** أنا عروس جديدة أشعر بالخوف الكثير، وأقول لزوجي ذلك فينزعج، أنا أريد منه أن يطمئنني، لكن لم يفعل، أنا خائفة لما أشاهده في زمننا الحاضر من مشاكل الزواج، وكثرة الاختلافات الزوجية والطلاق. ولديّ مشكلة أخرى، حيث إن زوجي يريدني أن أذهب إلى بيتنا الزوجي، وأمي تقول لي: لا تذهبي حتى أقيم لك عرسا، وهي تجمع المال ليوم العرس.. أنا أعيش في ضغط بين زوجي وأمي، والخوف من حياتي المستقبلية.. أرشدوني ماذا أفعل؟ * في البداية أدعو الله لكِ بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير. لاشك أن الزواج حلم كل فتاة، وأمل تترقبه لتبدأ حياة جديدة سعيدة، لها طعم مختلف، بها تستمر الحياة، وتُثمر كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. والزواج نعمة من نعم الله فهو المودة والرحمة، وهو السعادة والألفة، وهو الستر والعفاف للرجل والمرأة على السواء، والزواج شعيرة من شعائر الله، عظّمها -سبحانه وتعالى- ورفع قدرها، وبقدر ما يُعظمها الإنسان، بقدر ما تسمو أهدافه وغاياته من هذه العبادة. لهذا- ابنتي الحبيبة- وأنتِ مقبلة على هذه الحياة الجديدة، عليكِ تجديد نيتكِ لله تعالى في إقامة أسرة مسلمة صالحة وإنجاب جيل عابد لله مصلح في الأرض. ولكل فتاة مقبلة على الزواج أن تعلم أن الحياة الزوجية ليست رومانسية وحبا فقط، بل مسئوليات متبادلة، يكون لكل طرف فيها مسئولية، وكما له حقوق فعليه واجبات، ولديه الاستعداد للتنازل عن بعض حقوقه لتحقيق السعادة لشريك عمره ولأسرته. فالحياة الزوجية حياة يريدها الله تعالى قائمة على السكن والمودة والرحمة، يقول الله تعالى: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" [الروم: 21]. ومادام اختيارك لشريك حياتكِ مبنيا على الدين والخلق في الأساس، كانت الحياة موفقة وناجحة بإذن الله، وطالما اقتنع عقلكِ بأن شريك حياتك هو الأنسب لك وأنه شخص مكافئ لك كان الطريق إلى القلوب والمشاعر الدافئة أسرع، وتعتبر الصراحة والوضوح من البداية سببا في تقليل الكثير من نقاط الاختلاف. ومع بداية الزواج قد تنشأ بعض الاختلافات بحكم أن كل طرف قد جاء من أسرة ومن بيئة مختلفة، وتعّود على أسلوب حياة معين، وهذا شيء طبيعي سيزول بالحب والود والعشرة، فلا تقلقي، وحتى تسير سفينة الحياة هادئة راسية وتدوم العشرة الطيبة أنصحك باتباع هذه النصائح: 1- جددي نيتك لله تعالى أن زواجكِ عبادة وطاعة لله ولإقامة أسرة مسلمة، واسألي الله قبل زواجك وبعده أن يمنّ الله عليكِ بحياة زوجية سعيدة. 2- اعرفي جيدا حقوق زوجكِ عليكِ، ولن أطيل في ذلك، فكثير من الكتب تتحدث عن هذه الحقوق، وقد اهتمَّ بهذا الجانب العديد من أهل الخير والفضل والعلم، فكتبوا وحاضروا حول ذلك بما فيه البركة والخير، ويكفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها". 3- اعرفي زوجك جيدا، ما يحبه وما يكرهه، واعلمي أنه جاء من بيئة مختلفة عن بيئتك، فحاولي فهمه والتأقلم مع شخصيته، احترميه بينك وبينه وأمام الناس جميعا وبخاصة أهله، في حضرته وغيبته، احتويه وتواضعي له، وكما قالوا "كوني له أمة يكن لك عبدًا، وكوني له أرضًا يجعلك سماءً". 4- اشبعي غرور زوجك وأشعريه دائما بثقتك به وأنه كل حياتك، تقبليه بمحاسنه وعيوبه، بإيجابياته وسلبياته، ابحثي عن إيجابياته وابرزيها، وغضي الطرف عن نقائصه وعيوبه، وكوني محبة له في كل الأوقات، واعلمي أنه أحق الناس بالبذل له ومحاولة إسعاده، وذلك بطيب الكلام وحسن التبعُّل والاهتمام بمأكله ومشربه ونومه وساعات راحته، وليكن هدفك الأسمى هو رضا الله. اثني على صفاته وأفعاله، وعلى ذوقه، وعلى خصاله الكريمة وآرائه السديدة وعلى تعبه وعلى حرصه على إسعادكِ، فهذا من شأنه تحفيزه على العطاء والاهتمام بك، أغدقي على زوجك بفيض حبك ومشاعرك وحنانك ولا تثقلي كاهله بما لا يطيق. 5- أحسني التعامل مع أهل زوجك، وعلى وجه الخصوص أبويه وأخواته، واحرصي على رضاهم والتودد إليهم، فهذا يسعد زوجك ويرفع قدركِ عنده. واصبري إن بدا منهم ما يضايقكِ أو تعتبريه تدخلا في حياتكِ، ولا تنسي أن لهم حقا عليه. 6- احذري أن تفشي سر زوجكِ لأي أحد حتى أمه، وحافظي على خصوصياته، وكوني له سترا وعطاء لعيوبه ونقائصه. 7- اصبري عليه إن كان عصبي المزاج أو سريع الغضب، أو به أي خصلة تمقتينها، وعامليه بالإحسان والتغافر والتغافل والمسامحة، وليكن شعارك دائما الصبر والتحمل والتضحية واحتساب الأجر من الله. 8- اعلمي أن تعلم الشئون المنزلية وأعمال الطبخ والغسل والتنظيف وتدبير المعيشة من أسس الحياة الزوجية، فحاولي قدر الإمكان الإلمام بهذه الأمور. ونصيحتي للأم الطيبة أن تعين ابنتها على البداية المباركة الخالية من أي إسراف أو تبذير فب ليلة الزفاف، وتسارع إلى لم شمل الأسرة الوليدة وتحيطها بالدعوات المباركات، وهنا أقول إن السعادة الحقيقية لا تكون بأي حال من الأحوال إلا بتقوى الله وخشيته، ومراقبته جل وعلا، وذلك بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه.. السعادة تكون لمن يُمسِي ويصبح وهمّه الله في السَّراء والضرَّاء، في الخلوة والجلوة.. همُّه هو مرضاة الله في كلِّ أحواله.