تنامي مخيف للظاهرة في الجزائر إدمان الأطفال على ألعاب الفيديو يُثير قلق الأولياء * مختصون يحذّرون من عواقبها الوخيمة على نفسية الطفل تعرف ظاهرة إدمان الأطفال على العاب الفيديو تناميا يثير القلق في الجزائر وفي غيرها من الدول العربية والغربية على حد سواء خاصة وأنها أصبحت ظاهرة عالمية تهدد بانحرافات سلوكية خطيرة واضطرابات نفسية قد تؤدي الى الانتحار في أوساط الأطفال ما ادى الى تشكيل لجنة قطاعية مشتركة نصبت منذ أشهر لمحاولة احتواء الوضع والوقوف على دوافع الإدمان على الألعاب الالكترونية والوقاية من المخلفات السلبية للظاهرة. خ.نسيمة /ق.م يجمع الأولياء أن الألعاب الالكترونية بمختلف أنواعها اصبحت الرفيق الدائم لأبنائهم بحيث تعد من بين الملهيات المفضلة في أوقات الفراغ وبذلك حلت محل المطالعة واثراء العقل بالمعارف العلمية واضحت تشكل خطرا حقيقيا على الأطفال بسبب العزلة الدائمة ناهيك عن بعض الأمراض العضوية التي تلحق أطراف اليد والعينين والظهر من دون ان نغفل الأمراض النفسية التي تسببها أغلب الألعاب. أبناؤنا خارج مجال التغطية أكدت سامية أم أمين البالغ من العمر 8 سنوات والمهووس بحمى الشبكة العنكبوتية و سحر الشاشة الصغيرة كما يجمع عليه عديد أقارب هؤلاء الصغار المتشبثين بأجهزتهم الالكترونية ما يعطي الانطباع أنهم منعزلون تماما عن محيطهم او خارج مجال التغطية حسب البعض لكي تبقى ضمن سياق المصطلحات الرقمية انه حتى وإن تركته طوال اليوم فإنه لن يبتعد من لوحه الالكتروني و العاب الفيديو . من جانبها أشارت مليكة الموظفة في بنك عمومي وأم لطفلين يبلغان من العمر 6 و8 سنوات الى أنني أحاول تحديد الوقت الذي يقضيه اطفالي في الألعاب لكنني بصعوبة أقر بذلك حيث يتحتم عليّ احيانا بسبب الأشغال المنزلية ان استسلم وأتركهم على راحتهم لانها كذلك طريقة اخرى لتركهم منشغلين ومنعهم من التشاجر فيما بينهم . وأضافت أن انشغالاتها تمنعها من مراقبة المضامين التي تثير اهتمام هؤلاء الصغار مكتفية بمطالبتهم بأن لا يتصفحوا إلا ما يتماشى مع سنهم مؤكدة أن الأب هو الذي يتكفل مساء بمراقبة التطبيقات التي تم تحميلها و طبيعة الالعاب التي يتعاطونها مشيرة الى أن التربية الجيدة لأولادها تعتبر في حد ذاتها صمام أمان . لا أمنعهم لكن أراقبهم أما أحمد الموظف بإحدى الإدارات العمومية فلا يرى الأمر على هذا النحو حيث يؤكد بخصوص ولديه على التوالي 6 و 7 سنوات انني أطمان دائما على مضمون الألواح الالكترونية لطفلي اللذين وعلى غرار اترابهم مهووسون بالعاب الفيديو . وأضاف قائلا انه مع الاستمرار في مرافقتهم اصبحت ملما بمصطلحات عالم الألعاب الخاص بهم مشيرا الى كلمات على غرار اكس بوكس و بلاي ستايشن4 أو العاب مثل ستريت فايتر الخ وهي الهواية المفضلة للأطفال الصغار. كما أكد قائلا بالنظر الى سنهم فإنني أحرص على التاكد من انهم لا يلجؤون الا الى الألعاب الترفيهية والتربوية و التي من شانها ان تنشط إبداعهم وخيالهم معربا عن ذهوله للجوء اطفال صغار في السن الى العاب تحتوي على اعمال العنف المفرط على غرار اساسنز كريد (مذهب القتلة) حيث ان هذه الاخيرة عبارة عن سلسلة العاب فيديو للحركة والمغامرات إذ يلجأ الأبطال أحيانا الى القضاء على منافسيهم. أما اباء اخرون فيقرون للاسف بانهم لا يتحققون من هواتف وحواسيب اطفالهم حتى ان البعض اكد انهم لا يفقهون شيئا من تكنولوجيا الإعلام الآلي فيما بررت فئة اخرى ذلك بتعذر منع اطفالهم من استعمال الانترنت . حماية الأطفال مسؤولية مشتركة في هذا الصدد أكد الدكتور ريغي سعيد طبيب نفساني و عضو في اللجنة القطاعية المشتركة التي تم تنصيبها في شهر جانفي 2018 على إثر حالات الانتحار التي سجلت في وسط الاطفال الذين تعاطوا لعبة الحوت الازرق حيث ان هذه الاخيرة تقوم على مبدأ التحدي وتنفذ في اطار 50 مرحلة وتتمثل