الفريق أول شنقريحة يستقبل من طرف رئيس أركان الدفاع للقوات المسلحة الهندية    الوزير الأول"نذير العرباوى" يشرف غدا مع نظيره التونسي على إحياء ذكرى ال 67 لأحداث ساقية سيدي يوسف    وزير الاتصال"مزيان ومحمد " يسلم رسالة خطية من رئيس الجمهورية إلى نظيره الغاني    المغرب يلجأ إلى الأساليب الخبيثة ل"شرعنة" احتلاله للصحراء الغربية    التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: قبول 99 ملف تصريح بالترشح إلى غاية الخميس    جبهة القوى الاشتراكية تعقد دورة استثنائية لمجلسها الوطني    ألعاب القوى (تجمع فزاع الدولي بالإمارات): مشاركة ثلاثة رياضيين جزائريين في الموعد    الصيدلية المركزية للمستشفيات "فاعل أساسي" في تزويد المستشفيات الوطنية بالأدوية    كرة القدم/الكأس الجزائرية الممتازة-2024 (مولودية الجزائر- شباب بلوزداد): مرشحان في رحلة البحث عن أول لقب للموسم    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    المغرب : هيئة تجدد موقفها المناهض للاختراق الصهيوني وتجريم التضامن مع القضية الفلسطينية    "الأونروا" تحذر من مخاطر تعرض مئات آلاف الفلسطينيين في غزة للبرد القارس    الجزائر-الأمم المتحدة: عرض نتائج الورشة الخاصة ب"الدعم التقني والمنهجي" لتعزيز تمكين الشباب    تنظيم الطبعة ال 19 للصالون الوطني للتشغيل والتكوين المتواصل والمقاولاتية من 8 الى 10 فبراير بالعاصمة    عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    شايب يستقبل المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها من طرف وزارة الصحة    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    الجوية الجزائرية/الديوان الوطني للحج : اتفاقية لنقل الحجاج وفقا لآليات تنظيمية ورقمية متطورة    التدابير الواردة في قانون المالية لسنة 2025 تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال في الجزائر    تجارة: مراجعة شاملة للإطار التشريعي وتوسيع الاستثمار في المساحات الكبرى    مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 27 : تسليم محور قسنطينة خلال الثلاثي الرابع من 2025    وفاة المجاهد و الخطاط عبد الحميد اسكندر عن عمر ناهز 86 عاما    حيداوي يبرز جهود الدولة في التكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    راموفيتش مدرباً لشباب بلوزداد    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    ترامب يفتح جبهة صراع جديدة    صوت المريض    تنفيذ تمارين افتراضية بالجلفة    بذرة خير تجمع الجزائريين    مع فرضية غير واقعية    خط سكة الحديد الرابط بين العبادلة وبشار يوضع حيز الخدمة قريباً    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    المنازل الذكية تستقطب الزوّار    تعويضات للعمال المتضرّرين من التقلبات الجوية    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    مسلوق يتعهّد باحترام رزنامة المباريات    سايحي يلتقي نقابة البيولوجيين    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات جنوب البلاد ابتداء من يوم الخميس    مناجم: تنصيب مدير عام جديد للشركة الوطنية للأملاح    ندوة تاريخية للتأكيد على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "الأميار" مطالبون بتحمل مسؤولياتهم    صب منحة رمضان في حسابات مستحقيها قبل منتصف فيفري    استعادة الأراضي غير المستغلّة وتسريع استكمال المباني غير المكتملة    الجزائر تحتضن مؤتمر الاتحاد الإفريقي    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    معرض لفناني برج بوعريريج بقصر الثقافة قريبا    ندوة وطنية عن المعالم والمآثر بجامعة وهران    رياض محرز يشدد على أهمية التأهل إلى كأس العالم    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتنة المال.. و صدأ النفوس
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 07 - 2022


لا تجزع أيها الفقير
فتنة المال.. و صدأ النفوس
الشيخ محمد ين صالح المنجد
إن فتنة المال من الفتن العظيمة التي وقع فيها المسلمون وفتنة الجاه من الفتن الكبيرة التي أودت بكثير من أخلاق المسلمين هذه الفتنة التي عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنها فقال:
((إنَّ لِكُلِّ أُمَّة فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ)) [رواه الترمذي]
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يخشى على أصحابه الفقر ((لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ)) [رواه البخاري ومسلم] .
