الطريقة التي تمّ بها تعيين خليفة عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وزير خارجية مصر بعد انتفاضة شباب 25 جانفي تدلّ على أن في الأمر كما يقال "إنّ"، وأن ما وراء الأكمة ما وراءها· فبين ليلة وأخرى تمّ سحب المرشّح القطري عبد الرحمن عطية الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي وإقصاء مرشّح مصر مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى المصري، وهذا الأخير كان محلّ تحفّظ الكثير من الدول العربية ومن بينها الجزائر نظرا لموقفه السلبي اتجاه الجزائر عقب الأحداث الكروية التي عصفت بالعلاقات الجزائرية المصرية· وحسب المعلومات المسرّبة فإن من كان يحرّك خيوط اللّعبة هي قطر رغم التصريح بأن تعيين وزير خارجية مصر كان محلّ توافق من قبل جميع الدول العربية، وهذا وفق ميثاق الجامعة نفسها، والذي تمّ تعديله في دورة الجزائر سنة 2005· غير أن الأمر في الأخير أصبح لا يعني في شيء الشارع العربي، وهذا لأن الجامعة لم تعد بيتا للعرب، زيادة على أنه ومنذ عودة الجامعة إلى مقرّها الأصلي سنة 1990 بعد أن كانت مؤقّتا في تونس تقرّر ولو بصفة شكلية أن يكون أمينها العام من بلد المقرّ، وهذا ما حصل فعلا ولا يمكن الخروج عن ذلك، وما ترشّح عطية إلاّ ذرّ للرّماد في العيون وورقة ضغط على مصر بغرض المساومة واختيار من يناسب قطر والدول الخليجية، ذلك لأن الجامعة التي تجمّد عضوية بلد عربي وتطلب من مجلس الأمن أن يطبّق عليه الفصل السابع من ميثاق الأمم المتّحدة، وهو ما يعني أن هذا البلد أصبح يهدّد الأمن والسِّلم العالميين، لا يمكن أن يثق أو يعوّل عليها أيّ بلد عربي، فقد يحصل له ما حصل للشقيقة ليبيا· إن الطامّة الكبرى هي أنه في الوقت الذي نحيي فيه الذّكرى ال 63 لنكبة فلسطين، نسجّل فيه الغياب المطبّق لما يسمّى "جامعة الدول العربية"، خاصّة وأن إسرائيل المغتصبة ارتكبت مجزرة في حقّ الفلسطينيين المطالبين سلميا بحقّهم في العودة واسترجاع أراضيهم المحتلّة من قبلها لعقود، لكن لا حياة لمن تنادي، فما أخذ بالقوّة لا يستردّ إلاّ بها·