إن أول ما يتبادر إلى أذهاننا، عند الحديث عن آفة الاحتيال، أننا سنتحدث عن رجل أعمال معروف احتال على الدولة، او موظف ما احتال على شركته، او شخصا انتحل صفة غير صفته ليحتال بها على المواطنين، وهو أمر عادي، وقد تكرر حدوثه مرات كثيرة، لكن أن يكون الحديث عن شيخ او عجوز طاعنين في السن، يمارسان الاحتيال، هنا صار الأمر غير عادي، حيث انتشرت ظاهرة الاحتيال على الناس من طرف بعض كبار السن بصورة غير طبيعية في السنين الأخيرة، حتى أصبحنا نرى عدة مواجهات بين هؤلاء والشباب، خصوصا بالأسواق وحافلات النقل. بعض هؤلاء العجائز والشيوخ، الذين من المفروض أن يستغلوا ما تبقى من حياتهم، في السعي وراء فعل الخير وحصد الأعمال الحسنة التي تمكنهم من الفوز بالجنة، نجدهم في أيامنا هذه يلهثون وراء المادة والمصلحة الشخصية، إذ لا يفكرون سوى في منفعتهم الخاصة، ولا تهمهم طريقة الكسب، فبإمكانهم فعل كل شيء سعيا وراء ذلك، في الماضي كان الشخص المحتال يمتاز بلباقة الكلام، وحسن التصرف وسرعة البديهة، وهو ما يسهل له عملية الاحتيال، لكن بعض العجائز اليوم يحتلن بالصراخ، الغضب والسب والشتم، مثلما وقع مع بائع في سوق الرغاية، الذي دخل في مناوشات حادة مع عجوز أرادت الاحتيال عليه وطالبته بإرجاع فكة 1000دج، إذ إدعت بأنها أعطته ورقة نقدية بقيمة 1000دج في حين أنها أعطته ورقة بقيمة 200دج، وهي الورقة الوحيدة التي كانت موجودة بيد هذا البائع الشاب، ليرفض ما طالبته به، لتنهال بدورها عليه بوابل من السب والشتم والصراخ، في محاولة يائسة لكسب تعاطف من كان بالسوق معها. عجوز أخرى، هذه المرة كانت بالحافلة القادمة من باش جراح والمتوجهة إلى عين النعجة، تمردت هي الأخرى على قابض الحافلة بالصراخ والسب، لإصرارها على اخذ فكة 200دج مع العلم بان جميع من كان بالحافلة شاهدها لما أعطته قطعة 20دج، خصوصا أنها صعدت من إحدى المحطات القريبة للمحطة النهائية للحافلة، ليقول القابض بعد نزولها انه معتاد على رؤيتها تتشاجر مع زملائه، ليضيف بأنه يوجد الكثير من أمثالها الذين لا يحترمون سنهم، او بالأحرى يستغلون سنهم وضعفهم من اجل القيام بهذا العمل الذي اعتبره سرقة، وإذا كان هو معتادا على مثل هذه الأمور، فان الكثير غيره يسقطون في الفخ، خوفا من غضبهم، واحتراما لهاته الفئة إلى تعتبر بركة المجتمع. ولعل ما ذكرناه سابقا من مواقف الاحتيال التي يتعرض لها المواطنون، خاصة الشباب، من طرف الشيوخ والعجائز قليل جدا بالنظر لكثرة المشاهد التي نراها يوميا سواء في الأسواق او الحافلات، والتي تثير الاستياء والخزي لدى الناس عامة، يكون الأبطال فيها دوما من العجائز، فمن كان يظن انه سيأتي اليوم الذي ينعدم ويختفي فيه الاحترام بين الناس، بعد أن كان الصغير يحترم ويوقر الكبير، والكبير يعطف ويحب الصغير، فاحتيال بعض كبار السن عصف بوقارهم وحكمتهم، وجعلهم يتحلون بالجرأة والوقاحة والتمثيل، لاستغلال هذه المواقف لصالح كسبهم اللا مشروع.