* 192 مدرسة خاصة وحقوق التسجيل لا تقل عن 90 ألف دينار سنويا * نسبة النجاح في التعليم المتوسط بالمدارس الخاصة 69.62 بالمائة وفي الثانوي لا تتعدى 38.91 بالمائة· * فقرات أساتذة التعليم العام يتحفظون على المستوى الهزيل لتلاميذ المدارس الخاصة· عرفت الجزائر في الفترة الأخيرة انتشارًا واسعًا للمدارس الخاصة بكلّ أطوارها، فقد كان وجودها محصورًا في العاصمة وبالتحديد في الأحياء الراقية بها، وكذا بعض المدن الكبرى، وكان الملتحقون بها بعض أبناء الأغنياء فقط· لكننا لاحظنا في السنوات الأخيرة ازياد عددها، وحتى ازدياد تقبل المجتمع لها، واعتبارها شيئا عاديًا بعدما كان ينظر إليها على أنها أمر جديد على الجزائريين· لكن المتتبع لتاريخ وجود المدارس الخاصة في الجزائر يجد لها وجودًا في الفترة الاستعمارية، إذ بعد سياسة التجهيل التي قام بها المستعمر عنوة، متعمّدًا طمس معالم الشخصية الجزائرية، وعدم سماحه للجزائريين بالتعلّم إلاّ لفئة قليلة جدا، فتفطنت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لذلك وأنشأت المدارس الحرّة التي تكفلت بتعليم الجزائريين وهي مدارس خاصة وقتها· وبقيت هذه المدارس موجودة حتى بعد الاستقلال الى غاية صدور أمرية سنة 1976، التي جعلت الدولة المتكفل الوحيد بالتعليم وبالتالي أغلقت المدارس الحرّة· تطوّر تواجد المدارس الخاصة من 2005 إلى الموسم الحالي وقد أشار السيد (عطية· ع) مدير فرعي مكلف بالتعليم الخاص والمتخصص بوزارة التربية الوطنية في حديثه عن المدارس والذي سألته أخبار اليوم في الموضوع الخاص بالجزائر أن أمرية سنة 1976 قد عدّلت سنة 2003 بفتح المجال للمدارس الخاصة· التي لاحظنا أنها أصبحت تستقطب عددًا كبيرًا من المتمدرسين رغم أنها ملتزمة باتباع برنامج وزارة التربية الوطنية· وهذا ما أكده لنا السيد (عطية) أن الوزارة لا تتسامح أبدًا مع عدم تطبيق أي مدرسة خاصة لبرنامج الوزارة، وباللغة الوطنية· وفي سؤالنا عن تطوّر تواجد هذه المدارس ابتداءًا من موسم 2005 / 2006 إلى غاية الموسم الحالي، فأجاب السيد عطية أننا بدأنا ب 99 مؤسسة سنة 2005 لنصل إلى 192 سنة 2011 وتأخذ العاصمة حصة الأسد منها ب 119 مؤسسة· أمًا أقل عدد نجده بولايتي الوادي والمدية للموسم الحالي· وحسب الاحصائيات التي قدمها لنا السيّد عطية دائمًا فإنّ عدد التلاميذ انتقل من 13122 سنة 2005 إلى 37969 سنة 2011· الموسم الدراسي 2005 / 2006 2006 / 2007 2007 / 2008 2008 / 2009 2009 / 2010 2010 / 2011 2011 / 2012 عدد الولايات 14 16 16 15 16 16 16 عدد المؤسسات الخاصة 99 126 137 142 160 180 192 عدد التلاميذ 13122 16885 20720 23190 25663 31661 37969 بملاحظتنا لهذه الإحصائيات نجد أن عدد الولايات الموجودة بها مدارس خاصة قليل جدًا فأقصى عدد هو 16 ولاية من مجموع 48 وعدد المدارس 192 مدرسة وهو أعلى عدد منذ 2005، ورغم أن القطاع الخاص يفترض به أن يكون رافدا مساعدا على نهضة المدرسة الجزائرية لكنه يبقى بعيدًا عن الوصول إلى هذا الهدف بالنظر الى عدد المدارس وحتى نتائج الامتحانات الرسمية في الطورين المتوسط والثانوي· نتائج لا تعكس مستوى التطلعات لتعليم راق باستثناء الابتدائي وقد سألنا السيد عطية فبيّن أن نسبة النجاح في الابتدائي في الموسم 2010 / 2011 كانت 46، 95 % وهي نسبة جيدة بالنظر إلى عدم تشتت ذهن الطفل وبقائه في نفس المؤسسة طيلة الخمس سنوات ممّا يتيح له فرصة أفضل للتحصيل العلمي· أمّا في مرحلة المتوسط فهي 62، 69 % وهي نسبة مقبولة، لكنه قسّم تلاميذ المتوسط إلى فئتين: الفئة الأولى انتقلت من مدرسة خاصة إلى مدرسة خاصة أخرى، والفئة الثانية انتقلت من مدرسة عمومية إلى مدرسة خاصة من أجل تحسين مستواهم بالنظر للظروف الحسنة فيها خاصة