بمنتهى الصراحة أقول إنه قد أشكل عليّ الأمر هذا الأسبوع واختلط حابله بنابله نتيجة ما تناولته الصحافة وتناقلته وكالات الأنباء العالمية، وذلك بخصوص ما صرّح به الرئيس السابق للجزائر السيّد أحمد بن بلّة وكذلك فيما يتعلّق بمجلس التعاون الخليجي الذي قرّر أن يمتدّ شرقا، وأن يتوسّع غربا، حيث تمّ قبول كلّ من الأردن والمغرب بناء على طلبهما حسب ما أعلن عن ذلك من المجلس نفسه· وأكثر ما أدهشني في الموضوعين المشار إليهما هي التصريحات غير المسبوقة للرئيس أحمد بن بلّة بخصوص أصوله العرقية، فنحن كجيل استقلال لم نعرفه إلاّ من خلال تاريخ الثورة وبعد أن أطلق سراحه الرئيس الشاذلي بن جديد بداية الثمانينيات، ولم يحصل لنا شرف معرفة أفكاره وتوجّهاته عن كثب إلاّ خلال التسعينيات، وبعد أن كرّمه فخامة رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة حينها لفت انتباهنا وأثّر في توجّهاتنا السياسية والفكرية، خاصّة حين صرّح في أكثر من مكان قائلا بخصوص التصحيح الثوري الذي قاده الزّعيم الرّاحل هواري بومدين: "إذا كنت قد أخطأت فقد نلت جزائي، وإذا أخطأوا هم فاللّه يسامحهم" في إشارة منه إلى أنه تجاوز كلّ ما كان قد أصابه جرّاء الاعتقال وإنهاء فترة حكمه بدءا من تاريخ 19 جوان 1965· غير أنه عند ما صرّح لمجلّة "جون أفريك" الأسبوع الماضي بأن والديه من أصول مغربية بالرغم من أن كلّ الجزائريين لم يخطر ببالهم أبدا وحتى أنهم لم يسألوا عنه مطلقا أكان جزائريا خالصا أو مغربيا نتيجة حبّهم له وللمواقف المشرّفة التي لازمته طوال حياته، وقد كانت هناك أغان شعبية وأهازيج يردّدها الشعب الجزائري إبّان الثورة وعشية الاستقلال تتغنّى ببطولة أحمد بن بن بلّة خلال الكفاح المرير للجزائريين ضد فرنسا الاستعمارية، هذا زيادة على موقفه وولائه للشعب الجزائري الذي خرج عن بكرة أبيه كرجل واحد يوم أن تنادى في النّاس بقوله: "يا الخاوة راهم حفرونا" في إشارة إلى الاعتداء المغربي ومطالبته بتندوف وبشّار صبيحة الاستقلال· وباعتذار المغرب عن قبول دعوة الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي يكون قد فعل خيرا وجنّب المنطقة الكثير من التأويلات التي لا تخدم طموحات شعوب المغرب العربي الكبير، أمّا المملكة الأردنية فإن أهلها أدرى بشعابها·