التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية جرائم لا تسقط بالتقادم    الرئيس يتابع مشروع طريق تندوف الزويرات    مجلس التجديد الاقتصادي يجدد مبادرة خفض الأسعار في رمضان    خنشلة : أمن دائرة ششار حجز كمية من المؤثرات العقلية    حجز 16900 قرص مهلوس نوع إكستازي في عمليتين منفصلتين    شاهد على جرائم الاستعمار الفرنسي    بحث فرص التعاون مع الشركات المصرية    استئناف فوري للاستثمار العمومي للدولة    أنبوب الغاو العابر للصحراء.. متابعة دورية لتنفيذ القرارات    اعتراف فرنسا بالتاريخ حتمية.. ونتطلّع للمصالحة مع الجزائر    الجزائر تؤكد وقوفها الثابت إلى جانب المملكة العربية السعودية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزّي    تخفيف الضغط المروري عن العاصمة ابتداء من أفريل    طواف الجزائر 2025: الجزائري ياسين حمزة يحقق الفوز الثاني بسطيف ويحتفظ بالقميص الأصفر لرائد الترتيب العام    وهران: صالح بلعيد يبرز أعمال المجلس الأعلى للغة العربية في مجال الذكاء الاصطناعي    ليفركوزن يتمسك بأمل الحفاظ على البوندسليغا    رياض محرز يتصدر التشكيلة المثالية    غويري يقدّم حلولا إضافية ل"الخضر" بفضل دي زيربي    رقمنة الأملاك الوقفية واسترجاع 6 مقابر مسيحية    المغرب: المخزن يواصل إسكات اصوات الحق    488 حوش بالعاصمة يضم 15 ألف عائلة    مساهمة بارزة في تنظيم النشاط التجاري    الفريق أول السعيد شنقريحة يستقبل من طرف وزير الدفاع الهندي    موضة تزين المنازل استعدادا للشهر الفضيل    أنبوب الغاز العابر للصحراء: الجزائر تحتضن غدا الثلاثاء الاجتماع الوزاري الرابع للجنة التوجيهية    تخفيض سن التقاعد للمعلمين : نقابات قطاع التربية تثمن قرار رئيس الجمهورية    كرة القدم / تصفيات كاس افريقيا للأمم 2026 سيدات : المنتخب الوطني في تربص بالجزائر    موانئ تجارية: نظام العمل 24/24 ساعة سيعزز تنافسية الموانئ ويرشد نفقات المشاريع المتصلة بالنقل البحري    جيلالي تشرف على تنصيب اللجنة الوطنية للمجالات المحمية    حج 2025: اجتماع تنسيقي لمتابعة ترتيبات برنامج الرحلات الجوية    غليزان: تخرج أزيد من 3800 متربص من مؤسسات التكوين المهني في دورة أكتوبر    الاحتلال يجبر سكان الضفة على ترك بيوتهم بالقوّة!    كتاب جديد عن جرائم فرنسا في الجزائر    قنبلة ترامب الوهمية    المصارف الإسلامية جزء من النظام المصرفي    أمن البليدة يوقف 28 شخصا    كرة السلة/الكأس الممتازة: اجراء مباراة اتحاد الجزائر/وداد بوفاريك يوم الثلاثاء بالقاعة البيضاوية    استشهاد سبعة صحفيين فلسطينيين في غزة خلال شهر يناير الماضي    رئيس لبنان يشيد بمواقف الجزائر    وزير الاتصال يعزي في وفاة الصحفي نور الدين مرداسي    الخارجية الفلسطينية: السلطة بدأت دراسة آلية دخولها إلى قطاع غزة    الإعلان عن ترتيبات موسم الحج حصريا عبر المصادر الرسمية الموثوقة للديوان الوطني للحج والعمرة    البروفيسور بلعقروز ينتزع جائزة الدولة للكتاب العربي 2025    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بداية من 8 مارس القادم    نسخة مترجمة لكتاب الحكومة المؤقتة    حمزة ياسين يفوز بالمرحلة الأولى    فرسٌ تَعثّر فنهض    5ملايين مصاب بالسكري أفاق 2030 بالجزائر    ميلة: تنظيم الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة من 8 إلى 11 مارس المقبل    مسابقة للبحث في تاريخ الأمير    اتحاد الحراش يزيح مولودية وهران    ارتفاع الإنتاج الوطني من أدوية السرطان    حج 2025.. بآليات تنظيمية ورقمية متطورة    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صمود غزة يحاصرهم
نشر في أخبار اليوم يوم 06 - 04 - 2024


بقلم: إبراهيم نوار
صمود غزة صنعه شعبها وقد نجح في إفشال أهداف الحرب ونقلها إلى معسكر العدو. هذا الصمود هو من صمود الشعب الفلسطيني وجائزته يجب ألا تقل عن إقامة الدولة التي يضحي من أجلها. جائزته هي الدولة وليست السلطة فالسلطة تزول والشعب لا يزول فحذار من الخطأ وحذار من الاستهتار بدروس التاريخ. الصمود ما يزال في حاجة إلى وقود ليستمر فلا تبخلوا عليه بالوقود ولا تبددوه. صمود غزة يضع قادة إسرائيل الآن في ورطة تاريخية. إنهم خططوا للحرب أن تكون عملية خاطفة فأفشل صمود غزة خطتهم. حاصروها برا وبحرا وجوا فنفذ صمود غزة من الحصار إلى كل عواصم العالم وإلى تل أبيب يحاصرهم. منعوا عنها الماء والغذاء والدواء فانتفض صمود غزة ليصبح هو الماء والغذاء والدواء. وقبلت غزة بالتضحية راضية وسط صمت الأشقاء. غزة ليست محاصرة غزة تقف بصمودها على خط المواجهة في ميادين القتال وفي صالونات الدبلوماسية. وقد اجتمع أهلها على قلب رجل واحد ولبت نداء الصمود وأسقطت حيل التقسيم وأزهقت روح الفرقة رغم محاولات الصغار والمرتزقة.