الأخيرة في انتحار اللاعب قائلا ان الأمر يتعلق بظاهرة ثقافية بما ان العاب الفيديو تعتبر جزءا لا يتجزأ من طريقة عيش الطفل حتى انه لا يمكن تصور طفل لا يقوم بهذه الالعاب في هذه الأيام . تجدر الإشارة الى أن هذه اللجنة تسعى حاليا الى اعداد الرسائل التي يجب توجيهها للاطفال وأوليائهم و معلميهم من اجل تحسيسهم بأفضل طريقة يجب التحلي بها لمواجهة الألعاب ويتعلق الأمر بالوسطية بين الحظر الكلي او تترك لهم كامل الحرية. ويرى ذات المختص أن هناك علاقة تفاعلية بين الطفل والشاشة التي تمثل عديد المزايا لما تستعمل بشكل عقلاني ومنتظم مثل تحسين الوظائف المعرفية والانتباه البصري والتركيز و الخيال الخ. بالمقابل تعتبر هذه العلاقة خطيرة اذا لم تتم بعقلانية وينبغي منعها على الأطفال الذين تقل اعمارهم عن 10 سنوات. لابد من حظر الألعاب الخطيرة وفي معرض تطرقه لألعاب الفيديو فقد أكد على ضرورة حظر البعض منها حتى بالنسبة للمراهقين الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة على غرار المعركة القاتلة حيث ان هناك تبسيط خطير لمفهوم الموت مضيفا ان الأمر ينطبق كذلك على الألعاب والمضامين غير الأخلاقية حيث انه ينبغي توضيح دوافع المنع حتى يفهم سبب هذا القرار مشيرا في هذا الصدد الى مثال قراند ثافت اوتو (سرقة السيارات). أما بخصوص الحوت الأزرق اللعبة التي تعزى اليها سلسلة انتحار حوالي 200 طفل عبر العالم منها حالات في الجزائر فقد اكد الدكتور ريغي أن الأمر لا يتعلق بلعبة فيديو مخصصة للترفيه بطبيعتها وإنما الأمر يتعلق بشيء غريب يقوم على محاكاة مدى فضول المستعمل . و يرى ذات المختص ان القضية تتعلق بظاهرة تستوجب الدراسة العلمية لتفادي اي جدل مؤكدا على عدم كفاية الشهادات المتحصل عليها في الجزائر لدى اولياء الاطفال المتوفين عقب لجوئهم الى هذه اللعبة مذكرا انه حتى مصمم الحوت الازرق من اصل روسي لم يتم اتهامه لوقت طويل لكونه صرح انه لم يطلب من اي شخص الانتحار . الا ان الدراسات الاجنبية التي تمت حتى الان لم تؤكد -حسب قوله- وجود علاقة مباشرة بين الاعمال العنيفة و الاجرامية او غيرها و استعمال العاب الفيديو التي اصبحت تعتبر من العوامل الخطيرة متاسفا لغياب اي قوانين او معايير في الجزائر مطبقة في هذا المجال في الوقت الذي تباع فيه الالعاب المقرصنة في شوارع مدننا. للمدرسة دور بارز في التحسيس أما السيدة جميلة خيار عضوة اللجنة الخاصة بدراسة اشكالية ادمان الأطفال على العاب الفيديو ورئيسة الاتحادية الوطنية لجمعيات اولياء التلاميذ فقد دقت ناقوس الخطر منذ اشهر عقب حالات الانتحار المتعلقة ب لعبة الحوت الأزرق . وأضافت قائلة اننا اعطينا تعليمات لجميع الاتحاديات الولائية من اجل التكفل بهذا المشكل مطالبين مسؤولي المؤسسات المدرسية بتخصيص بعض الدقائق قبل بدء الدروس لشرح اخطار الاستعمال غير العقلاني للانترنت وذلك ما تم الشروع فيه منذ 3 اشهر بمساهمة مختصين في المجال. كما اشارت الى أن الأولياء هم المسؤولون الاوائل عن هذه القضية داعية هؤلاء الى عدم ترك اطفالهم لمدة ساعات امام العاب الفيديو ومضامين اخرى منعزلين في غرفهم قبل ان تستوقف وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام و الاتصال بتكثيف وتوسيع الحملة التحسيسية حول استعمال التطبيق الخاص بمراقبة الاباء لمضامين الانترنت الخاصة باطفالهم. و فضلا عن الاولياء فان السيدة خيار تعتبر هذه المشكلة قضية الجميع مشيرة الى وزارات الشباب و الرياضة و الداخلية و الاسرة و الثقافة الخ... لانه -حسب رايها- اذا لم يتم التكفل بالامور منذ الان فانه سيفوت الاوان بعد ذلك . وتجدر الإشارة في الاخير الى ان المنظمة العالمية للصحة قد اقرت مؤخرا بشكل رسمي بان ادمان العاب الفيديو يعد مرضا لانه يؤدي الى اضطراب وأصبح بالتالي مدرجا ضمن قائمتها الدولية للامراض.