قبلة الفقراء وعابري السبيل في رمضان كورونا يُغيّب مطاعم الرحمة في الجزائر من المؤكد أن حلول رمضان في هذه السنة سيكون مختلفا عن السنوات الماضية لدى الجزائريين وكافة المسلمين بسبب تأثير فيروس كورونا الذي سيغيّب بعض العادات الراسخة منذ سنين منها موائد الافطار الجماعية التي كانت تجمع المعوزين وعابري السبيل وتنظم قبل ايام من رمضان الا انها ألغيت في هذه السنة وحلت محلها المبادرات الخيرية وتقديم المساعدات المالية وطرود الاغذية للعائلات المعوزة. نسيمة خباجة من الصعب جدا تصوّر غياب مطاعم الرحمة أو موائد الرحمان التي كانت تشع نورا ورحمة على الجزائريين فهي منبع للدفء الاجتماعي الذي يعوّض الدفء العائلي لمن أجبرته الظروف القاهرة على التزود بوجبة الافطار في مطاعم الرحمة التي كانت تملأ الشوارع وتجسد أسمى معاني الخير والتضامن في جزائر الخير. لكن الظروف الصحية الصعبة التي نجتازها في هذه السنة مع انتشار فيروس كورونا في الجزائر وفي العالم غيّبت بعض العادات والسلوكات التي الفناها منذ امد بعيد في اطار الاجراءات الاحترازية لمنع انتقال عدوى الفيروس. مطاعم الرحمة مغلقة موائد الرحمة تجمع مئات الصائمين عبر الشوارع والازقة من اجل تناول وجبة الافطار جماعة وخلق جو بين المحتاجين وعابري السبيل شبيه بالجو الاسري كما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية بحيث تزدحم شوارع الأحياء الجزائرية بموائد إفطار جماعية ينظمها المحسنون وجمعيات الخير لإفطار المعوزين وعابري السبيل لكن هذا الأمر يبدو مستحيلاً في الظروف الحالية التي يميزها استمرار انتشار الفيروس الذي يفرض التباعد الاجتماعي للوقاية مما يجعل تنظيم تلك المطاعم مستحيلا. لكن غياب تلك البصمة الاجتماعية الرمضانية التي طبعت الجزائريين في كل سنة ليس أمرا هينا سواء على الجمعيات المنظمة أو على ايادي الخير التي كانت تتجند لاقامة تلك المطاعم أو حتى على الفقراء والمحتاجين الذين حجزوا امكنة قارة لهم عبر تلك المطاعم للافطار الجماعي وتاه العنوان في هذه السنة بسبب جائحة كورونا وللأسف. ويؤكد أحد الشباب المحسنين الذي تعوّد مع أبناء حيه بالجزائر العاصمة على تنظيم مطاعم الرحمة أن الأمر صعب مع تطبيق اجراءات الحجر الصحي ومنع التجمعات ولا يمكن أبدًا المجازفة بالصحة العامة غير أنه لا يستبعد إذ ما استمر الوضع على حاله في توزيع وجبات إفطار دون التجمع داخل مطاعم وتساءل أصحاب المطاعم عن كيفية تقديم وجبة الإفطار للمحتاجين ومطاعمهم مغلقة وهو الأمر الذي فصلت فيه تعليمة إلغاء مطاعم الرحمة ومنع فتحها في اطار تدابير السلامة والوقاية من انتقال عدوى كورونا. الفضاء الأزرق بديلاً يقدم الفيسبوك أو الفضاء الازرق بعض الحلول والبدائل في ظل التباعد الاجتماعي وفي زمن الحجر الصحي بحيث صار سبيلا لالتقاء المجندين لفعل الخير من جمعيات خيرية ومجموعات شبانية من اجل جمع المعلومات عن الفقراء والعائلات المعوزة بغرض منحهم مساعدات مالية وقفة المحتاج وهو ما اخبرنا به الشاب مصطفى الذي كان ينشط دوما في اطار مطعم الرحمة في الحي الذي يقطنه بباب الوادي بحيث قال انه حوّل اهتمامه في هذه المرة بعد الغاء مطاعم الرحمة تزامنا مع الوباء الذي فرض الحجر الصحي إلى الفضاء الازرق من اجل جمع المعلومات حول العائلات المحتاجة ويقوم بالمبادرة مع مجموعة من اصدقائه قصد توصيل الاعانات والطرود الغذائية لها تزامنا والشهر الفضيل. فإلغاء مطاعم الرحمة كان صعبا على مختلف الجمعيات الخيرية والمجموعات الشبانية التي كانت تبرمج لتلك المطاعم الجماعية وحولت اهتمامها إلى توزيع التبرعات والمواد الغذائية إلى المعوزين بعد جردهم وجمع المعلومات عنهم عبر الفضاء الازرق. رمضان مختلف على المسلمين في العالم عشية استقبال شهر رمضان يقف العالم الإسلامي أمام مفارقة صنعتها جائحة فيروس كورونا في توقيت صعب فقد فرضت الأزمة التباعد في الشهر الذي يكاد فيه التواصل والتقارب أن يكون من العبادات فالشهر الفضيل معروف أنه شهر التزاور الأسري والتجمع والتدبر في أمور الدين والعمل الخيري والصلاة. 1.8 مليار مسلم يُقبلون على رمضان في هذه السنة ولم يشهدوا مثله من قبل في ضوء إغلاق المساجد وحظر التجول المفروض بسبب كورونا ومنع صلاة الجماعة حول العالم الإسلامي. وفي مختلف أنحاء العالم الإسلامي ولدّت الجائحة مستويات جديدة من القلق قبل شهر الصوم فقد ألقى فيروس كورونا بظلال قاتمة قبل حلول شهر التلاقي والروحانيات ظروف دفعت دول عربية عديدة إلى اصدار فتاوى تحدد كيفية أداء الشعائر الدينية خلال رمضان بالمنزل وأبرزها أداء صلاة التراويح غير أن الشهر يبدو مختلفا لملايين المسلمين.