مصالح الأمن والدرك توقف 500 متورط في قضايا انتحال صفة منذ بداية السنة تنتحل شخصية حفيدة الفريق العماري قائد الأركان سابقا وتتوسط عند البلديات والوزارات لخدمة غيرها، وآخر يدّعي أنه شقيق وزير الداخلية والجماعات المحلية السابق نور الدين يزيد زرهوني ويسلب الناس أموالهم مقابل وعود مزيفة بالحصول على سكنات وقطع أراض، فيما انتحل آخر صفة جنرال مقابل تسوية وضعية الضحايا اتجاه واجب الخدمة الوطنية، فيما يفضل آخرون انتحال صفة أتباع "درودكال" أو أحد أمراء الجماعات الإرهابية المسلحة للحصول على الغنيمة. اختلفت الشخصيات والمسؤوليات والمراتب، إلا أن الهدف واحد وهو نصب شبكة النصب والاحتيال على عشرات من الضحايا الذي يجدون أنفسهم شاركوا في أدوار لسيناريوهات محكمة، حبكت تفاصيلها بإتقان مقابل أحلاهم الزائفة بالحصول على الشقق ومناصب الشغل وبطاقات الخدمة الوطنية وقروض بنكية بالملايير. جنرال مزيف يعد الشباب بتسوية وضعيتهم إزاء الخدمة الوطنية عالجت مصالح أمن العاصمة قضية "الجنرال المزيف" الذي احتال على عشرات الشباب وجمع أكثر من مليار مقابل التوسط من أجل الحصول على بطاقات الإعفاء من الخدمة الوطنية نظير مبالغ مالية تتراوح بين 10و20 مليون سنتيم، حيث تم توقيفه في مطعم ليلي بوسط سطاولي، أين كان يبرم صفقاته مع ضحاياه، منتصف شهر جوان الماضي، وخلال التحقيق معه والتأكد من هويته تبين أن هذا الأخير صدر في حقه15 أمرا قضائيا بالقبض، بعد أن ارتكب عدة جرائم أهمها انتحاله صفة ضابط سام في الجيش الوطني الشعبي وإصدار شيكات دون رصيد، راح ضحيتها مسؤولون وتجار ومواطنون. ويبقى من أهم القضايا التي تم معالجتها من طرف مصالح الدرك الوطني هي تلك التي تمت معالجتها من قبلها والتي تعود وقائعها إلى الاعتداء الإرهابي على المدرسة العليا للدرك الوطني بيسّر في قضية تتعلق بتفجيرات على مدرسة "يسر" أين تقدّم شخص إلى أولياء الضحايا في كل من بشار وتلمسان يدعي انه ضابط برتبة عقيد مكلف بالمصلحة الاجتماعية بسلاح الدرك الوطني، يعلمهم بأن الدولة خصصت مبلغ 350 مليون سنتيم وشقة لضحايا هذا الحادث، يطلب منهم دفع مستحقات تكوين الملف المقدرة ب120000دج، إلا أن أحد الضحايا تفطن لخطة هذا الأخير وأودع شكوى لدى مصالح الدرك التي نصبت له فخ وأوقفته وهوفي حالة تلبس. ضابط مزيف يخطط للنصب على زرهوني وفي نفس السياق عالجت نفس المصالح، قضية فريدة من نوعها تتعلق بضابط مزيف حاول الاحتيال على وزير الداخلية السابق يزيد نور الدين زرهوني حيث تلقت أمانة وزارة الداخلية مكالمة هاتفية من شخص يدعي أنه ضابط سام في قوات الجيش الوطني الشعبي، طالبا التحدث إلى وزير الداخلية، وبالتحقيق معه تبين أنه ضابط مزيف، فتم استدراجه إلى مقر الوزارة للقبض عليه وتقديمه إلى العدالة بتهمة النصب والاحتيال، وأثناء استجواب المتهم، صرح أنه انتحل شخصية ضابط ليساعد شخصين على أداء مناسك الحج، مقحما هذين الأخيرين في القضية، ومثل المتهمون مؤخرا أمام مجلس قضاء الجزائر، واعترف المتهم الرئيسي بالوقائع المنسوبة إليه مؤكدا أنه كان ينوي مساعدة الشخصين الآخرين لأداء مناسك الحج.
