كم من الأجر ينال الصائم إذا كان صيامه لوجه الله؟ وكم من الإثم يطاله إذا شجع بضاعة عدوه؟ وهل إثم دعم اقتصاد العدو يزداد إذا حصل هذا الدعم في رمضان؟ الكمّ علمه عند الله سبحانه وتعالى. لكنني أعلم أن إلحاق الضرر بالأمة إثم عظيم يتجاوز الإضرار بالشخص، وهو إثم يصعب أن يوازنه أجر عمل فردي أو شعائري. هناك في الإسلام كفارات عن أعمال غير جيدة يقوم بها المسلم، لكنها كفارات تتعلق بأعمال ذات انعكاس فردي، لكن لا يوجد كفارات عن أعمال تسيء للأمة. ما هي كفارة جاسوس يقدم معلومات للعدو؟ وما هي كفارة من يقوم بالتنسيق الأمني مع العدو؟ وما هي كفارة من يقوم باختلاس أموال الشعب؟ وما هي كفارة من يقوم بدعم اقتصاد العدو من خلال شراء منتوجاته التي يمكن التخلي عن شرائها بسهولة؟ لاحظت أن أعداد الناس الذين يقيمون صلاة التراويح تزداد، لكنني لاحظت أيضا أن كميات التمر الصهيوني التي يشتريها المسلمون خلال الشهر الفضيل تزداد. أفهم أن الإيمان يقود إلى العمل الصالح، لكن الكثير من الأعمال التي أراها ليست صالحة. فماذا يعني هذا؟ ما الذي يدفع شخصا صائما ويقيم صلاة التراويح إلى الإفطار على تمر صهيوني؟ قطعا ليس الإيمان. فما الذي يدل على الإيمان فعلا: أهو الصوم والصلاة، أم السلوك العملي الذي يجب أن يترتب على الصيام والصلاة؟ إذا غاب السلوك العملي المتناسب مع متطلبات الإيمان، فإن الإيمان يصبح موضع شك. هناك من يعمل ليل نهار على كهْنَتة (من كهنوت) الدين أو رهبنته، وذلك بهدف تعطيل انعكاساته العملية، وليتحول إلى دين شعائر لا قيمة لها في الواقع العملي. هناك من يعدد للناس دائما فضائل كل ركعة، وكل سجدة، وفضائل التهجد، وفضائل قراءة كل سورة، لكنه لا يعدد فضائل نظافة الشارع، ولا فضائل الجهاد، ولا فضائل إقامة جامعة على أسس علمية، ولا فضائل بناء الأمة، ولا فضائل مواجهة الحاكم الظالم، الخ. الهدف هو تفريغ الدين من محتواه العملي ليصبح مجرد علاقة مباشرة بين المتدين والسماء، وهكذا يفقد الدين مفعوله وقيمته. أيهما أفضل: الصلاة في المسجد الأقصى تحت حراب العدو أم العمل على تحرير الأقصى؟ إذا كنتم تريدون شراء التمر الصهيوني ودعم اقتصاد العدو، فأنتم تصرون على بقاء الأقصى محتلا مستباحا. وإذا كنتم تريدون تحرير الأقصى، فعليكم دعم اقتصادنا الوطني بدعم الفلاح في أريحا وغزة لكي تزدهر عندنا زراعة النخيل، ونتحرر من اعتمادنا على عدونا في لقمة خبزنا. ولا خير في صيام لا ينبه مسلما إلى مخاطر دعم اقتصاد عدوه.