كادت "وضعية تسلّل" واضحة للاعب مصري خلال مباراة في كرة القدم جمعت نادي الزمالك المصري بالنّادي الإفريقي التونسي أن تُحدث زلزالا عنيفا جديدا في العلاقات الجزائرية المصرية، بعد أن اجتاح آلاف الأنصار المصريين أرضية الملعب واعتدوا بكثير من العنف على الحكم الجزائري محمد مكنوز الذي طبّق قانون اللّعبة بكلّ شرف رغم الضغط الجماهيري الرّهيب، فكاد يدفع حياته ثمنا لذلك· وضعت وضعية التسلّل المصرية التي أثبتت الإعادة التلفزيونية أنها لم تكن من اختلاق طاقم التحكيم الجزائري الذي أدار لقاء الزمالك الإفريقي، العلاقات بين الجزائر ومصر على كفّ عفريت، وكادت تكرّر سيناريو الفتنة المونديالية التي عصفت بتاريخ طويل من الأخوّة والنّضال التاريخي المشترك بين شعبي البلدين لولا أن السلطات المصرية كانت أكثر حكمة وأقلّ حمقا هذه المرّة وتفادت الوقوع في نفس أخطاء سلطات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، حين سارعت إلى تقديم اعتذارات رسمية بواسطة رئيس الوزراء ورئيس اتحاد الكرة المصري· وإذا كان رئيس وزراء مصر الجديد عصام شرف يعدّ من رموز مرحلة ما بعد ثورة 25 جانفي، ولذلك لم يفاجئنا كجزائريين اعتذاره عن ضرب الحكم الجزائري بملعب القاهرة، فإن اعتذار سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة المصري عن الاعتداء العنيف على ممثّل الصافرة الجزائرية ذكّرنا بالموقف "الزاهراوي" المناقض تماما لهذا الموقف الجدير بالتقدير· فزاهر الذي امتلك فجأة جرأة كبيرة على الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، كان يفتقد في نوفمبر 2009 إلى هذه الخصلة، إذ بدلا من الاعتذار عن ضرب حافلة المنتخب الوطني لكرة القدم راح يومها يزعم أن اللاّعبين الجزائريين ضربوا أنفسهم وكسروا زجاج حافلتهم بأيديهم، وهو ما أجّج مشاعر الغضب الجزائري الذي ازداد حدّة بعد تهجّم شلّة من أشباه الإعلاميين والفنّانين والرّاقصات على الجزائر حكومة وشعبا وتاريخا· وإذا كانت وقاحة السلطات المصرية التي حرّضت كلابها على نهش الجزائر في نوفمبر 2009 قد تسبّبت في زلزال كبير في العلاقات الجزائرية المصرية، فإن حكومة ما بعد ثورة 25 جانفي في مصر جنّبت العلاقات بين البلدين تكرار ذلك السيناريو البغيض، ولم تسمح ل "وضعية تسلّل" أكيدة بأن تهدم ما تمّ بناؤه طيلة عقود من علاقات وطيدة·