العدد القليل من التلاميذ في القسم الواحد· أما مرحلة الثانوي فالنتائج لسنة 2010 / 2011 لم تتجاوز نسبة 91، 38% وهي نسبة ظئيلة جدًا، لكن السيّد عطيّة فسر ذلك بأن القانون التوجيهي للتربية الوطنية الصادر في 2008 أن التلميذ دون ال16 لا يطرد مهما كان مستواه، لكن إن وصل إلى سن 16 سنة ولم يتحصل على مستوى مقبول في الثانوي فإنه يطرد، فيلجأ إلى المدارس الخاصة التي تمنحه فرصة في إعادة السّنة، أو مواصلة الدراسة، فهي تساهم في الحدّ من التسرّب المدرسي حسب السيّد عطية دائما (لأنه يمتص التسرب المدرسي)، ويعدّ رافدًا من الروافد للمؤسسات العمومية بدلاً عن خروج التلاميذ للشارع، فقد ننقذ مجموعة وإن كانت قليلة منهم· تأطير بيداغوجي من أساتذة متقاعدين أو مدرسين بالمدارس العمومية وفي سؤال آخر عن انتقاء الأساتذة أجاب محدّثنا أن الأساتذة الملتحقين بهذه المدارس ثلاثة أصناف: حديثو التخرّج من الجامعات، الأساتذة المتقاعدون، وبعض الأساتذة الذين لا يزالون يعملون في المدارس العمومية يأخذون رخصة من مديرية التربية تسمح لهم بالتدريس في هذه المدارس الخاصة· * المدارس الخاصة ملزمة باتباع مناهج وتوقيت التدريس المفروضة من طرف وزارة التربية· ولدى سؤالنا عن التوقيت، البرنامج والحجم الساعي أجاب السيد عطية أن هذه المدارس ملزمة بالتوقيت والبرنامج والحجم الساعي المسطر من طرف الوزارة، وفي حال طلب أنشطة اختيارية لا ينبغي أن تتجاوز الخمس ساعات أسبوعيا ولا تتمّ إلاّ بترخيص من وزارة التربية كالمسرح والترجمة مثلا)· وقد ركز السيد عطية أن كل المدارس الخاصة ملزمة بتطبيق البرنامج الذي سطرته الوزارة دون غيره· وفي سؤالنا عن مؤسسات التعليم المدرسية الأجنبية أجابنا أنها مؤسسات تابعة للسفارات المختلفة لكنها لا يمكنها استقبال تلاميذ جزائريين إلاّ إذا كانت تطبق البرامج التعليمية الجزائرية المقررة من وزارة التربية الوطنية· دفتر الشروط الفيصل بين الوزارة وبين هذه المدارس وقد سألنا عن مدى احترام أصحاب هذه المدارس الخاصة لدفتر الشروط، وعن مصير تلك التي تخالف دفتر الشروط فأجابنا أن دفتر الشروط هو عقد بين الوزارة وصاحب المؤسسة، وإذا أخلّ ببند من البنود يصبح تجاوزًا وتطبق عليه النصوص الخاصة بالمرسوم التنفيذي (إنذار، توبيخ، وتصل حتى إلى الغلق لأنّ الرقابة موجودة بصفة مستمرة· وقد سحب الاعتماد من بعض المدارس لأسباب مختلفة· وعند استفسارنا عن مصير التلاميذ بعد غلق تلك المدارس أجاب أن الوزارة تتكفل بهم فمن تتوفر فيه الشروط المطلوبة من خلال تتبع المسار الدراسي للتلميذ يمكن أن يعود للتعليم العمومي· وفي آخر سؤال حول مدى رضى الوزارة عن آداء المدارس الخاصة أجاب ضيفنا أنّ النقائص موجودة في القطاعين العام والخاص، ونحن نسعى لتداركها، لكن هناك دفتر شروط يضبط عمل هذه المؤسسات وينبغي الالتزام به من أجل الرفع من أداء هذه المدارس نتائج لا ترتقي إلى مستوى التطلعات وعلى الرغم من التكاليف الكبيرة التي يأخذها الأولياء على عاتقهم من أجل تحسين مستوى أبنائهم إلاّ أنّ النتائج لا تعكس تحسنا في المستوى إذا استثنينا الابتدائي الذي تتجاوز نسبة النجاح فيه الموسم 2010، 2011: 46، 95% ونجد هذه النسبة تتناقص إلى 62، 69 في المتوسط لتتدنى إلى 91، 38 % في الثانوي وهي نسبة ضئيلة جدا، خاصة إذا ما قورنت بنتائج القطاع العام التي تجاوزت 61% للموسم نفسه· وفي هذا الصدد قصدنا أساتذة إحدى الثانويات الخاصة غرب العاصمة، حيث أكدت لنا السيدة (ت· ن) أستاذة مادة الفلسفة أن مستوى أغلب التلاميذ متدنّ ولا يؤهلهم للحصول على نتائج مقبولة، والسبب حبسها يعود لافتقادهم للملكة اللغوية التي هي مفتاح التواصل بين التلميذ والأستاذ، فأغلب هؤلاء التلاميذ ليس لهم الإلمام الكافي باللغة