السِّياحة الدينية في الجزائر إمكانيات كبيرة بحاجة إلى استغلال تعتبر السِّياحة الدينية لدى العديد من دول العالم التي تمتلك أماكن مزارات دينية مقدسة كإيران أو المملكة العربية السعودية أو العراق أو سوريا أو الفاتيكان أو غيرها مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل القومي لتلك الدول فهي تحرص دوماً على إبراز تلك الآثار الدينية السِّياحية وتعريف العالم بها فهذا النوع من السِّياحة يدرُّ على الدولة السورية رغم أنها تعاني من أزمة أمنية واقتصادية خانقة حوالي 2 مليار ليرة سنوياً وذلك بمعدل 250 ألف سائح يزورونها سنوياً يأتي معظمهم من لبنانوالعراق ودول الخليج لزيارة العتبات الشيعية المقدسة وكذلك الآثار الأموية التاريخية بالإضافة إلى الأماكن الدينية المسيحية الموجودة في مدينتي صيدنايا ومعلولا فالسِّياحة الدينية التي يمكن لها أن تلعب دوراً رئيسياً في زيادة مداخيل الدولة من العملة الصعبة إذ أنها يمكن أن تساهم بأكثر من 2 مليار دولار سنوياً كمداخيل من العملة للصعبة للاقتصاد الوطني الذي يشهد حالة ركود وأزمات مالية واقتصادية متلاحقة مما أثر سلباً على الاحتياطي العام للدولة من العملة الصعبة. والجزائر التي تمتلك أماكن طبيعية وسياحية خلابة يصنف بعضها كحديقة الطاسيلي المفتوحة بأقصى الجنوب الجزائري كمعالم سياحية طبيعية تدخل ضمن نطاق التراث العالمي فهي بالمثل تحتوي على العديد من الأماكن والمزارات الدينية التي تستقطب الآلاف من الزوار من مختلف الدول وخاصة الإفريقية منها فالزوايا والأضرحة المنتشرة للأولياء الصالحين والعلماء والأقطاب الربانيين المؤسسين لمختلف الطرق الصوفية المنتشرة في الكثير من الدول الإفريقية والمغاربية تحظى باهتمام كبير من طرف مريدي هذه الطرق والمتأثرين بنهجها الروحي الرباني ولكن بالرغم من المعالم السِّياحية الدينية التي تزخر بها الجزائر ولكن تبقى السِّياحة الدينية فيها لا ترقى إلى مستوى المنافسة السِّياحية سواء على المستوى المغاربي أو حتى العربي والإفريقي لأن الاهتمام بقطاع السِّياحة الدينية لا يوليه المسؤولون عن قطاع السِّياحة الاهتمام اللازم في ظلِّ غياب الهياكل القاعدية والبنى التحتية من فنادق مخصصة لاستقبال الوفود السِّياحية الدينية أو نقص وسائل النقل المخصصة لنقل السُّياح إلى تلك الأماكن والمزارات الدينية بالأخص وأن الكثير منها تقع خارج المدن الكبرى وفي أماكن نائية. فالسِّياحة الدينية يمكن أن تكون رافداً اقتصادياً مهماً إن توفرت هناك الإمكانيات والميكانيزمات اللازمة بالإضافة إلى الإرادة السِّياسية لإحداث التغير المنشود في هيكلية الاقتصاد الوطني والخروج من دائرة التبعية لقطاع المحروقات حيث أن السوق النفطية العالمية تعتبر سوقاً متذبذبة وغير مستقرة فالجزائر التي تعتبر بلداً نفطياً من الدرجة الأولى. إذ أن حوالي 90 بالمائة من مداخيل البلاد من العملة الصعبة تأتي من قطاع المحروقات وبالتالي صار الوقت كما يؤكد على ذلك الكثير من خبراء الاقتصاد الوطني لتفكير في بدائل أخرى لتنويع مصادر الدخل وبالطبع تعتبر السِّياحة الدينية من أهم الحلول الممكنة والمتوفرة لذلك ولا تحتاج البلاد إلاَّ إلى مخطط وطني وإستراتيجية سياحية يقوم على إعدادها مختصون وخبراء بالقطاع من أجل استغلال تلك الأماكن والمزارات الدينية المهملة في معظمها للتحول الجزائر إلى وجهة سياحية مهمة في منطقة شمال إفريقيا. وبالإضافة إلى المزارات الدينية الإسلامية في الجزائر فإن هناك العديد من الكنائس التاريخية الموجودة فيها منذ الحقبة الاستعمارية ومنها على سبيل المثال لا الحصر كنيسة السيِّدة الإفريقية بالعاصمة والتي تم تدشينها سنة 1872م وهي خاصة بالطائفة المسيحية الكاثوليكية بالإضافة إلى كنيسة القديس أوغسطين بمدينة عنابة والتي تم بناؤها في الفترة الممتدة من 1881-1900م وتطل على الواجهة البحرية لميناء عنابة فالتنوع الحضاري والتمازج الديني والثقافي الموجود في الجزائر يعطي السائح الأجنبي فرصة لزيارة العديد من المعالم السِّياحية الدينية الخلابة التي يجمع بعضها بين الفن الإسلامي الراقي في فن العمارة وبين الفن البيزنطي والمغاربي وهو شيء ربما يكون استثنائياً وقلما نشاهده في الدول المجاورة الأخرى فالدولة الجزائرية مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى استغلال تلك الأماكن السِّياحية والترويج لها على نطاق واسع والتسويق لها في مختلف المؤتمرات الدولية والمنتديات العربية والإقليمية الخاصة بترقية وتطوير قطاع السِّياحة وخاصة الدينية منها إن كانت جادة فعلاً في مسعاها لإيجاد حلول ناجعة للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعرفها البلاد حالياً.