حفيدة "طايوان" للفريق العماري تنصب على وكلاء السيارات ادعت أنها حفيدة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي السابق الجنرال محمد العماري، قامت بالنصب والإحتيال على أكثر من10وكالات كراء السيارات وسرقت منهم 22 مركبة فاخرة، واستفادت من6 أخرى بقيمة تفوق مليار سنتيم بوثائق مزورة من بنك الإيجار المالي بدالي إبراهيم، وأبرمت صفقة حليب بأكثر من 200 مليون سنتيم مع شركة "مايستريم" لصناعة الحليب. وقائع هذا السيناريو تعود إلى تاريخ 18أوت سنة 2009 عندما وردت معلومات لفرقة البحث والتحري للدرك الوطني بالشراڤة، من طرف مصدر موثوق مفادها وجود فتاة تدعى "م. ل" تبلغ من العمر30 سنة، هذه الأخيرة تقوم بالنصب والاحتيال على بعض وكالات كراء السيارات باستعمال اسم الفريق محمد العماري. وبعد فتح التحقيق، توصل المحققون إلى أن المتهمة كانت تملك وكالة معروفة لكراء السيارة بوسط زرالدة، حيث تقوم بإستجار السيارات بطرق قانونية على مستوى ولاية الجزائر ثم تقوم بعد ذلك ببيعها لضحايا آخرين موهمة إياهم بأن مالكيها الأصليين بحاجة ماسة إلى المال، على أن تتم عملية الكتابة بعد مدة تحددها هي. أما بالنسبة لأصحاب وكالات السيارات فقد كانت تمنح لهم مقابل كل عملية كراء للسيارات شيكات بنكية موقعة بإمضائها بدون رصيد ثم تقوم بقطع الاتصال معهم مع تغيير رقم خط هاتفها النقال دون أن ترجع لهم السيارات التي قامت باستإجارها. كما تبين من خلال التحقيق أن المتورطة في القضية لم تكن تنشط بمفردها بل بالتنسيق مع شبكة خاصة في النصب والإحتيال وعلى رأسهم المدعو"س. ب" البالغ من العمر 35 سنة والذي صدر في حقه أربعة أوامر قضائية وكلها قضايا متعلقة بالنصب والإحتيال. وخلال مراحل التحقيق، تلقت مصالح البحث والتحري شكاوي من10وكالات كراء السيارات، حيث سجلت من خلالها سرقة22 سيارة ذات طراز عالي "ڤولف سلسلة6، مرسيديس، نيسان 2009 ،9 سيارات من نوع بيجو207، وبارتنار2009، وسيارتين من نوع كليو 2008 وداسيا لوڤان 2006". وزير ضحية احتيال بعد توقيعه على ترخيص ومن جهة أخرى، علمنا من مصادر قضائية أن أحد الوزراء من الحكومة الحالية تعرض نهاية الشهر الماضي لعملية نصب واحتيال من طرف أحد الأشخاص الذي ادعى أنه ابن وزير لتشابه لقب هذا الأخير بأحد ألقاب أحد الوزراء الذي قال إنه هو من ارسله إليه ليمضي له على وثيقة إخراج البضاعة من الميناء، ونظرا للثقة العمياء قام الوزير بالإمضاء على الوثيقة، وبعدها مباشرة اتصل بالوزير الآخر، ليؤكد له أنه قام بتسوية وضعية ابنه ليتفاجأ أنه وقع ضحية النصب والاحتيال كون أن أولاد الوزير الأخر كلهم يتواجدون في الخارج.
انتحل صفة "دروكدال" للحصول على الملايير إذا كان الكثير من المحتالين يفضلون انتحال صفة شخصيات أمنية هامة ومسؤولين كبار في جهاز الدولة، فإن البعض منهم فضلوا انتحال شخصيات أتباع أمراء الجماعات الإرهابية على شاكلة "دروكدال" للاستيلاء على ممتلكات الضحايا، وهي الظاهرة التي حطمت الرقم القياسي في ولاية تيزي وزو وبجاية، وفي هذا السياق عالجت محكمة البليدة مؤخرا قضية تتعلق بعملية اختطاف نفذتها جماعة أشرار تحت غطاء أتباع "دروكدال" ابن أحد أثرياء منطقة البليدة مقابل مبلغ مالي ضخم يفوق2 مليار سنتيم وبعد عملية البحث والتحري في ملابسات القضية تبين أن الأمر يتعلق بمجموعة من اللصوص ولا علاقة لهم بأي تنظيم إرهابي.