العربية· أما السيد (ن·م) أستاذ الشريعة الإسلامية فحدد سبب تدني المستوى إلى أن الكثير منهم طرد من المدارس العمومية بسب تجاوزهم السن القانونية المسموح بها، أو عدم حصولهم على المعدل المطلوب، فيجد في التعليم الخاص ملاذا آمنا له· لكن الأستاذ (ب· ي) أستاذ الرياضيات فأرجع سبب تدهور المستوى إلى عدم حصولهم على قاعدة متينة من المعارف تمكنهم من الوصول إلى معارف أعلى مستوى فيجدون أنفسهم عاجزين عن المواصلة· غير أن الأستاذة (م· د) أدب عربي رأت أن نقص مستوى أغلب التلاميذ لم يمنع بعضهم من الحصول على البكالوريا وهم الآن على أبواب التخرج من الجامعة، وعلى قلة عددهم فهي ترى أن الصورة ليست سوداء لهذا الحد، بل المدارس الخاصة كانت طوق نجاة لبعض التلاميذ الذين تهاونوا في القطاع العام وبعد توجههم للقطاع الخاص وجدوا ظروفا مناسبة لهم مكنتهم من النجاح وهو حال تلميذة لها تزاول دراستها حاليا بالمدرسة الوطنية للتجارة· أولياء يختارون المدارس الخاصة لماذا؟ لا يعد كل التلاميذ المتوجهين للقطاع الخاص مطرودين من المدارس العمومية، بل هناك من الأولياء من يختار المدارس الخاصة طوعا، ولكل أسبابه، فالسيدة (م· ف) ولية تلميذة بإحدى المدارس الخاصة غرب العاصمة أجابتنا أنها تبحث لابنتها عن زملاء من نفس البيئة الاجتماعية والذين لهم نفس التربية ونفس المستوى المادي، مما يجعل ابنتها مرتاحة، وحسبها فالمدارس العمومية تضم خليطا من مختلف الطبقات مما قد يؤثر على تفكير وعقلية ابنتها· نفس الطرح تبناه أحد الأولياء محام، فإضافة إلى الأسباب السابقة فالمدرسة الخاصة تضمن لابنه البقاء داخلها من الصباح إلى المساء، وبالتالي لن يخاف على ابنه من الخروج إلى الشارع وتلقف مساوئه لأن الفاصل بين الفترتين الصباحية والمسائية هو ساعة واحدة يتناول فيها التلاميذ وجبة الغداء، أمّا السيدة (س· م) طبيبة فترجع سبب اختيارها للمدرسة الخاصة إلى أنّ الوسائل متوفرة فيها وعدد التلاميذ ليس كبيرا وبالتالي فظروف تعلّم ابنتها ستكون أفضل بالضرورة· هل هي تكريس للطبقية؟ بعد أن كان تواجد المدارس الخاصة يقتصر على أحياء راقية معدودة في العاصمة ازداد انتشار هذه المدارس، لكن هذا الانتشار لا يشمل أبناء الجميع، فالالتحاق بإحدى هذه المدارس يكلف الكثير، مما يعني أنها ممنوعة على الفقراء ومتوسطي الدخل وإذا أخذنا نموذجا لبعض الثانويات نجدها تشترط مبلغ 90.000 دينار جزائري للسنة، إضافة إلى تكاليف الإطعام التي تصل إلى 40.000 دج دينار جزائري، وهناك مدارس تشترط رقما أعلى، وهذه المبالغ ليست متاحة إلا لنسبة قليلة جدا من المجتمع لا تتجاوز 10 % من مجموع التلاميذ المتمدرسين وهذا الرقم بعيد عن تحقيق المدارس الخاصة لمكانها أمام التعليم العمومي، وبأنها لن تحقق نتائج أفضل بما أنها خاصة بفئة دون فئة أخرى، يجعل فئة خاصة من المحظوظين تحظى بفرصة تمدرس أفضل مما يمكننا من القول إنّها تكرس الطبقية ولو كانت بشكل غير مباشر، فالكثير من التلاميذ وحتى الأولياء يطمحون لأن تكون لأبنائهم نفس ظروف التمدرس وأهمها مستواهم الاجتماعي المتساوي، ونفس عددهم الذي لا يتجاوز 18 تلميذا في القسم الواحد، وهو حلم بالنسبة لتلاميذ المدارس العمومية الذين يتجاوز عددهم 35 تلميذا في القسم الواحد وقد يصل إلى 45 تلميذا، ولا يمكنهم الالتحاق بالمدارس الخاصة بسبب ارتفاع التكاليف· لكن مالكي هذه المدارس يبررون هذا الارتفاع في التكاليف بارتفاع التكاليف الملقاة على عاتقهم، فأغلب الفيلات التي يتم كراؤها يفوق مبلغ كرائها مبلغ 300.000 دينار، إضافة إلى رواتب الأساتذة التي تمثل المبلغ بين 750 دينارا إلى 1200 دينار للساعة الواحدة، فهم يرون أن المبالغ التي يدفعها الأولياء منطقية مقابل ما يجده أبناؤهم في شروط لائقة للتمدرس·