ما لنا نرى اليوم كثيراً من الناس إذا أصابتهم نعمة من الله كفروا وإذا وسع الله عليهم شيئاً من معيشتهم نسوه سبحانه وتعالى وإذا أعطاهم الله وظيفة أو جاهاً
تكبروا على عباد الله. ما هو السبب الذي يجعل كثيراً من النفوس تصاب بهذه المصيبة الكبيرة؟
الصحابة وحالهم مع الفقر:
إن الصحابة رضوان الله عليهم كثيراً منهم قد أدرك الحالين:
حال الفقر وحال الغنى فكيف كان حالهم في وقت الفقر وكيف صار حالهم في وقت الغنى
هل تغيرت نفوسهم؟ هل اضطربت أحوالهم؟ هل رجعوا وارتدوا على أعقابهم؟
كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل الفتوحات حالاً شديداً
قال صلى الله عليه وسلم:
((لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْم وَلَيْلَة وَمَا لِي وَلِبِلَال طَعَامٌ
يَأْكُلُهُ ذُو كَبِد إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَال ))[رواه أبو داود وابن ماجه]
وقالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:
(مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلَاثَ لَيَال تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ)
[رواه البخاري ومسلم].
ولما أراد الصحابي أن يتزوج لم يجد مهراً ولا خاتماً من حديد
ليس له إلا إزاره يواري به عورته لو أعطاه للمرأة لم يغنِ عنها شيئاً وبقي هو بغير ثياب.
وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَة فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا
بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ:
((مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْء كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ)). [رواه البخاري].
كان الصحابة يقدم عليهم إخوانهم من سائر النواحي فقراء مطاردين مشردين
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِنَّ مِنْ إِخْوَانِكُمْ قَوْمًا لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ وَلَا عَشِيرَةٌ
فَلْيَضُمَّ أَحَدُكُمْ إِلَيْهِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ الثَّلاثَةِ)) [رواه أبو داود].
هذا شيء يسير جداً من حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما شبعوا من التمر
إلا بعد معركة خيبر أما غير ذلك فلم يكونوا يرون الطعام إلا يسيراً
وكانت خفافهم مشققة وثيابهم مرقعة رضوان الله عليهم يجاهدون في سبيل الله ولو لم يجدوا
في طريق الجهاد إلا ورق الشجر.
الصحابة وحالهم مع الغنى:
وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ومحاربة أهل الردة بدأت الفتوحات فانهالت الأموال على الصحابة
لما فتحوا المدائن أخذوا تاج كسرى وهو مرصع بالجواهر وبساطه منسوج بالذهب واللآلئ
ومصورة فيه جميع ممالك كسرى ووجدوا دوراً مليئة بأواني الذهب والفضة.
ولما قسم سعد الغنائم حصل الفارس على اثنتي عشر ألفاً وبعث سعد أربعة أخماس البساط إلى عمر فلما نظر إليه عمر قال:
إن قوماً أدوا هذا لأمناء فقال علي : إنك عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعوا
ثم قسم عمر البساط على المسلمين فأصاب علياً قطعة من البساط فباعها بعشرين ألفاً.
توالت الأموال على الصحابة غنائم جهاد وأعطيات وعمر يعدل ويقسم على المسلمين
فكيف صار حال الصحابة بعد الفتوحات والغنائم؟
كان خليفتهم عمر في إزاره اثنتا عشرة رقعة وفي ردائه أربع رقع كل رقعة مختلفة عن الأخرى كان يأكل زيتاً وكان يأكل خبزاً وملحاً ويرفض أن يأكل من الطعام الهنيء
ورفض أن يجلس على الفراش الوثير ونام في المسجد حتى دخل مرسول من الكفرة
فرآه في المسجد قال: عدلت فأمنت فنمت يا عمر.
