إنّ كل واحد منا حر، ما لم يتعد على غيره، فكل واحد مجبر على احترام غيره، حتى لو كان في بيته، وهذا ما لم يفهمه البعض من الذين يبيحون لأنفسهم تصرفات فاضحة في شرفاتهم، معللين ذلك بأن لهم الحرية في التصرف ماداموا في حدود بيوتهم، فتخرج المرأة إلى الشرفة بثياب مثيرة، وكذالك بعض الرجال الذين يخرجون بملابس فاضحة، وحتى الملابس الداخلية التي تُعلق في الشرفات تخلق بعض الحرج وهو ما عبر عنه لنا بعض المواطنين. السيدة رتيبة (52 سنة، ربة بيت) قالت لنا تشكو جيرانها: "لقد أصبحت لا استطيع الخروج إلى شرفة بيتي، أو حتى فتح النافذة التي تطل على منظر أقل ما يقال عنه أنه يخدش الحياء، خاصّة وأن لي أبناء شبانا صرت امنع عنهم شرفة الصالون كأنها كبيرة من الكبائر، وهذا كله بسبب الجارة التي تقابل شرفتها شرفتنا، ولا تستحي من أن تعلق ملابسها الداخلية في الشرفة كما لو لم يكن في المدينة غيرُها وبناتُها، وأظن انه من غير اللائق ألاّ ينتبه الواحد منا لمثل هذه الأمور الحساسة والتي فيها تعدّ على الغير". نفس الملاحظة قدمها لنا فارس (18 سنة) حيث أنه تصارع مع أبناء حيّه بسبب تصرفات لا يستحون من القيام بها في شرفات منازلهم، فيخرجون بملابس داخلية ثم يعلقونها حتى تجف وكأنهم يعرضونها للبيع، أمّا فارس فقد تحدث إليهم أكثر من مرّة وشدّ انتباههم إلى تلك الأمور التي ظنّ في البداية أنهم أقدموا عليها سهوا، لكنه عندما سئم من أمرهم وتصرفاتهم اشتدت لهجته معهم ووصل بهم الأمر إلى التشابك بالأيدي. هو ما أخبرتنا به السيدة فادية كذلك، ورغم أنها من مثل هؤلاء الجيران إلاّ أنها تذمرت من هؤلاء الأشخاص الذين يعتبرون الشرفات ملكا لهم ولهم الحرية التصرف فيها كما يشاؤون حتى لو كان ذلك على حساب حرية الغير، فقالت لنا: "وأنا أتمشى في الشوارع ارفع بصري من حين لأخر إلى بعض الشرفات والتي قد تكون في الطوابق الأولى على مرأى جميع المارة، فأرى ما لا عين رأت من توقح الكثيرين الذي يضعون ملابسهم الداخلية الأكثر إثارة في الشرفة، والنساء اللائي يخرجن ويطلن منها بثياب فاضحة وكذلك الأمر بالنسبة للرجال والشبان، وان ذلك لعمري لشيء يثير الحرج حقا". كما تحدثنا إلى شيخ طاعن في السن كان في محطة لسيارات أجرة، لمح امرأة تخرج إلى الشرفة بثياب تبرز كل مفاتنها وبقت على تلك الحال مدّة طويلة رغم النظرات التي كانت تتطلع إليها، والتصفيرات التي كانت تنطلق من هنا وهناك، فراح الشيخ يلعنها ويلفت انتباه الناس إلى التصرفات التي صارت الفتيات والمراهقات يأتينها في عصر صار فيه كل شيء مباحا، وهنا خجلت الفتاة او خشيت من الفضيحة فعادت ودخلت إلى بيتها، لكنّ الشيخ لم يتوقف عن التعليق عن الموقف ويقارن زمانه وزماننا، كما قال.