* كلمة السر في المرحلة الحالية من الصراع
صمود غزة يطاردهم ليس إلى تل أبيب فقط ولكن إلى كل عواصم العالم وإلى عواصم الحكومات المتواطئة أو المتخاذلة. نداء غزة الآن يقول: انتهى وقت دبلوماسية الوساطة المحايدة وجاء وقت الدبلوماسية الإيجابية المقاتلة. جاء وقت دبلوماسية العمل وانتهى وقت دبلوماسية الثرثرة والطبول الفارغة. غزة ليست محاصرة بل إن صمودها يحاصرهم جميعا وقد اشتد ساعده وزاد عزمه وهو يدخل إلى الشهر السابع من المقاومة. ما يزال في جراب الرماة سهام وما تزال في أيدي المقاتلين بنادق محشوة ببارود لا ينفد.
*اضطراب قرارات نتنياهو
يقول نتنياهو لأهله وللعالم إنه ساحر وقد كذب السحرة جميعا وهم لا يصدقون فها هو الآن يدور حول نفسه مضطربا وقد اختلطت عليه الاتجاهات. قرر سحب وفده من حوار مع واشنطن احتجاجا على تمرير قرار لمجلس الأمن دون فيتو أمريكي ليطلب بعدها بساعات تحديد موعد آخر تُستأنف فيه المفاوضات. وسحب وفده الذي يفاوض حماس بشكل غير مباشر في الدوحة احتجاجا على شروط حماس ليقرر بعدها بساعات إرسال وفد إلى القاهرة لمواصلة المهمة نفسها ومهمات أخرى. نتنياهو عقبة في طريق السلام ولن يحل سلام إلا بإزاحته من الطريق. هذا ما قصده تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ في كلمته داخل الكونغرس مطالبا بإجراء انتخابات عاجلة في إسرائيل. تحول نتنياهو في الأيام الأخيرة إلى طفل أحمق يلعب لعبة سخيفة مكشوفة لإطالة أمد وجوده في الحكم الذي بات يرتبط بإطالة أمد الحرب هو يضرب هذا بذاك ويكذب هنا ويراوغ هناك على أمل إطالة أمد الحرب بأقل الخسائر وانتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية على أمل أن يسقط بايدن ويجيء ترامب. ليست لدى نتنياهو خطة حقيقية لكيفية البقاء في غزة غير أن يضرب الفلسطينيين بالفلسطينيين والعرب بالعرب لكنه لن يستطيع أن يهزم الصمود الفلسطيني الممتد من بوابات بيت حانون إلى بوابات رفح. لن يستطيع لأن الصمود الفلسطيني لا يعترف بالمعابر ولا يقيده الحصار.
*اضطراب العلاقة مع واشنطن
كلما طال صمود غزة زادت الضغوط الحقيقية على إسرائيل ومنها ضغوط حليفها الرئيسي عسكريا ودبلوماسيا الولايات المتحدة وقد كشف مئير بن شبات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي سابقا صاحب التاريخ الطويل في إدارة جهاز الشاباك في مقاله الأخير التحديات التي تواجهها إسرائيل بسبب هذه الضغوط. وتضمن المقال المنشور يوم الأحد الماضي رسالة للرأي العام الأمريكي المعني يقول فيها إن هذه الضغوط تعمل لمصلحة حماس فقط وتعمل ضد مصلحة إسرائيل وضد مصالح الولايات المتحدة وتضعف ثقة حلفائها في سياستها تجاههم لأن واشنطن بهذه الضغوط كما قال تدير ظهرها لإسرائيل وتتخلى عنها بعد أن أظهرت مساندتها المطلقة لها في بداية الحرب. وقال إن ذلك يقدم مثالا سيئا للسعودية ويجعلها لا تطمئن لسياسة واشنطن. هذا القول من بن شبات يمثل محاولة مكشوفة لابتزاز واشنطن ودعوتها للامتثال إلى مطالب تل أبيب كما يحث الرياض على عدم الثقة في واشنطن. صمود غزة تحول إلى محرك لإثارة الخلاف بين الحليفين على الرغم من أن سياسة واشنطن طويلة المدى لا تختلف عن سياسة تل أبيب. وهو ما يتضح في إمدادات السلاح التي وافقت عليها بعد أيام من قرار مجلس الأمن الأخير وتضمنت تزويد إسرائيل بالقذائف والقنابل والطائرات ومنها القنابل زنة 2000 رطل من المتفجرات التي تسوي البنايات بالأرض والطائرات إف – 35. حتى بالنسبة للخلاف حول اقتحام رفح بريا فإن واشنطن تسعى لإقناع نتنياهو بخطة بديلة تحقق كل أهدافه تتضمن تقسيم قطاع غزة وعزل الجنوب عن الشمال وزيادة التنسيق مع مصر في التأمين ومنع ما تزعمه إسرائيل من تهريب السلاح إلى غزة عبر رفح