المجتمع الجزائري المعروف دوما بنسبة الشباب الكبيرة فيه، يعرف في العقود الأخيرة تضخما في فئة الشيوخ، فمن بين 10 أشخاص نجد 3 او 4 شيوخ، فنسبة ال 75 بالمائة شباب تضاءلت بشكل ملفت، فكل الدراسات والإحصائيات تؤكد أن المجتمع الجزائري يشيخ تدريجيا. قدرت آخر الإحصائيات حسب الديوان الوطني للإحصاء نسبة الشيوخ في الجزائر ب 3,5 ملايين، وزيادة معدل الحياة لأكثر من 70 سنة، والرقم مرشح للزيادة لبلوغ 10 ملايين في السنوات القليلة المقبلة. فأينما وليت وجهك في العاصمة تقابلك فئة الشيوخ التي تملا كل الأمكنة العامة، في المقاهي، في طوابير الإدارات، في الحافلات، وفي الأسواق. حتى انه ليخيل للمرء أن المجتمع الجزائري كله شيوخ وكهول، فأين الشباب؟ الشبان يقولون أنهم يبحثون عن حلول لمشاكلهم بالموت حرقا، شنقا، أو بحرا فيما يسمى بقوارب الموت، وقد سجلت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في نسب الانتحار في أوساط الشباب ما بين سن 18-30 سنة وحتى الأطفال ما بين12 -16 سنة هم كذلك يجربون كل وسائل الانتحار حتى قبل أن يبدؤوا حياتهم. أما الباقون من الشباب فهم لا يجدون العمل أو السكن إلا في سن متقدمة، فلا يستطيعون ولو أرادوا إنجاب العديد من الأطفال، فسنهم يجبرهم على طفل او طفلين عل الأكثر. الزواج في سن متأخرة والظروف المعيشية الصعبة تلزم الجزائري بقلة الإنجاب، كما ساهمت موانع الحمل الحديثة في تقليص نسبة النمو بشكل كبير. فلقد كان تنظيم النسل لدى العائلة في بادئ الأمر تقليدا أما الآن أصبح إلزاما من الظروف المعيشية. ويؤكد المختصون والأطباء أن حالات العقم تضاعفت بنسبة كبيرة خلال العشر سنوات الأخيرة ورغم الحلول الحديثة الميسرة لعلاج عدم الإنجاب كالتلقيح الاصطناعي، إلا أن المواطن الجزائري البسيط لا يستطيع دفع تكاليفه الباهظة لدى الخواص، أما المستشفيات التي تقدم هذه الخدمة على قلتها، فدور المريض لا يأتي أبدا كعادة المصالح الصحية عندنا، كما يؤكد المواطنون الذين يعانون من عدم الإنجاب ومن سوء ظروفهم الاجتماعية. تقول السيدة " زهرة" الساكنة بحي المدنية البالغة من العمر68 سنة، أنها إلى الآن لم تتقبل شيخوختها وبطء حركتها، بعد أن كانت ذات صحة جيدة في شبابها، يضرب المثل بها في النشاط والحيوية، والآن هاهي لا تستطيع فعل أي شيء دون مساعدة احد أما الحاج "عمار" الساكن بالقصبة البالغ من العمر 75 سنة، فيقول انه منذ تقاعده وهو يحس انه أصبح عالة على عائلته، خصوصا بغياب زوجته التي توفيت منذ ثلاث سنوات، وزادت حالته سوءا بعد إصابته بمرض ارتفاع ضغط الدم، وزادت آلام المفاصل من بطء حركته وصعوبة خروجه تنقله عبر سلالم القصبة. ويطالب المسنون في الجزائر بقانون يحمي حقوقهم ويعتني بهم في حالة عدم وجود دخل يكفي حاجياتهم المتعددة، خاصة منها الصحية. أما اليوم العالمي للمسنين الموافق ل 27 افريل من كل عام، فالمسن الجزائري لا يعترف به، بل هناك من لم يسمع به ابدا. كما يؤكد المسن الجزائري على أن وجود دور العجزة تجرح شعوره، فمكانه الحقيقي في بيته مهما كان سنه أو حالته الصحية، فهذه المراكز في الأصل يقول يجب أن تخصص للأشخاص الذين هم بدون مأوى والمشردين. فمخاطر الانحدار المسجلة في شيخوخة المجتمع الجزائري ترجع أساسا لقلة الإنجاب، فتراجع نسبة الشباب ينعكس على زيادة قسم المسنين في الجزائر، ففي مطلع الثمانينات مثلا ، كان لكل أسرة 7 أطفال أو أكثر، أما الآن فما بين طفل إلى طفلين لكل أسرة أو ربما لا أطفال، و ذلك لأسباب متعددة التي من أهمها سوء الظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي بدورها تولد أزمات متعددة تساهم بشكل مباشر في تدني نسبة النمو، لكن حلها ليس مستحيلا .