خباب يحكي حال الصحابة:
روى البخاري رحمه الله عن خباب:
هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ
مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْر قُتِلَ يَوْمَ أُحُد وَتَرَكَ نَمِرَةً فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ
وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ
شَيْئًا مِنْ إِذْخِر وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا [يقطفها].
روى البخاري بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه:
أُتِيَ بِطَعَام وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْر وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي كُفِّنَ فِي بُرْدَة إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ
بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنْ الدُّنْيَا
مَا بُسِطَ أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنْ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا
ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ.
فوالله ما تغيرت نفوسهم ولا تبدلت ولا بطروا ولا أشروا وإنما تواضعوا لله
كانوا يذكرون على الطعام إخوانهم القتلى قبل الفتوحات.
فضالة بن عبيد وحاله أثناء الإمارة:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْد
فضالة بن عبيد هذا صحابي جليل وقد صار أميراً على مكان وَهُوَ بِمِصْرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَقَالَ
أَمَا إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِرًا وَلَكِنِّي سَمِعْتُ أَنَا وَأَنْتَ حَدِيثًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَوْتُ
أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَمَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْأَرْضِ
قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِير مِنْ الْإِرْفَاهِ قَالَ فَمَا لِي لَا أَرَى
عَلَيْكَ حِذَاءً قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا.[رواه أبو داود].
لم تتغير أحوالهم بل بقوا على إيمانهم إنهم تربية محمد صلى الله عليه وسلم
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه حتى لما جاءتهم الدنيا ما تغيروا.
أبو هريرة بعد تولي الإمارة:
عن محمد قال: كنا عند أبي هريرة فتمخط فمسح في ردائه
وقال: الحمد لله الذي تمخط أبو هريرة في الكتان] هذا بعد الفتوحات
وصار أبو هريرة أميراً وقال:الحمد لله الذي تمخط أبو هريرة في الكتان لقد رأيتني وإني لأخر
فيما بين منزل عائشة والمنبر مغشياً علي من الجوع فيمر الرجل فيجلس على صدري فأرفع رأسي.. فأقول: ليس الذي ترى إنما هو الجوع]
أي: يظنه مصروعاً فيه جني فيجلس على صدره ليرقيه ويقرأ عليه فيقول أبو هريرة :
ليس هناك جنون ولا جن ما هو إلا الجوع
قال أبو هريرة: والله إني كنت لأعتمد بكتفي على الأرض من الجوع وكنت لأشد الحجر على بطني من الجوع لقد رأيتني وإني لأخر ما بين المنبر والحجرة
من الجوع مغشياً علي فيأتي الآتي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون وما بي إلا الجوع.
ماذا صار حال أبي هريرة بعدما صار أميراً؟ عن ثعلبة بن أبي مالك القرضي قال:
أقبل أبو هريرة في السوق صار أميراً على البلد في عصر الفتوحات- يحمل حزمة حطب
وهو يومئذ خليفة لمروان فقال: أوسعوا الطريق للأمير أو في رواية يقول: طريق للأمير
طريق للأمير طريق للأمير والأمير يحمل حزمة من الحطب على ظهره.
فهل تغيرت أحوالهم بعد الأموال والمناصب؟ ما تغيرت أحوالهم فكيف حال المسلمين اليوم
تأتيه وظيفة أو يصبح موظفاً بعد أن كان طالباً أو ينجح في شيء من التجارة
انظر إليهم في فسقهم وماذا يفعلون؟ انظر إلى حالهم لتعلم فتنة المال.
الصحابة ينفقون أموالهم في سبيل الله:
كان عند أنس خباز يخبز له وربما صنع له لونين من الطعام وخبزاً حوارياً يعني:
نقياً منخولاً- يجيء إليه الضيوف يكرم الضيوف يأتي بالخباز يصنع ويطبخ لهم هذا في عصر الفتوحات
قال قتادة : [كنا نأتي أنس وخبازه قائم و... يقول:
كلوا أنتم كلوا فما أكل النبي صلى الله عليه وسلم خبزاً مرققاً ولا شاة مسموطة
وهي الذبيحة الصغيرة الطرية التي تشوى- حتى لقي الله عز وجل.
