استغلّت الصحافة المصرية زيارة الرئيس حسني مبارك إلى الجزائر التي لم تدم سوى سويعات لتعزية رئيس الجمهورية »عبد العزيز بوتفليقة« في مصابه الجلل بوفاة شقيقه »مصطفى« لإصلاح ما يمكن إصلاحه. حيث أجمعت وسائل الإعلام المصرية على أن هذه الزّيارة ستنهي الخلاف بين الجزائر، وستردم الهوّة وتزيل الشرخ الذي أصاب العلاقات الجزائرية المصرية عقب الاعتداء على حافلة المنتخب الوطني وما أعقبه من هجمة إعلامية شرسة على رموز الجزائر. وقد استقبل الرئيس »عبد العزيز بوتفليقة« الرئيس حسني مبارك في إقامة الدولة بزرالدة، ولم يستقبله في قصر الرئاسة أو قصر الشعب أو في أيّ هيئة رسمية، وفضّل الانزواء معه في إقامة الدولة للحفاظ على طابع العزاء العائلي، لا سيّما وأن الزّيارة كانت مفاجئة، ولم يتمّ التحضير لها على الصعيد الرّسمي، على غرار كلّ الزّيارات الرّسمية التي يقوم بها الرّسميون إلى أيّ بلد كان. وبالرغم من أن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرّسمية المصرية ذكرت أن مبارك قام بالزّيارة لتقديم واجب العزاء للرئيس الجزائري في وفاة شقيقه »مصطفى بوتفليقة« فقط، إلاّ أن الصحافة المصرية سارعت إلى إعطاء قراءات بأن الزّيارة أنهت الأزمة بين البلدين، وراحت تخلط بين واجب العزاء والعمل الدبلوماسي. وعنونت صحيفة »الشرق« المصرية: »مبارك قدّم تعازيه لبوتفليقة في وفاة شقيقه.. مصر والجزائر يطويان أزمة كرة القدم«، فيما قالت صحيفة »العرب«: »وفاة شقيق بوتفليقة تفتح باب المصالحة بين مصر والجزائر«، فيما قالت صحيفة أخرى إن زيارة رئيس حسني مبارك إلى الجزائر تنهي الأزمة بني البلدين. ولم تختلف الصحافة المصرية في تحليلاتها وقراءاتها للزّيارة على أنها بداية الانفراج في الأزمة، التي نشبت بين البلدين في أعقاب مباراة كرة القدم التي جمعت بين الفريقين. وحاولت الصحافة المصرية أن تدخل الزّيارة في الإطار الرّسمي مستغلّة استقبال رئيس الجمهورية حسني مبارك بمطار »هواري بومدين«، حيث قالت: »وازدانت شوارع البلاد والطرقات السريعة بالعلمين المصري والجزائري، كما اصطفّ أعوان الشرطة على طول الطرقات المؤدّية من المطار الدولي إلى إقامة الدولة، رغم أن الزّيارة غير رسمية ولم يعلن عنها سابقا«. وكان »بوتفليقة« ومبارك قد اِلتقيا على هامش قمّة فرنسا - إفريقيا التي جرت وقائعها بمدينة نيس الفرنسية قبل أقلّ من ثلاثة أسابيع، حيث رأت الدوائر الإعلامية والسياسية في ذلك اللّقاء فرصة لإعادة المياه إلى مجاريها ورأب الصدع الذي كاد يودي بالعلاقات بين البلدين. وخلّفت المباراة التي جمعت بين الفريق الجزائري ونظيره المصري، والذي أسفرت عن الاعتداء على المنتخب الجزائري، وتلتها هجمة إعلامية شرسة من طرف الصحافة المصرية بما فيها الرّسمية وصلت إلى درجة سبّ رموز الجزائر ووصف شهدائها بصفات فاحشة. ولم يسلم الجزائريون سواء الرّسميون أو المواطنون العاديون من شتائم وسبّ وسائل الإعلام المصرية، ممّا نتج عنه تشنّجا في العلاقات أدّت إلى استدعاء مصر لسفيرها إلى الجزائر لمدّة تزيد عن الشهرين، وهو ما خلّف استنكارا وتذمّرا شعبيين واسعين في الجزائر. وقد تعالت أصوات في الجزائر مطالبة بضرورة الاعتذار الرّسمي من طرف الحكومة المصرية للشعب الجزائري، ويرى مراقبون أنه من الصّعب بمكان رأب الصدع في الوقت الحالي، وحتى إن كانت من الجانب الرّسمي سهلة، فإنه من الجانب الشعبي والجماهيري تتطلّب وقتا طويلا.