* الشيخ قسول جلول الأنانية هي الغرور والتكبّر فالشخص الأناني يرى كل من حولهُ خدم وعبيد عنده وحُبه لذاته لا يفوقهُ حُب أي شيء فالأنانية أحد أكبر مظاهر العصر الذي نعيشه الأنانية في كل شيء! كنا نرى الأنانية الزائدة عند الأطفال بصورتها الحقيقية وتجليها الواضح فنجدهم عندما يولد لهم أخاً بعدهم تبدأ الغيرة في نفسهم فنجدهم في بعض الأحيان يضرب أخاه بدافع الغيرة وهي غريزة في الطفل فيجب على والديهم تعويدهُم وتعليمهم على الحُب وعدم الأنانية ولكن إذا كانت الأنانية عند الكبار فمن يهديهم ومن يرشدهم ومن يدلهم ؟ ظهرت هذه الآفة عند الكبار في مجالات كثيرةن وظهرت آثارها المدمرة في السياسة وفي الاقتصاد وفي اغلب المجالات. وهنا نقف وقفة مع ديننا في إرشادنا إلى الدواء من هذه الصفة الذميمة وهي الأنانية وبلغة القرآن تسمى الأثرة بالتعبير المتداول الأنانية ومن أدق تعريفات الأثرة: أن يختص الإنسان أو أن يخص الإنسان نفسه أو أتباعه بالمنافع من أموال ومصالح دنيوية ويستأثر بذلك فيحجبه عمن له فيه نصيب أو هو أولى به منافع مكاسب مراكز مكتسبات ميزات خصائص يخصها لنفسه ولمن حوله ويستحقها آخرون أو هي من حق الآخرين هذه هي الأثرة. فإذا لم تكن هناك قواعد موضوعية في إعطاء المكاسب ينهار المجتمع من ولى واحداً على عشرة وفي الناس من هو أرضى منه لله عز وجل فقد خان الله ورسوله. فإذا شاعت الأثرة في مجتمع تفتت وفقد تماسكه والحديث النبوي الشريف: عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْد قَالَ: رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُم)) حينما تعطي الفقير حقه وتعطي المريض حقه وتعطي المظلوم حقه وتعطي المشرد حقه وتعطي الجاهل حقه تعلمه أنت حينئذ تسهم في بناء مجتمع في بناء مجتمع لا يخرق وخرق المجتمع سهل جداً إذا كان مفككاً إذا كانفيه ظلم اجتماعي إذا كان فيه حقوق لا تؤدى فلذلك الأثرة أحد أكبر مظاهر العصر الذي نعيشه الطبع يتناقض مع التكليف:كلكم يعلم أن الطبع يتناقض مع التكليف قال تعالى:_فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى_ سورة النازعات وهناك آيات أنا أقول إنها قاصمة الظهر قال تعالى _ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَاد فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ_ سورة التوبة: الآية 24 لمجرد أن تؤثر بيتاً مريحاً وأن تغتصبه بقوة القانون وأن تمنعه صاحبه فأنت قد وقعت في هذه الآية وصار الطرق إلى الله ليس سهلا لمجرد أن تأخذ ما ليس لك أو أن تمنع الذي للآخرين فأنت متلبس بخلق الأنانية الممقوتةأنت بخير إن لم تبنِ عزك على إذلال إنسان أنت بخير إن لم تبنِ أمنك على إخافة إنسان أنت بخير إن لم تبنِ حياتك على موت إنسان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَة مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) والأنانية هي حب الإنسان لنفسه وعشقه للسيطرة والتملك وهي (الأنا) التي تجعل الإنسان لا يرى إلا نفسه ولا يهتم إلا بشخصه هو وهي غريزة فطرية في كل إنسان تظهر جلية عند الأطفال فهي علامة صحة إذا كانت في حدود معرفة مقدار الذات ووضعها في موضعها أما إذا تجاوزت حدود الذات إلى الغرور والتكبر واحتقار الآخرين واستصغارهم وتسفيه آرائهم والسعي إلى السيطرة عليهم فهنا مكمن الخطورة وأصل الداء وتخرج عن إطارها الطبيعي إلى المنهيات. فالشخص الأناني لا يجُبُ الاعتراف بالخطأ ويظن نفسه دائمُ الصواب كما قال الله عز وجل في مثل هؤلاء((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ))سورة