يبدو أنَّ المعركة الطويلة التي خاضَهَا المسلمون في شيكاغو من أجل بناء مسجد بمقاطعة دوباج أوْشَكت على وضع أوْزَارها، بعد أن وصلت إلى نقطة تَحوُّل هامة. ورغم استمرار المشاعر المعادية للإسلام، والمقاوِمة للمساجد في هذه المنطقة، تَلُوح في الأفق بشائر فوز المسلمين بالموافقة على مشروع بناء المسجد. البداية تعود إلى رغبة المسئولين في "المركز الإسلامي الثقافي الأمريكي للتعليم", أو "مكة", في بناء مبنَى على مساحة 47000 قدم مربع في ويلوبروك, يضمّ مدرسةً ومركز إعادة تأهيل, وقاعة للصلاة تكفي 600 شخص, إلا أنّ هذا المشروع تَمّ إرجاؤه بعد رفض لجنة المقاطعة للاقتراح في يناير الماضي. ومشروع مركز "مكة" يُعدّ أحد مشاريع أربعة مُقْتَرحة لبناء مسجد أمام مجلس مقاطعة "دوباج" في السنوات الأخيرة بسبب تنامِي أعداد المسلمين في منطقة شيكاغو بشكل ملحوظ, حيث يعيش أكثر من 400 ألف مسلم في تلك المنطقة, والغالبية منهم في الضواحي. من جانبه قال زاهر سحلول, رئيس مجلس المنظمات الإسلامية في شيكاغو: "إنّ الكثير من المسلمين يضطرون لقطع مسافة 40 دقيقة أو أكثر بالسيارة لحضور صلاة الجمعة في أحد المساجد, لذا فإنّ هناك حاجة حقيقية لاستيعاب هذا المجتمع الكبير ببناء هذا المسجد". وقد عكست التصريحات التي أعْقَبت التوترات في دوباج حجم العداء نحو المسلمين الأمريكيين, كما ألْقَت بظِلالها على ما حدث في العام الماضي بين السكان المحليين، إثر رَفْضِهم عِدّة مقترحات لبناء مسجد في ولاية تينيسي, ويسكونسن, وولاية كاليفورنيا وغيرها, وقد كان هناك نقاش حادّ على الصعيد الوطني كذلك بشأن المركز الثقافي الإسلامي الذي كان مقترحًا بناؤه إلى جوار موقع الصفر. وفي منطقة شيكاغو خاصّة, أعرب بعض من سكان ضاحية بريدجيفيو الجنوبية عن معارضتهم لتوسيع مسجد بريدجيفيو, وذلك جزئيًا بسبب وجود مخاوف من وجود متطرفين داخل قيادة المسجد, كما رفضت مدينة شيكاغو في العام الماضي مشروع بناء مسجد في ساحة روجرز. وبرغم النتائج غير المؤكّدة حتى الآن يمكن اعتبار الموافقة على بناء مسجد مقاطعة دوباج على خمسة أفدنة في ويلوبروك, قد اقتربت، لذلك يقول مارك دانيال, المحامي "مكة": إنه متفائل بإمكانية موافقة المجلس على هذا الاقتراح, وفور توفّر هذه النقطة فلن يوجد أي أساس قانوني لحظر البناء. بدَوْرِهم, أبْدَى بعض المعارضين الذين يَعِيشون بالقرب من موقع "مكة" خطة مشروع بناء مسجد دوباج, أسبابهم للرفض؛ حيث قال أحدهم: "لم يُعبّر أيًّا منا عن قلقه أو معارضته بسبب الدين, لكن نحن نعيش في المناطق الريفية، وهذا بناء على الطراز الحضري مما يمثّل تفاوتًا لأساليب الحياة هنا", أما السيدة كونستانس جافرز, عضو في جماعة معروفة بالاحتجاجات المناهضة للمسلمين, فقد أعلنت معارضتها لبناء مسجد دوباج زاعِمَةً أنّ "الكثير من هذه المساجد ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالمنظمات الإرهابية". وللتأكيد على حرص المسلمين على راحة جيرانهم, قال محمد حمادة، مدير مركز "مكة": "لقد التقينا بالمقيمين في الجوار مرات عديدة عسَى أن نعالج مخاوفهم, وأعتقد أنّ راحتهم تَهمّنا كثيرًا وسنعمل على ذلك بأقصى جهدنا وخاصّة فيما يتعلّق بتصريف المياه وحركة المرور". من جانبه قال كيفين فوداك محامي منظمة "كير" (مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية) في مدينة شيكاغو: "نعتقد أنّ هناك تَحيُّزًا ضد المؤسسات الإسلامية", مشيرًا إلى "أنّ مجالس المقاطعات ترفض اقتراحات بناء المساجد دون تفسير, وهو أمر غير مألوف, كما تَمّ إدخال تعديلات لمنع أي مؤسسات دينية جديدة من بناء مناطق سكنية؛ حيث إنّ معظم المقترحات الجديدة مقدمة من قِبَل المسلمين".