تختلف أوجه سرقة المواطنين والاعتداء على ممتلكاتهم، من النهب والاختلاس والنصب والاحتيال، ولكنّ هناك ظاهرة أخرى صدمت المواطنين ولا تزال تصدمهم، خاصة وأنها تقع أمام أعينهم، وفي الغالب لا يستطيعون أن أمامها شيئا، وهي استعمال اللصوص للدراجات النارية لسرقة المارة. مصطفى مهدي أمام حيرة المواطنين الذين كانوا قابعين يرون المنظر، لم تجد نسرين إلاّ البكاء على الموقف الذي تعرضت له، وهي التي كان تريد قطع الطريق، قبل أن يمر من أمامها دراجة نارية سلبتها حقيبتها اليدوية، والتي يبدو أن فيها كل ما تملكه من هاتف، وأموال، وأوراق، او هكذا قالت، وهي ترفع يديها إلى السماء تدعو الله أن يعاقب اللص، فلم يبق لها إلا ذلك. هذه الحادثة التي وقعت آخر شارع قايد مليكة، او "الرونفالي" حيث كان اللص مارا بسرعة، ولم تعلم نسرين إن كان أراد سرقتها من قبل، أو أنه انتهز فرصة تواجدها بالمكان، وأنها لم تكن ممسكة بالحقيبة بشكل جيد ليفعل، ولكن ما تعلمه أن لا احد من المارة كان يستطيع شيئا، لا الركوض وراء اللص بدراجته النارية السريعة، ولا التبليغ، وأضعف الإيمان كان أن يعزيها بعض المواطنين. لكن هذا الموقف ليس بالوحيد من نوعه، بل إنّ بعض الشباب فعلا صار يستعمل الدرّاجات النارية لكي يسرق المارة، بعضهم يفعل ذلك بعد تخطيط مسبق، وآخرون يجوبون الشوارع، ويبحثون عن ضحاياهم، وعادة ما يفعلون في شوارع وأحياء تكون قريبة من مقرّ سكناهم، فيعرفون أنّ الضحايا لا يعرفون الحي ولا سكانه، وهو ما قاله لنا رضوان، وهو بائع تبع وجرائد بحي "شاطوناف" قال لنا أنه شهد أكثر من مرّة حوادث مشابهة، ويضيف: "في مرّة من المرات اشترت مني سيدة جريدة، وخرجت إلى الشارع، وما إن وضعت رجلها على الرصيف، حتى مرت من أمامها دراجة يركبها شخصان، أول يقود، وثان خطف منها حقيبتها، لم تفهم شيئا، والتفت إلي كأنها تستفسر عن الوضع، ولا بد انه في تلك اللحظة ارتابت مني، وفكرت في أنني يمكن أن أكون قد اتفقت مع هؤلاء اللصوص على سرقتها، وفي مرة ثانية ، وحدث هذا قبل حوالي الخمسة عشر يوما، سرقت ذلك فتاة في الرابعة عشرة من العمر، كانت تتحدث في الهاتف النقال، فمر شاب بدراجة نارية، وأخذه منها، ورغم أن دراجته لم تكن سريعة، إلا أنها لم تستطع اللحاق به، ولا احد من المارة كان قادرا على أن يفعل، حتى صرت احذر زبائني الذين يشترون من عندي، خاصة وانه حتى وان كان شرطي المرور قريبا من المكان فهو غير قادر على التدخل، فكيف يمكنه أن يلحق بدراجة نارية تسير بسرعة مائة كيلومتر في الساعة، وتستطيع المرور حتى وسط الازدحام". هذه الظاهرة التي تزداد انتشارا في الشوارع، خاصّة تلك التي تكون بها حركة المرور سريعة، والتي لا يمكن فيها للمارّة والمواطنين أن يلحقوا بهؤلاء اللصوص، ولهذا فعلى المواطنين، وخاصّة منهم النساء والبنات، واللائي يكن أكثر عرضة مثل هذه الاعتداءات، عليهن أن يكن أكثر حذرا.