بقلم: الدكتورة سميرة بيطام * في تعريف السند القانوني توضيحات لأساس أي اعتماد لأي مشروع أو فكرة أو قضية أو اقتراح فالسند القانوني في مفهومه يتجاوز صلاحية الاعتماد على الاكتفاء بالقول أنه الأساس القانوني أو الركيزة القانونية التي يستمد منها الشيء أحقية التواجد أو الافتراض أو الاقناع فالتعريف بالكاد منعدم في مراجع القانون الا ما تضمنه كتاب المصطلحات القانونية في تعريف الكلمة أنها المصدر الشرعي ويبقى تداول المصطلح مقترنا بتقديم شروحات حول أي ملف او قضية متداولة قانونا فمن غير سند قانوني لا يمكن فهم أساس الشيء الظاهر للعيان وكأنه معتمد دوليا بنص قانوني ومنه كان افتراض تخميني في الغوص في السند القانوني لجائحة كورونا التي تناولتها منظمة الصحة العالمية بكثير من السطحية بالاعتماد على الجانب التقني أو الفني دون الغوص في الأساس التشريعي للجائحة ولا يمكن الاكتفاء بالقول أن الظاهرة المرضية جديدة والوقت لم يحن بعد لتكييفها التكييف القانوني اللازم لكن هذا لا يمنع من الاجتهاد من الآن فهناك قضايا سياسية دولية أخذت نصيبها من التشريع الدولي سواء باتفاقيات أو معاهدات أو قرارات في هيئة نصوص ديباجية لمشاريع قوانين تمهيدية يعني بالمختصر المفيد كان على مكتب الصحة الموجود بمنظمة الأممالمتحدة الشروع في اعداد مشروع قانوني لاحتواء ظاهرة كورونا كجائحة عالمية أضرت بصحة الملايين من البشر وأودت بوفاة الكثيرين وألحقت أضرارا بالاقتصاد الوطني بسبب الاغلاق للمجال البري والجوي والبحري ومنه نقص الحركة التجارية والتبادلات الانتاجية بصفة عامة ومنه نجد أن منظمة الصحة العالمية في عام 2020 أعلنت عن تفشي فيروس كوفيد -19 كحالة طارئة صحية عامة في جانفي ووصفت بأنها جائحة عالمية في مارس وأطلقت الأممالمتحدة استجابة شاملة لحالة الطوارئ الصحية العامة والإنسانية والإنمائية غير المسبوقة. ففي البداية أصبحت الملاريا وصحة النساء والأطفال ومرضى السل والأمراض التناسلية والتغذية والتلوث البيئي من أهم أولويات قرارات منظمة الصحة العالمية ولا تزال العديد من هذه الأولويات مدرجة على جدول منظمة الصحة العالمية اليوم وأضيفت إلى هذه الاولويات أمراض جديدة نسبيا مثل فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) ومرض السكري والسرطان والأمراض الناشئة مثل السارس (الالتهاب الرئوى الحاد) والايبولا أو فيروس زيكا. وتقود الآن منظمة الصحة العالمية الاستجابة الدولية لوباء فيروس كورونا -كوفيد-19.- وفي عام 1948 اتخذت منظمة الصحة العالمية على عاتقها مسؤولية التصنيف الدولي للأمراض الذي أصبح المعيار الدولي لتحديد وتسجيل الأمراض والظروف الصحية وساهمت منذ نشأتها في العديد من الإنجازات التاريخية في مجال الصحة العامة العالمية ومنها: المضادات الحيوية: كانت فترة (1950) الحقبة الكبيرة لاكتشاف المضادات الحيوية المعروفة اليوم وبدأت منظمة الصحة العالمية بتقديم المشورة بشأن مسؤولية الدول عن استخدامها. شلل الأطفال: في 1988 تم تأسيس مبادرة استئصال شلل الأطفال العالمية في الوقت الذي تسبب فيه المرض بإصابة أكثر من 35000 ألف شخص سنويا ومنذ ذلك الحين انخفض عدد حالات شلل الأطفال بنسبة تزيد عن 99٪ بسبب التطعيم ضد هذا المرض في جميع أنحاء العالم. مرض الجدري: في عام 1979 تم القضاء على مرض الجدري في أعقاب حملة التطعيم العالمي على مدار 12 عاما بقيادة منظمة الصحة العالمية. مرض السل: في عام 1995 أطلقت استراتيجية الحد من مرض السل وفي نهاية عام 2013 ومن خلال هذه الاستراتيجية تم الحفاظ على حياة أكثر من 37 مليون شخص من خلال تشخيص مرض السل وعلاجه. الإيدز والسل والملاريا: في عام 2001 استضافت منظمة الصحة العالمية في البداية الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا وهو آلية جديدة للشراكة والتمويل والذي أنشئ بالتعاون مع وكالات الأممالمتحدة الأخرى والجهات المانحة الرئيسية. معدل وفيات الأطفال: في عام 2006 إنخفض عدد الأطفال الذين يموتون قبل عيد ميلادهم الخامس إلى أقل من 10 ملايين طفل لأول مرة في التاريخ الحديث. أمراض القلب والسكري والسرطان: في عام 2012 وضعت الدول الأعضاء في المنظمة أهدافا عالمية للمرة الأولى لمنع ومكافحة أمراض القلب والسكري والسرطان وأمراض الرئة المزمنة وغيرها من الأمراض غير المعدية. فيروس الإيبولا: في عام 2014 إندلع مرض