وفتح الطريق للسلطة الوطنية الفلسطينية لتولي مسؤولياتها في قطاع غزة مع إبعاد حماس. ودعا بن شبات إلى طرد قيادة حماس السياسية من قطر لأنها ترفض قبول عرض لمبادلة الأسرى والمحتجزين وقال إن هذا الرفض في حد ذاته يجرد وجود قيادة حماس في قطر من أي مبرر بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل. واقترح أن تبدأ واشنطن ممارسة ضغوط على قطر منها إعادة تقييم مستوى العلاقات وتعليق تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية وبحث نقل القاعدة الأمريكية في العُديد إلى أي من الإمارات أو السعودية. وقال إن مجرد طرح هذه الخطوات على المائدة لتحويلها إلى سياسة فعلية من شأنه أن يمثل ضغطا على الموقف القطري لطرد قيادة حماس ومن ثم استهدافها بالقتل في أي مكان في العالم. الأكثر من ذلك أن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي سابقا قال إن التخلص من حماس يمثل مصلحة أمريكية في خطة رسم ملامح نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط. كما ذكر أن دولا عربية تشارك إسرائيل رغبتها في التخلص تماما من حماس. وبعد ذلك انتقل بن شبات إلى تأثير صمود غزة على الداخل الإسرائيلي وقال إن الأهم من كل ما قاله بشأن حماس هو وحدة الموقف الإسرائيلي. وحذر من عودة الفرقة والانقسامات بين الإسرائيليين مؤكدا أن التضامن بينهم هو أهم رصيد تتمتع به إسرائيل في مواجهة التحديات الصعبة سواء في جبهة القتال أو في ساحة الدبلوماسية ودون هذا التضامن فإن إسرائيل ستعاني بشدة من أجل تحقيق أهدافها الضرورية.
هذا الاستنتاج الذي توصل إليه يعني اعترافا صريحا بحقيقتين: الأولى هي أن صمود غزة منع إسرائيل من تحقيق أهداف الحرب. والثانية هي أن صمود غزة تحول إلى واحد من محركات الاضطراب الداخلي في إسرائيل إلى جانب الانقسامات بين اليهود المتطرفين دينيا واليهود العلمانيين. وقد وصلت هذه الاضطرابات إلى ذروة عالية منذ نهاية الأسبوع الماضي وأدت إلى صدامات واسعة النطاق بين المحتجين وقوات الشرطة ما دعا أجهزة الأمن إلى تشكيل وتدريب مجموعات خاصة متخصصة في التعامل مع الاضطرابات وحوادث الشغب مع الإسرائيليين. لكن ما فعله صمود غزة في الداخل الإسرائيلي أقوى من تحذير بن شبات وأقوى من نداءات نتنياهو بالوحدة وقد شهدت كل المدن الإسرائيلية تقريبا على مدار الأيام الخمسة الأخيرة واحدة من أكبر موجات الاحتجاجات السياسية المستمرة في تاريخ إسرائيل وأوسعها نطاقا. وإذا نجحت هذه الاحتجاجات في إعادة المجتمع الإسرائيلي إلى عقله وتم إجبار الحكومة على الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة فقد تنفتح نافذة تؤدي إلى سلام على أساس حل الدولتين في مناخ للتعايش وليس للعداء واستمرار الحرب. وقد انضم إلى حركة الاحتجاجات محتجزون إسرائيليون سابقون من الذين أطلقت المقاومة الفلسطينية سراحهم في غزة جنبا إلى جنب مع أسر المحتجزين الحاليين ومؤيديهم الذين يتهمون حكومة نتنياهو بالتنكر للمحتجزين والتهرب من مسؤولية استعادتهم سالمين عن طريق المفاوضات.
إن صمود غزة هو كلمة السر في المرحلة الحالية من الصراع من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القادرة على الحياة والنمو ذات السيادة يستطيع الفلسطيني أن يعيش فيها بأمان. مكافأة صمود غزة ليست السلطة. مكافأة الصمود هي الدولة ولا أقل من الدولة. دولة على مقاس تضحيات الشعب الفلسطيني ليست على مقاس هذا الفصيل أو ذاك ولكن على مقاس الشعب الفلسطيني كله. دولة تمنع للأبد وقوع مأساة فلسطينية جديدة وتوفر لكل فلسطيني بيتا آمنا يشعر فيه بكرامته وإنسانيته ولا طريق لتحقيق ذلك بغير وحدة الإرادة واستمرار الصمود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.