مرة بعد مرة يثبت الجزائريون شهامتهم وكرم أخلاقهم عندما يتعلق الأمر بالوطن وأبنائه، ويؤكدون أنهم بالفعل شعب واحد من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، لا يمكن لشيء أن يفرقهم، أو يحول دون اجتماعهم على هدف واحد، وكلمة واحدة، ويثبتون مرة ثانية، صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، أنهم شعب التحديات الكبرى، والمواجهات الصعبة، وأن روح التضامن لديهم موجودة ومتوارثة في جيناتهم، وهي رد فعل طبيعي وعادي عندهم، يظهر عند الشدائد والأزمات دائما، بشكل غريزي، لا يحتاج إلى شحن أو دفع أو تعبئة· وبالنظر إلى ما تمر به البلاد هذه الأيام، بفعل الأحوال الجوية المستمرة منذ أكثر من أسبوع، والثلوج الكثيفة التي تسببت في عزلة عدد كبير من المناطق عبر مختلف ولايات الوطن، وما نتج عنها من إغلاق للطرقات، وعزل بعض القرى والمداشر، حيث تدخلت قوات الجيش الوطني الشعبي لمساعدة سكان تلك المناطق بإجلاء المتضررين ومساعدة سكان تلك المناطق لإزالة الثلوج، وتزويدهم بالمؤن الضرورية في صور رائعة عكست الهبة التضامنية للشعب الجزائري بمختلف فئاته وأطيافه، وتلاحمهم في المواقف الصعبة والأزمات، وهي المبادرات التي قامت بها الكثير من الهيئات و الجهات الرسمية، كوحدات الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني والشرطة، إضافة إلى وزارة التضامن الوطني والفرق التابعة لها، ولم يتوقف الأمر عند الجهات الرسمية فقط، بل امتد أيضا إلى باقي المواطنين الذين قرروا تنظيم حملات مساعدة وقوافل تضامنية نحو المداشر والقرى المعزولة والمتضررة بسبب الثلوج، واختار بعض الشباب في هذا الإطار صفحات الفيس بوك لأجل إطلاق هذه المبادرات وتنظيم الراغبين في المشاركة من المتطوعين، وكذا نوعية المساعدات اللازم تقديمها وغيرها· واتخذ بعض المنظمين شعار أن الجميع مدعو للمساهمة في حملات مساعدة المتضررين من رداءة الأحوال الجوية، أو ممن حاصرتهم الثلوج في مختلف ولايات الوطن، دون الاعتماد فقط على الهيئات الرسمية أو مصالح الدولة المختلفة، فعلى صفحة (1· 2· 3 فيفا لالجيري) مثلا، قال المشرفون عليه إنه تم اختيار منطقة تيزي وزو لتكون نقطة انطلاق المساعدات، خلال الأيام المقبلة، وكذا للوقوف على معاناة واحتياجات سكان المداشر، وتحضير قائمة بالضروريات التي هم في حاجة إليها، باعتبار أن المسؤولية هي مسؤولية الجميع، ولا تقع على عاتق طرف واحد دون غيره، ولاقت هذه المبادرات التي تم اختيار فضاء الفيس بوك لأجل الترويج لها وشحن الهمم للقيام بها استحسانا كبيرا لدى الكثير من المعلقين، الذين عبر الكثير منهم عن استعدادهم للمشاركة في هذه القوافل التضامنية، لفائدة سكان المداشر والقرى النائية التي عزلتها الثلوج، وحرمت سكانها من الحصول على المؤن الضرورية، بعد أن عجز موزعو المواد الغذائية المختلفة عن الدخول إليها ما جعلهم يعانون إلى جانب البرد الشديد من الجوع والعطش، ووضع حياتهم وحياة أسرهم على المحك· وينتظر الكثيرون أن تعمم مثل هذه الحملات التضامنية لباقي الولايات المتضررة كذلك، كي تصل المساعدات لأكبر عدد ممكن من الأسر مع إبداء عدد كبير من الشباب استعدادهم للمشاركة في جمع المؤمن المختلفة، كالأطعمة والأدوية والأغطية وغيرها، مع دعوة الآخرين كذلك إلى المساهمة في هذه الحملات التضامنية، بأي شكل من أشكال المساعدة، موازاة والمجهودات الجبارة التي تبذلها الدولة في هذا الإطار·