صحيح أن للجزائريين في رمضان أطباق مفضلة لا يمكن أن يستغنوا عنها، ولا يحلو لهم الإفطار إلاّ إذا ما رأوها على المائدة وصوت المؤذن يرتفع معلنا عن آذان المغرب، لكن مع ذلك، فان البعض، او الكثيرين يحنون إلى المأكولات التي اعتادوا عليها باقي أشهر السنة، وخاصّة تلك الخفيفة التي تصنع عادة في محلات الأكل السريع. أكثر التجار، وما إن يحل شهر رمضان، حتى يحولوا تجاراتهم إلى تجارات موسمية، ويتجهون إلى بيع الحلويات الرمضانية خاصّة، والتي يدركون أنها ستلاقي إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، أمّا آخرون فيفضلون أطباقا أخرى يبيعونها في رمضان، وهذا التغيير يمس أكثر شيء محلات الأكل السريع، التي تتوقف عن صنع البيزا والسندويشات وتستبدلها بقلب اللوز والزلابية. لك ليس هذا حال كل محلات الفاست فود، فهناك من فهناك من أدرك أن للمأكولات السريعة عشاقها، والذين لا يمكن أن يستغنوا عنها، حتى في رمضان، ولا ينسيهم ذوق القلب اللوز ولا غيره من الحلويات الرمضانية، نكهة البيتزا والشطائر "التشيز" والشواء بل وحتى "المحاجب" و"القرنطيطة" الأكلة الشعبية التي يحبها الجزائريون ويقبلون عليها بكثرة. ولأن محلات الأكل السريع التي مازالت محافظة على نشاطها نادرة، فان البعض صار يتنقل مسافات طويلة حتى يصل إليها، وحتى يتذوق أطباقه السريعة المفضلة التي قد يكون حرم منها لأيام او أسابيع او منذ بداية شهر رمضان، وقد زرنا بعض تلك المحلات التي كانت ممتلئة عن أخرها، منها محل حي الحصان الأبيض مختص في بيع السندويشات الخفيفة، إضافة طبعا إلى أكلات أخرى، وتحدثنا إلى بعض زبائنه ومنهم يونس، 20 سنة، والذي يأتي من حي يبعد بثلاث كيلومترا، يأتي هو وأصدقائه الأربعة، ليستلذوا ذوق أكلتهم المفضلة "التشيز"، يقول لنا يونس:"في أشهر السنة العادية، وعندما أعود من العمل، أمرّ من هذا المحل، ولا استطيع حينها مقاومة رغبتي الشديدة في تناول "سندويش تشيز"، خاصّة وانه يتقن صنعه، كما أن لديه من التوابل والإضافات التي تجعل طعمه مميزا، أما في رمضان فالأمر لا يختلف، فرغم أنني حرمت من أكلتي هذه خلال ساعات النهار، إلا أنني آتي في الليل مع أصدقائي بالسيّارة، او حتى مشيا على الأقدام، ونجلس لمدة قبل أن نعود، فنحن نمضي سهراتنا، او اغلبها، بهذه الطريقة، عوض الجلوس في محشاشات الحي ولعب الدومينو طيلة الليل". وبعدها اتجهنا إلى حي هواء فرنسا، والذي يعرف إقبالا منقطع النظير خاصة في رمضان حيث يقدم إليه زبائن من مختلف مناطق العاصمة، وقد وصلنا إليه في حدود الحادية عشرة ليلا، وتحدثنا إلى بعض الزبائن، ومنهم أنيسة التي كانت رفقة مهدي، قدمت من الجزائر الوسطى لكي تتذوق أكلتها المفضلة وهي البيتزا، قالت لنا:"في أشهر السنة العادية لا اقبل على "البيتزا" التي أحبها مثلما هو الحال في رمضان، ربما ما يجعلني اشتاق إليها أن كل المحلات تتوقف عن صنعها في هذا الشهر، وحيث اسكن تحول كل المحلات إلى صنع الحلويات الرمضانية، ما جعلني آتي إلى هنا لاستطيع تذوقها، ورغم أنني أجيد تحضيرها في المنزل، إلا أن مذاقها في هذه المحلات يختلف"، أما مهدي فقال لنا:" في الحقيقة أنا لا أحب البيتزا كثيرا، ولكن قدمت إلى هنا وقوفا عند رغبة أنيسة، والتي أردت أن أرافقها لأنها أغلى ما عندي، او تكاد تكون كذلك، أمّا أنا فاحي أن أتناول في رمضان "المحاجب"، لكن في البيت لا يحبذون صنعه في هذا الشهر، كما لو انه محرم، وحتى محلات الأكل السريع توقف عن ذلك، إلاّ المحلات بدالي إبراهيم، والذي اذهب إليه من وقت لآخر".