لقد أصبح شباننا يبالغون في الاعتناء بمظهرهم، وينفقون الأموال الطائلة في سبيل الظهور في ثياب وملابس لائقة، بل وغاية في الأناقة، لا تعبر غالبا على وضعهم الاجتماعي الحقيقي، حتى أن الكثير من الشبان الذين يعملون يصرفون حوالي نصف أجرتهم في الملابس، وقليلا ما تجد الشاب يفضل التقتير، والادخار لمستقبله، خاصة بالنسبة للشباب والمراهقين، والذين خرجوا من أطوار الدراسة مبكرا، تجدهم لا يعملون إلا ليرتدوا الملابس الأنيقة، ولا هم لهم إلا التزين، ولو كان ذلك على حساب أشياء أخرى قد تكون أكثر أهمية. ومن الأشياء التي يقبل عليها الشبان بكثرة الجواهر والحلي المصنوعة عادة من الفضة والتي صارت بمثابة الأساسيات، ولم تعد تعتبر من الكماليات، وصرت تجد الشاب، يحتفظ ببعض الحلي الفضية ويقتنيها، مثلما تحتفظ المرأة بجواهرها وتحرص عليها، بل إن البعض لا يكتفي بتلك التي يرتديها، ويستعملها يوميا، كخاتم أو خاتمين أو عقد، بل إنه يخزن الكثير منها، ويستعمل لكل مناسبة جواهرها الخاصة، كما لو كان عروسا تحضر الأعراس والمناسبات العائلية، فتحاول في كل مرة الظهور بزي وجواهر مختلفة إن استطاعت ذلك. وعن سر تعلق الشباب بتلك الحلي قال لنا بوعلام، 20 سنة، إنه ومنذ كان صغيرا يحب الجواهر خاصة المصنوعة من الفضة، وانه يشتريها بشكل مستمر، ولا يستطيع أن يقاوم رغبته في دخول كل محل يبيعها، ولا يجد نفسه إلاّ وهو يقتني قطعة أو قطعتين منها، ثمّ سرعان ما يملّ منها، فيتركها في البيت ويشتري غيرها، ويقول لنا بوعلام دائما إنه يتنافس مع أصدقائه كذلك في اقتنائها وشراء أحسنها وأجملها، ولو كان ذلك على حساب أمور أكثر أهمية. أما ربيع فقد بلغ ولعه بالجواهر أنه يتنقل ليحظى بأجملها، حيث أنه يحب الجواهر التقليدية التي يشتريها من مصادرها، أو من الأماكن المشهورة بها، حيث أنه انتقل إلى غرداية لكي يشتري جواهر نحاسية تقليدية تعتبر من رموز المنطقة، والتي صار يفاخر بعدها بها، كما أنه ذهب إلى وهران ليشتري بعض الحلي الفضية، والتي سمع أنها تُصنع بشكل جيد بها، فانتقل رفقة أصدقائه إليها، وانتقل كذلك إلى الواد والقالة وقسنطينة، ولم يترك منطقة ولا ولاية سمع أنّ جواهر مميزة تباع فيها، إلاّ وذهب إليها، ولو كان ذلك على حساب دراسته ووقته، إلا أنّ بعض الشبان يجدون في اعتناء الشخص بمظهره وخاصة بالجواهر، حتى لو كانت فضية أو نحاسية أو حتى حديدية، يرون أنّ الإكثار من ذلك يعتبر تشبها بالمرأة وفقدانا للرجولة، وتجعل المرء مع الوقت يصير سطحياً، ولا يهتم إلاّ بالأمور التافهة والثانوية، كما أنّ الوقت الذي يقضيه في البحث والتنقيب عن تلك الجواهر، ومن ثمة في المزاوجة بينها وارتدائها مع هذا اللباس أو ذلك، كل ذلك وقت ضائع، لا بد أن يستغله المرء في أمور أكثر إفادة.