يوما بعد يوم يكتشف المواطنون، وخاصة الأولياء خطورة، أو تأثير الوسائل التكنولوجية على أبنائهم، فمن المواقع التي تضع صورا وفيديوهات دموية تصور أشنع ما يحدث في العالم من حروب، إلى تلك المواقع الخليعة، ومن ثمة موقع الفايس بوك الذي ليس إلا مقهى افتراضي يطلع فيه الأنترنوت على كل ما يحدث حولهم، وقد يشاركون فيه· مصطفى مهدي· لقد صارت بعض المواقع الإلكترونية، وخاصة الفايس بوك مكانا يضع فيه الجميع أفكارهم، دون رقابة ولا شيء، من ذلك الذي يدعو إلى الانحراف وآخر إلى الشذوذ، وبعضهم يستعمله في الدعوات الدينية، بعضها بنية الصلاح وآخر بنية الإفساد، وكل هؤلاء يشاركون في صنع مجتمع افتراضي آخر، يمكن أن يكون لدى الأنترنوت صورة أخرى، ويجعلهم يتأثرون بالأفكار المنشورة على صفحاتها، ومن ذلك الاحتجاجات التي عرفها الوطن العربي مؤ خرا، والذي كانت شرارته الأولى، أو من إحدى شراراته ما كان يبث على الأنترنيت من دعوات للخروج والاحتجاج، وبعضها لم تكن إلا دعوات للتمرد والعصيان، وهو الأمر الذي دفع بالكثير من الأولياء، خاصة منهم من كان ضد تلك الاحتجاجات، دفع بهم إلى مراجعة حساباتهم فيما يخص السماح لأبنائهم بالاطلاع على تلك الصفحات كلها، حتى أن البعض منهم فضل أن يمنع أبناءه عن الأنترنيت وعن الفايس نهائيا· مراهقون وشباب كثر خرجوا بداية هذه السنة للاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية، ولكن كان هناك أيضا متطفلون بين المحتجين حولوا تلك المظاهرات إلى عمليات تخريبية، ما جعل الأولياء يخشون على أبنائهم من تأثير تلك الأحداث، ومن تأثير هؤلاء المخربين المندسين، ولأن الفايس بوك صارت الوسيلة الأولى للتواصل بين الشباب، وقد تفوقت أحيانا على المقاهي وأركان الأحياء، لذلك فإن الأولياء صاروا أكثر حذرا، مثل السيدة رتيبة، والتي تقول لنا إنها منعت ابنها صاحب السابعة عشرة سنة من الدخول على تلك المواقع، تعلل ذلك بأنها تخشى عليه من التأثيرات السلبية لتلك المواقع، والتي من شأنها أن تشوش فكره، خاصة وأنه مراهق، تقول لنا، وإن الاحتجاج يجب أن يقوم به أشخاص لهم وعي حتى يتمكنوا من التفريق بين ما ينفعهم، وما هو صالح للأمة، وبين ما يضرهم· يحكي لنا ياسين من جهته أن والده منعه من دخول الأنترنيت بعد المظاهرات الأخيرة، والتي شارك فيها، لكنه يعترف لنا أنه لم يخرب ولا شيء، ومع ذلك فقد فكر والده بأن موقع الفايس بوك قد أثر فيه، وقد يؤثر فيه مستقبلا، خاصة وأنه لا رقابة على تلك المواقع كلها، ليس فيما يخص الاحتجاجات فقط، ولكن لمختلف الأفكار، خاصة وأن هناك العديد من المشوشين الذين يصطادون ضحاياهم من المراهقين على الأنترنيت هكذا فكر والده، لكن ياسين فكر في أنه قادر على التفريق بين ما يضره وبين ما ينفعه، وأنه وفي كل الأحوال لن يتبع أشخاصا غير موثوق فيهم، والدليل على وعي الشعب، وحتى الشباب والمراهقين، يضيف ياسين، أن الكثير من ادعياء التغيير لم ينجحوا في مساعيهم، ذلك أن المواطنين قادرون على الاختيار بما يلائم تفكيرهم·