دخلت فضائح مؤسسة (سوناطراك) منعرجا قضائيا حاسما بعد أن أدرجت غرفة الاتّهام بمجلس قضاء العاصمة ملف 14 إطارا متورّطين فيها، على رأسهم المدير العام السابق (م·م) ونجليه في المداولة لإصدار التكييف القانوني للتهم الموجّهة للمتّهمين والمتعلّقة بتنظيم جماعة أشرار وتبييض أموال، مع اختلاس وتبديد أموال عمومية وإبرام صفقات مخالفة للتشريع الجاري العمل به بغرض إعطاء امتيازات غير مبرّرة للغير، الرشوة في مجال الصفقات واستغلال النفوذ والوظيفة تعارض مصالح شركة (سوناطراك)· وأفاد مصدر قضائي بأن غرفة الاتهام استمعت إلى مرافعات دفاع المتهمين في القضية الذين طلبوا بتجنيح الوقائع وإفادة بعض الأطراف من الإفراج المؤقت فيما طلب دفاع ثلاث متهمين بإفادة موكليهم من انتفاء وجه الدعوة لعدم وجود أدلة تورطهم في الملف الذي وصل التحقيق القضائي فيه إلى انه تم إبرام صفقات بالتراضي مع شركاء أجانب كلفت شركة (سوناطراك) خسائر مادية معتبرة، ما أدى إلى تجميد كافة الأرصدة البنكية، حيث وصلت قيمة الأموال المودعة على مستوى البنوك سبعة ملايير بالعملتين الصعبة والوطنية في كل بنك على حده· ووقفت التحريات على قائمة من المشاريع أبرمت بالتراضي دون المرور على ما يعرف بنشرة الإعلانات المتعلقة بالمناقصات الخاصة بالطاقة والمناجم، ويأتي في مقدمتها مشروع إنشاء نظام المراقبة والحماية الإلكترونية المبرمة مابين شركة سوناطراك ومجمع فون فارك كونتال، حيث قدرت القيمة الإجمالية للمشروع ب 19 مليون أور ليتم تخفيضها إلى 15 مليون أورو· ويضاف إلى قائمة الصفقات المشبوهة في قضية (سوناطراك) مشروع إعادة ترميم مقر سوناطراك الفرعي بغرمول، الذي تكفلت به نفس الشركة، حيث كلف هذه الأخيرة قرابة 67 مليون أورو، بالإضافة إلى صفقة إنجاز المركب الصناعي بحاسي مسعود وكذا إبرام ثلاثة عقود تخص تجهيز منشآت تابعة لنشاط المنبع بنظام المراقبة الحيوية· كما صرّح المدير العام السابق محمد مزيان خلال التحقيقات بأن معظم الصفقات التي تمت بالتراضي كانت بموافقة المشرف الأول على قطاع الطاقة والمناجم الوزير السابق شكيب خليل قبل أن يطالب بإلغائها مباشرة بعد انطلاق التحقيقات بناء على أوامر رئيس الجمهورية من بينها صفقة إعاددة تهيئة مقرّ الوزارة بغرمول، حيث تبيّن من التحرّيات أن لجنة دراسة العروض التقنية التي كان يرأسها المتهم (أ·ح· مولود) الذي عيّن كرئيس مشروع ترميم وإعادة تهيئة مقرّ غرمول ورئيس لجنة العروض التقنية مكنت شركة ألمانية من الفوز بمناقصة تهيئة وترميم مقر غرمول بقيمة 64.675.000 أورو وهو مبلغ يكفي لبناء مقرّ جديد، وكان ذلك بعد تأهيل الشركة المذكورة من الناحية التقنية رفقة شركة (BERRY) اللتين كانتا قد تقدّمتا بعروض رفقة شركات أخرى انسحبت إحداها وهي الشركة الإسبانية (OHL) رغم أنها لم تكن مؤهّلة بسبب وضعيتها المالية السيّئة التي لا تسمح لها حسب ما ورد من تصريحات باستلام مشاريع مهمّة من قبل (سوناطراك)، والتي تأكد منها أعضاء اللّجنة وأبدوا تحفّظات بشأنها لم تمنع المتّهم من إصدار قرارات انفرادية وهذا بموافقة كلّ من المدير العام مزيان ونائبه محمد رحال شوقي محمد المكلّف بنشاط التسويق لتأهيل الشركة والموافقة على عرضها رغم أن المعطيات التقنية أكدت أن الشركة غير مؤهلة، حيث تمت الموافقة قبل انتهاء عمل لجنة دراسة العروض الذي كان مقرر في 08/03/2009، حيث أن إلغاء الشركة المذكورة أخيرا كان سيؤول إلى إلغاء جدوى المناقصة حسب التنظيم 15--408 وهو ما لم يرده المسؤولون المتهمون، وتأكد من الملف أن هذه الملاحظات رفعت في استشارة إلى وزير الطاقة والمناجم الذي تلقى تقريرا حول عروض الشركات المتقدمة للمناقصة بموجب إرسالية وأشّر عليها في 17/07/2009، والذي لم يبد مانعا· وبعد مباشرة فرقة الشرطة القضائية تحرياتها في الملف عمل (م·م) على إلغاء العقد بتاريخ 16/11/2009، أي بعد مرور أربعة أشهر من عقده بعد الحصول على موافقة وزير الطاقة، حيث يتابع هذا الأخير رفقة ابنيه ومدير شركة ألمانية، زيادة على أربعة مديرين تنفيذيين بتهم ثقيلة أسقط منها قاضي التحقيق تهم تبييض الأموال والرشوة· وتجدر الإشارة إلى أن الفصل في طلبات الدفاع سيكون هذا الأسبوع لينتهي بذلك الشد والجذب الذي عرفته القضية من جانب التكييف القانوني على أساس جنحة أو جناية·