المحامية فاطمة بن براهم: تشابه الألقاب واستعمال الهويات المزورة فاقم من حجم الظاهرة هذا، ولمعرفة كيف يصنف المشرع الجزائري الانتحال، تقربنا من الأستاذة فاطمة بن براهم التي أكدت أن قضايا انتحال الألقاب والأسماء والوظائف سجلت حضورا قويا في المحاكم سواء عن طريق تشابه الألقاب مع شخصيات ثقيلة في الدولة أو عن طريق تزوير وثائق الهوية، وعن العقوبة المسلطة في هذا المجال قالت بن براهم إن المشرع الجزائري يعاقب كل من يقوم بانتحال الوظائف والألقاب، بعقوبة أقصاها 5 سنوات، حيث تنص المادة 242 من قانون العقوبات على أن هذه العقوبة تسلط على كل من ''تدخل بغير صفة في الوظائف العمومية أو المدنية أو العسكرية، أو قام بعمل من أعمال هذه الوظائف يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات ما لم يكن فعل الجريمة أشد''. فيما تعاقب المادة 243 كل من استعمل لقب بغير حق أوأي مهنة نظمتها السلطة العمومية، كما جاء في المادتين 244 و246 انه يعاقب كل من استعمل أوارتدى بزة نظامية أولباس مميز لوظيفة أوإشارة أووسام من غير حق. كما تشير المادة 372 تضيف الأستاذة بن براهم في مضمونها إلى وجه آخر من أوجه الانتحال حيث اعتبرت كل شخص يستعمل أسماء أوصفات كاذبة أوسلطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي بهدف النصب والاحتيال على الغير يعاقب بالحبس من سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر وبغرامة مالية من 500 الى20000دج. ناقوس الخطر كما تكشف الإحصاءات الرسمية، التي تقدمها مصالح الأمن المشتركة سنويا بأن حالات انتحال صفة نظامية في ارتفاع مستمر، حيث عالجت مصالح أمن ولاية الجزائر حسب الأرقام التي تحصلنا عليها أمس 158 قضية نصب واحتيال خلال 8 أشهر من السنة الجارية على مستوى العاصمة فقط تم معالجة 70بالمائة منها، حيث تم إيداع49 شخصا رهن الحبس الاحتياطي واستدعاء مباشر ل37 شخصا، فيما تم وضع 69 تحت الرقابة القضائية، وكانت آخر قضية تناولتها ذات المصالح حسب ماصرح لنا به عميد الشرطة المكلف بخلية الاتصال بأمن ولاية الجزائرسمير خاوة، هي تلك التي عالجتها مصالح أمن دائرة الشراڤة نهاية الشهر الماضي، تم من خلالها توقيف مجموعة من4 أشخاص كانوا ينتحلون صفة شخصيات أمنية هامة ومسؤولين كبار في جهاز الدولة، ويحتالون على الشركات العمومية والخاصة مقابل الحصول على مشاريع كانوا قد تلقوا من أصحابها مبالغ مالية معتبرة، حيث تم إيداعه رهن الحبس المؤقت في انتظار إستكمال التحقيق وتقديمهم للمحاكمة. في حين عالجت مصالح الدرك الوطني خلال نفس سنة 2009 أكثر من 215 قضية نصب، تم من خلالها توقيف217 شخص من بينهم17 امرأة، حيث سجلت أعلى نسبة في العاصمة ب32 قضية، تليها سطيفووهران ب12 قضية، وبالمقابل فقد سجلت ذات المصالح خلال العشر الأشهر من السنة الجارية 157 قضية أسفرت عن توقيف 168 شخص من بينهم 156 رجل و12 امرأة تتراوح أعمارهم ما بين 18و50 سنة، كما أن 60 بالمائة منهم من فئة البطالين يليهم الناشطون في مجال الأعمال الحرة، ثم الموظفون والجامعيون وكلهم من الطبقة الفقيرة التي تحلم باعتلاء مناصب قيادية لتحقيق الرفاهية، حيث احتلت ولاية سطيف المرتبة الأولى ب10 قضايا تليها ولاية وهران ب12 قضية ثم ولاية قسنطينة ب 11 قضية، وأخيرا ولايتا عين تيموشنت والبليدة ب 8 قضايا.