اتهمت فيها عبثا الجيش الجزائري بمقتل الرهبان السبعة. وكان الفيلم »خارجون عن القانون« الفيلم العربي الوحيد المشارك بالمهرجان الدولي قد آثار جدلا كبيرا في أوساط الفعاليات السياسية والإعلامية الفرنسية، كما اتهمه الأقدام السوداء والحركى أنه تزوير للتاريخ، وخلف الفيلم موجة من الاحتجاجات لما يحمله من حقائق تاريخية تكشف عورة النظام الاستعماري الوحشي، وكذا الانتهاكات الإنسانية الصارخة التي مارسها الجيش الفرنسي على الشعب الجزائري الأعزل إبان الحقبة الاستعمارية، من بينها أحداث 8 ماي 45 والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 45 ألف جزائري. وقد شهد وسط مدينة كان الفرنسية منذ الساعات الأولى من صباح أمس انتشارا غير مسبوق للعشرات من رجال الشرطة والدرك الذين طوّقوا قصر المهرجان، حيث احتضن مسرح الأضواء الكبير العرض الأول ل »الخارجون عن القانون«، المرشح في المسابقة الرسمية للدورة الثالثة والستين من أكبر مهرجان سينمائي في العالم. وقد عرض الفيلم بالمهرجان السينمائي الدولي تحت حراسة أمنية مشددة، جاءت هذه الإجراءات الأمنية الخاصة كنتيجة حتمية لأسابيع طويلة من الجدل اتهم فيها بعض اليمنيين واليمنيين المتطرفين الفيلم ب »الإساءة إلى فرنسا« مما دفع ببعضهم إلى مطالبة إدارة مهرجان كان بمنع عرضه، وبالبعض الآخر إلى برمجة وقفة بالمدينة الفرنسية المخملية في نفس توقيت عرض الفيلم ظاهرها الاحتفال بذكرى المحاربين القدامى وباطنها التشويش على العرض. ويتناول الفيلم قصة عائلة جزائرية فقيرة كانت تعيش في ثلاثينات من القرن الماضي في أرضها، قبل أن تجبرها الإدارة الاستعمارية على الطرد من أرضها وأرض أجدادها وآبائها وأبنائها كما جاءت في رواية الفيلم، لتتجه إلى مدينة سطيف أين يقتل ثلاثة من أبنائها في مجازر 8 ماي 45، وبعدها تجد نفسها مضطرة للهجرة إلى فرنسا، لتكون العائلة قريبة من ابنها المعتقل بسجون فرنسا، ولكن بعد وصال العائلة والتي سكنتا في إحدى نواحي باريس، انسلخ أحد أبنائها من هويته، واندمج في المجتمع الفرنسي نتيجة الفقر الذي كانت تعيش فيه العائلة الجزائرية، ولكن رغم ذلك لم يثنه من التعاون مع أخويه المنظمين في صفوف جبهة التحرير الوطني في الدفاع عن استقلال الجزائر. ويصور الفيلم كذلك المظاهر الوحشية التي كانت تمارسها المنظمة السرية الفرنسية لقتل الجزائريين وكل من ينادي باستقلالية الجزائر عن فرنسا.