فيروس الايبولا بشكل كبير من أي وقت مضى في العالم في منطقة غرب أفريقيا وقامت أمانة المنظمة بتنشيط استجابة غير مسبوقة للفايروس ونشرت آلاف الخبراء والمعدات الطبية وقامت بتعبئة الفرق الطبية الاجنبية وتنسيق عملية إنشاء المختبرات المتنقلة ومراكز العلاج وفي عام 2016 أعلنت منظمة الصحة العالمية عن وصول حالات الايبولا في غرب أفريقيا إلى الصفر لكنها حذرت من احتمال تفجر المرض مرة أخرى ودعت البلدان في المنطقة إلى البقاء في حالة اليقظة والاستعداد. يبدو أن العام 2014 هو بداية الظهور للأوبئة التي لم تكن موجودة سابقا و يلاحظ أن منظمة الصحة العالمية تغفل دائما السند القانوني لظهور أي وباء فاليوم ما نلاحظه هو التكتم التام بشأن الحالة صفر وبشأن منطقة ظهور فايروس كورونا لأول مرة و كذلك التكتم بشأن سبب هذا الفايروس ما يجعل السند القانوني لاعتبار كورونا كوفيد 19 جائحة عالمية لا يحظى بالقبول لدى أوساط الخبراء المحايدين في مهنة الطب والبيولوجيا طبعا الترويض السياسي للجائحة أخذ قسطه من الاستثمار فأصبحت اصابات بعض ساسة الدول و كذا لاعبي كرة القدم فيه الكثير من التغليط عن طبيعة الاصابات والفئات المستهدفة دون اغفال فئة الأطفال التي يدور حولها شكوك بشأن تعميم لقاح مضاد للمتحور أوميكرون . ان اغفال منظمة الصحة العالمية للسند القانوني الذي على أساسه اعتبرت فايروس كورونا بمثابة الجائحة العالمية فيه مغالطة وتغليط للرأي العام خاصة مع بداية اتهام الولاياتالمتحدةالأمريكية في عهد دونالد ترامب لدولة الصين أنها مصدر الوباء مما حفز منظمة الصحة العالمية على التكتم مرة وافتراض الفايروس أن يكون منبعه حيواني راجع لنوع من الطيور هذا غير كاف للقول أن منظمة الصحة العالمية اعتمدت في تكييفها للظاهرة المرضية أنها جائحة اجتازت جميع دول العالم في غياب التفسير الحقيقي لأولى حالات ظهور التحورات السلالية الجديدة . فاذا كانت منظمة الصحة العالمية قد تعودت في برنامجها الانمائي مع الدول أن تغطي تدخلات في مختلف مجالات الرعاية الصحية على النطاق العالمي بما في ذلك التدخل في حالة الأزمات والاستجابة لحالات الطوارئ الإنسانية باعتماد اللوائح الصحية الدولية التي ينبغي على البلدان اتباعها عند تحديد انتشار الأمراض ووقفه ذلك الانتشار والوقاية من الأمراض المزمنة والعمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة هنا يطرح سؤال على طريقة تحقيق التنمية المستدامة في ظل جائحة كورونا ومع أنظمة صحية متعبة بسبب مواجهة الفايروس وهو ما بدى واضحا على انهيار الأطقم الطبية والشبه طبية في كفاية الوقاية من الفايروس فهنا يبدو نوع من التناقض بين تحقيق التنمية المستدامة للدولة المتضررة وبين فرض منطق الجائحة بغير سند قانوني يضمن محاسبة الدولة المتسببة في المرض مستقبلا ومحاكمتها أمام القضاء الجنائي الذي يفترض فيه الاستقلالية التامة و عدم المحاباة لمنظمة الصحة العالمية حتى لو كانت هي الراعي الرسمي لبرنامج مكافحة جائحة كورونا كوفيد 19. تبقى الاجتهادات مفتوحة وتبقى التساؤلات تطرح نفسها تباعا حتى يكتمل نصاب الاقتناع والحجية القانونية لدى المجتمع الشعبي والصحي خاصة أن المتضرر من الأزمة هم بشر ويصبح منطق المقاضاة القانونية محتملا في ظل ظهور المتحورات الجديدة التي لم تقدم منظمة الصحة العالمية الدورة الطبيعية للفايروس وعمره الحقيقي لينتهي..وعليه يمكن اعتبار من جملة التصحيحات هو مقاضاة منظمة الصحة العالمية لإخفائها بعض الحقائق حول فايروس كورونا لأنه يفترض وجود السند القانوني للجائحة ليكون عملها مبني على مشروعية رعاية صحية بشرعية قانونية دولية تؤيدها اتفاقيات دولية فيما بين الدول والمنظمة لضمان سلامة أكثر للأرواح وتوخي الحذر من أي جائحة أخرى مستقبلية وعليه اذا لم تكن هناك تصحيحات فاحتمالية تفشي أوبئة أخرى يبقى قائما لأن آلية المحاسبة غائبة أو مغيبة عمدا ليتم تمرير أي مشروع صحي بلا مساءلات وهذا مخل لقواعد القانون الدولي الانساني التي توجب بل تفرض حماية حقوق الانسان بما في ذلك الخصوصية الفردية من الانتهاك بسبب تلقي لقاحات يجهل لحد الساعة تركيبتها و مدى نجاعتها وربما يصبح نهوض الشعوب لمحاسبة أنظمتها على طريقة معالجتها لجائحة كورونا هو بمثابة المزيد من المطالبة بالحجج الدامغة أن دورة الفايروس ليست طبيعية والمستقبل كفيل بتوضيحات أكثر للحقيقة.