المسلم إذا قام بصيام رمضان وحرص على تحصيل التقوى كان رمضان له حجة يوم القيامة ودليل وبرهان على صدق إيمانه وتقربه إلى ربه بطاعته وإخلاصه له سبحانه بل يكون هذا الصيام شافعاً له حاجزاً له عن النار بإذن الرحيم الغفار ونستشهد لذلك بما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفِّعني فيه فيشفعان [أحمد (6337) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1429)] فالصيام الذي تحققت به التقوى وسلم من كل لغو وحُفِظَ من كل شين وأُتقن غاية الإتقان سيكون لا شك شافعاً لصاحبه وحجة له عند ربه -سبحانه وتعالى- وهذا الصيام هو الذي يمنع صاحبه من تناول ما أبيح له من طعام وشراب وشهوات استجابة لله وإخلاصاً له سبحانه فالصيام الذي يجب أن نسعى لتحقيقه هو: منع البطن عن المأكولات والمشروبات ومنع الجوارح عن ارتكاب المحرمات مع استغلال الوقت في طاعة الله بالحفاظ على فرائض الصلوات والإكثار من النافلات وقراءة القرآن بالتدبر والتأمل ومحاولة العمل وتفقد أحوال المساكين والإحسان إلى الناس -وبخاصة الوالدين والأقارب الأقرب فالأقرب- مستلهمين الحكمة التي لأجلها شرع الصيام عاملين على تحقيق ذلك وبهذه المواصفات سيكون صيامنا -بإذن الله- حجة لنا وشاهداً. وإن لم يكن كذلك فكما قال الشاعر: وويل لمن شفعاؤه خصماؤه والصور في يوم القيامة ينفخ فبدلاً من أن يكون القرآن والصيام شافعان لصاحبهما حجة له يصبحان خصمين له لأنه لم يحقق العلة والمقصد من مشروعية الصيام بل ارتكب المخالفات التي تتنافى مع شهر الصيام فلم يراع له حرمة ولم يعظم له قدراً ترى نهار هذا المسكين قد قضاه في النوم عن الصلوات وإذا استيقظ أطلق للسانه العنان للولوغ في أعراض الناس وأكل لحومهم وأما ليله فيمضيه في السهر على القنوات ومتابعة المسلسلات والفضائيات وتصفح مواقع الإنترنت وهكذا ديدنه وحاله في شهره فكيف سيكون هذا الشهر حجة أو شاهداً له؟ على العكس سيكون هذا الشهر حجة وشاهداً وخصماً عليه ومن كان هذا حاله كان حظه من صيامه الجوع والعطش. نسأل الله أن يجعل شهر رمضان شاهداً لنا لا علينا وحجة لنا لا علينا.