وقال عروة: بعث معاوية مرة إلى عائشة بمائة ألف درهم فقسمتها ولم تترك منها شيئاً
فقالت بريرة خادمة عائشة : أنت صائمة فهلا ابتعت لنا منها بدرهم واحد من المائة ألف من
أجل طعام الإفطار فقالت عائشة : لو ذكرتيني لفعلت وتصدقت بسبعين ألف درهم وإنها لترقع جاني درعها رضي الله عنها.
وزار أبو هريرة قوماً فأتوه برقاق فبكى قال: ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بعينه.
ومن أعظم الأحوال خطبة عتبة بن غزوان وهو أمير البصرة قال في خطبته للناس:
(وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَة مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ
حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا فَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِك فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا
وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا فَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا أَصْبَحَ أَمِيرًا عَلَى مِصْر مِنْ الْأَمْصَارِ
وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيمًا وَعِنْدَ اللَّهِ صَغِيرًا) [رواه مسلم].
أعلم القوم بأول حاله وآخره إظهاراً للتواضع وتحدثاً بنعمة الله وتحذيراً من الاغترار بالدنيا.
هل يكون في هذا الحال وفي هذا الوصف عظة للمتعظ وعبرة للمعتبر ومانعاً لنا من الكبر إن أصابنا شيء من الدنيا أو نعمة المال أو التجارة أو المناصب والوظائف؟!
هذا حال الصحابة ربما أتاهم من المال أكثر مما أتانا لكن ما تغيروا رضي الله عنهم
بل بقوا على حفظ العهد الذي عاهدوا به محمداً صلى الله عليه وسلم.
حال الأمة اليوم مع الأموال والثراء:
أيها المسلم: إذا رأيت الغني يصف حاله أيام فقره ويذكر نعمة ربه فهذا فيه خير كثير.
قال غني لأولاده: كنا أيام الفقر في الحر ينزع أحدنا ثوبه ينقيه وينفضه من القمل
وإذا رأيت الغني يقول: ورثت هذا كابراً عن كابر فاعلم أن الخير من نفسه منزوع
وأن نصيبه من الرحمة والتواضع مفقود.
وتلك قصة الثلاثة الذين أنعم الله عليهم هذا بقطيع من الإبل وهذا بقطيع من البقر
وهذا بقطيع من الغنم وزال من كل واحد عيبه زال الصلع وزال العمى وزال البرص
فماذا قال الأول والثاني: ورثته كابراً عن كابر والأعمى قال: خذ ما شئت هذا مال الله أعطاني إياه
خذ منه ما شئت ما أمنعك من شيء منه أبداً. [من حديث رواه البخاري ومسلم].
عدم المبالاة من أي باب جمع المال:
إن من أشراط الساعة أن يفيض المال ففي بعض بلدان المسلمين فاض المال
فهل شكروا نعمة الله أم ماذا فعلوا بالمال؟ فجروا وطغوا وبغوا وكفروا بنعمة الله
ولذلك يستحقون ما أصابهم من خوف ويستحق المسلمون ما يصيبهم من جوع وفقر وسلب نعمة وتحول عافية وزوال وسيسيرون في الطريق حتماً إن استمروا على ذلك ثم إن الناس لم يعودوا يبالون أكلوا من الحلال أو من الحرام قال صلى الله عليه وسلم:
((لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلَال أَمْ مِنْ حَرَام )) [رواه البخاري].
وهؤلاء الناس اليوم لا يبالون بما أخذوا من حلال أو من حرام غصب أموال أخذ حقوق أيتام
وهكذا صدق نبي الله صلى الله عليه وسلم وصار الجشع والشره في الناس عظيماً
يتنافسون على الدنيا ويتقاتلون وقد يشتكي الابن أباه في المحكمة قال صلى الله عليه وسلم:
((اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ)) [رواه أحمد]
ولذلك الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام
لأن أصحاب الجد محبوسون يحاسبون على الأموال
فلا تجزع أيها الفقير إذا فاتك شيء من الدنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.