مصطفى مهدي ما من فتاة لا تضع العطر قبل خروجها، وحتى بعد ذلك في الشارع، وفي مقرات العمل، بل وحتى في الحافلة، حيث تخرج قارورة العطر الخاصة بها، وتضع منه على جسدها أمام البشر، ومن الفتيات، وهن كثيرات، من يفتقدن إلى الذوق، فيضعن الكثير من العطر، وفي كل ساعات اليوم، في الصباح قبل الخروج، وفي مقرات العمل، وكلما سنحت لهن الفرصة، وهو أمرٌ يمكن أن يكون مصدر إزعاج للمواطنين والزملاء، يقول لنا إسلام: "لقد صرتُ لا أحتمل رائحة العطر، وعبقه، بل صرت أشتاق إلى الهواء النقي، ففي مقر العمل تضع بعض الزميلات، سامحهنّ الله، كميات مُبالغاً فيها من العطور، ومن أنواع متنوعة، وهو الأمر الذي ينمّ عن قلة ذوق رهيبة، فإن كانت الفتاة لا تحسن وضع العطر فلم تفعل وتسيء إلى غيرها؟!" ولم يكن إسلام أقلّ غضبا واستياء من الظاهرة من صورية، والتي صارحتنا: "أنا فتاة وأحب العطر، ولكن لا أضعه هكذا فقط، وفي كلّ وقت، بل إنّ وضع العطر النسبة للمرأة مكروهٌ في الدين، وحتى في الحياة اليومية، إنه لمن المسيء أن تضع المرأة عطرا في الشارع، أو في الحافلة مثلا". قالت صورية هذا قبل أن تقص علينا ما وقع لها وهي تركب إحدى الحافلات: "كنت جالسة، وجلست أمامي فتاة في الثامنة عشر من العمر، وكانت تضع عطرا أعرف نوعه لأنني استعملته في الماضي، ثم، وفي الطريق، أخرجت من حقيبتها عطرا من نوعية أخرى وراحت تضعه، فاستأت للأمر، وطالبتها بان تكف، فقالت أنها تكاد تختنق من جو الحافلة، فنصحتها أن تفتح النافذة، ولم تفعل، بحجة انه لا احد يكره العطر، وفي الحقيقة أنا لا أكره العطور، ولكن إذا زاد الشيء عن حدّه انقلب إلى ضده". أما سوسن فحاولت إقناعنا بالعكس، تقول: "إننا نعيش في عصر ملوث، ونفتقد حتى إلى الهواء النقي، ولعلّ العطور هي الشيء الوحيد النقي الذي نستنشقه في أيامنا هذه، ولذلك لا أرى ما المانع من أن تتعطر الفتاة، صحيح أنّ الدين يحذر من هذه الظاهرة، على ما أعلم، ولكني أعتقد أنّ ذلك لا يعني أن لا نتعطر، خاصّة وأننا، ولدى خروجنا إلى العمل، نركب الحافلة، ونقتحم ميادين لا يدخلها، ربما، حتى الرجل، وهو الأمر الذي يجعنا مضطرين إلى التعطر، أنا أفعل، ولكني لا أضع كميات كبيرة، أي عندما أخرج وفي العمل، وأعتقد أن ذلك ضروري، وإلا كيف نفسر إقدام بعض الرجال على حمل العطور معهم، من تلك الأوروبية إلى المسك، وغيرها، ذلك لأننا في عصر جوه ملوث، ولا يمكننا أن نحافظ على نظافتنا دون اللجوء إلى العطر". أمّا الدين فهو صريح في هذه الظاهرة، أو هذا ما قاله لنا الشيخ منصور، شيخ مسجد الحرمين، بسيدي يوسف، ويوضح قائلا: "حذرنا نبينا عليه الصلاة والسلام من ظاهرة تعطر المرأة، فقال: "أيما امرأة تعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية"، وعند بعض النساء غفلة او استهانة يجعلها تتساهل في هذا الأمر عند السائق والبائع وبواب المدرسة، وقد شددت الشريعة على من وضعت طيبا أن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد، قال عليه الصلاة والسلام: "أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد ليوجد ريحها لم يقبل منها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة" وقد حددت الشريعة بان "طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه".