بقلم: خيري منصور كانت الكاتبة الفرنسية سيمون دوبوفوار تردد عبارة شهيرة كلما فوجئت بأحمق يستمد جرأته كما تقول من وجود معجبين به وهم الاكثر حمقا منه ولو كانت بوفوار تعرف القول الموروث والمأثور من تراثنا وهو ان الجاهل يغلب العالم بسبب انغلاق افقه لاستراحت فالحمقى على ما يبدو درجات ادناهم هو الذي يصفق بحماسة لمن هو اقل حماقة منه . يحدث هذا في السياسة والثقافة وحتى في حياتنا الاجتماعية اليومية وربما لهذا السبب لم يكتشف الاحمق حمقه والجاهل جهله فثمة تواطؤ على مثل هذه التراتبية . وحين اراد وايتهد التفريق بين انسان يعلم ويدرك ما حوله وبين آخر ضيق الافق وكأنه يتنقل داخل زنزانة من لحم وعظم قال ان الاول يعرف بأن هناك محيطا اسمه الاطلسي اما الثاني فإن اكثر ما شاهده في حياته هو غدير او بركة آسنة في قرية نائية . لهذا سيبقى سوء الفهم لا التفاهم قائما في هذا العالم والفرق بين سوء الفهم وسوء التفاهم هو ان الاول محدود الاستيعاب وقد يعجز عن فهم ابسط ظاهرة في الكون اما سوء التفاهم فهو غالبا ما يحدث بين انداد لهم اطروحات مُتناقضة حول الحياة والتاريخ والكون ! وهناك على ما يبدو اناس قرروا الهروب من اي شيء يتيح لهم المقارنة او يعرضهم لامتحان عسير يخافون الرسوب فيه لهذا بحثوا عن أمثالهم وتحالفوا معهم كما فعل الاقزام مع جلفر العملاق في رواية سويفت الشهيرة فكيف يعترف الاحمق بحماقته اذا تحلق حوله الاشد حُمقا منه وعبروا عن اعجابهم به ؟ لكن لحسن الحظ لم يعد العالم جزرا مُتباعدة في محيط شاسع وثمة مشترك معرفي ومنظومة مفاهيم وقيم عابرة للحدود واللغات لهذا فإن عمر اعجاب الحمقى بمن هم اقل حمقا منهم قصير ولن تفلح الكائنات محدودة الوعي في تغيير المقاييس لصالحها !!