البقرة الآية12 ويظنون أنهم من المعصومين عن الزلة والمعصية الأنانية هي الفردية الشرسة و حُب التمّلك والغيرة الجنونية التي تدفعُ الإنسان إلى إرادة السيطرة على أملاك الغير بدون حق فيدرج من الأنانية أشياءٌ كثيرة منها حُب الاتكالية والاعتماد على الغير وإراحة النفس والصُعود على أكتاف وظهور الآخرين بضمير ميت وبدون مُبالاة والأنانية أيضاً هي رغبة ذاتية للاستحواذ على حاجات الغير وتريده فقط لنفسها وتحرّمه على غيرها. الأنانية هي الغرور والتكبّر فالشخص الأناني يرى كل من حولهُ خدم وعبيد عنده وحُبه لذاته لا يفوقهُ حُب أي شيء والأنانية هي إتباع الأهواء الشيطانية بضر الآخرين والانتفاع الشخصي والأنانية هي حُب النفس لدرجة جُنونية التي تصطحبها الشهوات واللذات والخيلاء وقلة الإيمان وعدم الشعور بالآخرين والأنانية تجّر الإنسان إلى الفساد ونحن نجد الفساد في العالم كيف توسعت آفاقه ؟ كل ذلك بسبب الأنانية والأنانية هي حُب المالُ والجاهُ والسُلطة والأنانية هي أيضاً ملء للبُطون وجمع الثروات الطائلة بدون عناء وترك العناء للغير و يندرج من الأنانية أيضاً الحَسد وحُب التسّلط لدى الشخص. فالأناني لا يقبلُ النصيحة والإرشاد من أحد لأنهُ يجد نفسه أفضلُ من كل الناس ولا أحد مثلهُ في الكون فكيف يستمع للنصح؟ والأنانية أيضاً هي تمّتع وترّفه النفس على حِساب الآخرين وعدم حُب الخير لأحد ومثلا عندما تغار المرأة على زوجها غيرة جنونية حتى من أهله سوف تتحوّل إلى أنانية وحب للتملك والأنانية أيضاً هي حب النفس المطلق وأن الأناني لا يحبُ الاعتراف بالخطأ ويظن نفسه دائمُ الصواب ولأن الأناني ليس لديه مُحرمات بل يُحلل لنفسِه كل شي ما دامت مصلحتهُ موجودة والأنانية هي مرضٌ نفسي يحتاج للعلاج وهي أكبر سببٌ لأداء المُحرمات والأخطاء الشنيعة والأنانية هي داءٌ مدّمر لصاحبه فالأناني لا يُحبُ أحداً مشاركتهُ أي شيء بل يُحبُ أن يرى غيره يشقى وهو يرتاح ويُحب مصلحته ُ في بعض الأحيان أكثر من ابنه ومصلحتهُ فوق كل مصلحة والأنانية مشتقة من الأنا والغرور وغالباً يكون الأناني شخصٌ غيرُ مريح وغيرُ مرغوب فيه في أي مكان وخاصة في الأوساط الاجتماعية والعائلية والأنانية هي من فخ الشيطان ومن مكائد النفس الأمارة بالسوء لأن أخطر شر في هذه الدنيا هو شرُ شيطان النفس. ولكي نعالج هذا المرض العضال لابد من تكاتف جميع المجتمع من أسر وجماعاتص فالمجتمع والأسرة لهم دورٌ كبيرٌ في ذلك لأن المولود في الواقع يتأثر بالعوامل المحيطة به فيجب تعليمه وتعويده من صغره على عدم الأنانية وأن يحُب لغيره ما يحبه لنفسه وأن يجاهد نفسه حتى يصل إلى درجة أن يؤثر غيره على نفسه قال تعالى في وصف المؤمنين الصادقين: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) سورة الحشر. وعنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذ عَنْ أَبِيهِ مُعَاذ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَفْضَلِ الإِيمَانِ ؟ قَالَ:أَفْضَلُ الإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ للهِ وَتُبْغِضَ فِي اللهِ وَتُعْمِلَ لِسَانَكَ فِي ذِكْرِ اللهِ قَالَ: وَمَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَأَنْ تَقُولَ خَيْرًا أَوْ تَصْمُتَ. أخرجه أحمد كما يجب علينا أن نعود أنفسنا على حب التعاون والأعمال الجماعية والتقارب والمشاركة في الأعمال الخيرية وجمعيات النفع العام وأن يتعاون مع أهله وجيرانه وأصدقائه في مساعدة المحتاجين من الفقراء والأيتام والمرضى.