-الجزء الثاني والخمسون- بقلم: الطيب بن إبراهيم عنوان الصورة متكونون من عدة جنسيات بلباس عربي بالأبيض *متكونون من البرازيل غربا إلى الفيتنام شرقا بالأبيض تعد إرسالية الأبيض سيدي الشيخ متعددة المهام وقد أشرنا في حلقات ماضية إلى الطابع التكويني لها وهنا نتناول مكانتها التكوينية الإقليمية والعالمية. حيث لم يتوقف تكوين طلبة إرسالية إخوة يسوع الصغار بالأبيض عند المتكونين القادمين من فرنسا وإيطاليا أو بالمستوطنين المقيمين بالجزائر ولا عند القادمين من دول أوروبا وإفريقيا لأنها دول لها علاقة قرابة وجوار جغرافي أو استعماري بفرنسا بل نتحدث عن المتكونين القادمين من أقصى الديار من أقصى الشرق وأقصى الغرب إلى إرسالية الأبيض إذ أصبحت للإرسالية مكانة عالمية وأصبحت تعج بالطلبة المتكونين الذين التحقوا بها من كل صوب وحدب من جميع أنحاء العالم بقاراته الخمس. بداية التكوين كانت بالطلبة الفرنسيين قبل غيرهم لأن الإرسالية كانت بمستعمَرتهم وهم أول من سمع بخبر تأسيسها من خلال صحافتهم التي تحدثنا عليها سابقا والتي حضرت حفل تأسيس الإرسالية لينضم إليهم لاحقا طلبة من باقي الدول الأوروبية ومع مرور الوقت أصبحت إرسالية الأبيض مدرسة تكوين عالمية يقصدها الطلبة المتكونون من جميع أنحاء العالم. ولنأخذ مثالا على ذلك من بعض طلبة السنة التكوينية 1954 1955 وجنسياتهم ودولهم التي قَدِموا منها من أقصى شرق الكرة الأرضية إلى أقصى غربها متجهين إلى إرسالية إخوة يسوع الصغار بالأبيض سيدي الشيخ بصحراء الجزائر. وعلى سبيل المثال وحسبما جاء في نشرية الديار ليوم 5 نوفمبر سنة 1954: الطالب المتكوِّن Francisco Pacheco كان قادما من البرازيل وكذلك مواطنه عباس دانيلو Danilo الذي كان يشتغل خياطا بمحل بمدينة الأبيض والمُتكوِّن Jean Benjamin قدم من هايتي والمتكوِّن Yvon Hamel جاء من كندا وAlfredo Pastot من مدينة ليما بالبيرو و Edouard Fougnapté جاء من الكاميرون والمتكونان Antôn Hö و Antön Nghi قدما من الفيتنام. أما متكونو السنة الموالية 1955 - 1956 فنأخذ منهم بعض الأمثلة : Tran Duong من الفيتنام وAndré Kouam جاء من الكاميرون و Hernan Zuniga من الشيلي وهذه النماذج فقط من أمريكا وإفريقيا وآسيا دون أن نشير هنا لعشرات متكوني فرنسا وأوروبا وهم يمثلون الأكثرية الساحقة. *السنة التكوينية عادة ما كانت تبدأ السنة التكوينية مع بداية شهر سبتمبر من كل سنة كما هو حال كل الأنظمة التعليمية لتنتهي مع نهاية الصيف بعد ذلك بعض المُتكوِّنين كانوا يعودون لإكمال دراستهم الأصلية في بلداهم ومدنهم والبعض الآخر كان يفضل مواصلة التكوين لكن أغلبية المتكوِّنين كان يتم توجيههم لأماكن عملهم الجديدة التي هي في أمسِّ الحاجة لهم وليس بالضرورة أن يتوجهوا إلى بلدانهم الأصلية ومن الأمثلة على بعض المتكونين المتخرجين من إرسالية الأبيض في شهر سبتمبر سنة 1955 والذين تم توجيههم الأسماء التالية: André Simoneau أُرسل إلى العراق و Jean Benjaminأُرسل إلى الكاميرون وGuy Norel إلى مدينة تامنغاست و Edouard Georgeأرسل إلى مدينة الجزائر وPierre Rollier إلى مدينة شارلوروا البلجيكية و Jean-Pierre Catteau أرسل إلى الدار البيضاء بالمغرب وCharles Culot أرسل إلى سريلانكا وDino Gerometta أُرسل إلى باكستان و Michel Martel إلى سانتياغو بالشيلي و Joseph Stretz إلى البيرو. *المُكوِّنون كان من أشهر المكوِّنين الأساسيين المستقِرِّين بالإرسالية المستشرق لويس غاردي ورئيس الإرسالية الأول الأب روني فوايوم ورئيس الإرسالية الثاني ميلاد عيسى. في البداية كان تكوين الطلبة يتم تحت إشراف رئيس الإرسالية القس روني فوايوم وهو رجل دين وخبرة بامتياز وهو الذي تم توظيفه لاحقا بالفاتيكان للاستفادة من خبرته ثم تلاه فيما بعد خليفته على الإرسالية القس ميلاد عيسى خريج إرسالية الأبيض نفسها والذي قال عنه رئيسه انه رجل إنجيلي وكان من أشهر أساتذة الدراسات الفلسفية بالإرسالية المستشرق لويس غاردي الذي قال عنه رئيسه انه رجل فكر ماريتاني أي نسبة للمفكر جاك ماريتان وكان برنامج الإرسالية ومدة التكوين بها يُحدّدان من طرف سلطة الفاتيكان. *التكوين في عهد الأب ميلاد عيسى تعتبر مرحلة رئاسة ميلاد عيسى للإرسالية مع نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات سنة (1947) الفترة الذهبية للإرسالية حيث بلغ التكوين ذروته بالنسبة لعدد المتكونين والمتكونات كما عرف تكوين الطلبة في عهد ميلاد تطورا نوعيا وهذا يعود كما قلنا لشخصية ميلاد الطموحة والمتحمسة للتنصير والصارمة في العمل. مباشرة بعد أن تسّلم ميلاد إدارة الإرسالية وبعد مدة قصيرة بلغت شهرا ونصف الشهر فقط اقترح على رئيسه السابق الاهتمام بالتكوين النّوعي لا الكمّي وبتخريج متكونين متجانسين أكفاء أفضل من تكوين كمي يعتمد على عدد المتخرجين. لقد كلَّم ميلاد عيسى رئيسه السابق روني فوايوم عن مشاريعه وأحلامه الطموحة حتى قبل أن يتحمل المسئولية وأثناء تسلمه رئاسة الإرسالية سنة 1947 كان عدد المقيمين بها ثمانية عشر شخصا منهم اثنى عشر متكونا ومنذ سنة 1948 بدأت أعداد المتكونين بالإرسالية تزداد وتضاعف العدد إلى أن بلغ أربعين متكونا وهذا أقصى عدد لها وهو عكس عدد المتكونات الذي بلغ في شهر افريل سنة 1955 أكثر من (170) مئة وسبعين متكونة. ويعترف ثالث رئيس لإرسالية الأبيض جون ميشال أنه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 أصبح عدد المتكونين القادمين لإرسالية الأبيض ثلاثين متكونا وما بين سنتي 1950 و1956 عرفت الإرسالية اكتظاظا وأصبحت الغرف المخصصة لإقامة شخص واحد ينام بها شخصان.