نشرت جريدة (الباييس) الإسبانية مقتطفات من كتاب (الملك المستحوذ)، وهو من إنجاز الصحافي المخضرم إريك لوران الذي كان صديقا للملك المغرب الراحل الحسن الثاني، وحاوره في كتاب (ذاكرة ملك)، والصحفية كاثرين غراسيي، مؤلفة كتاب (حاكمة قرطاج)، الذي كشفت فيه عن فساد الأسرة الحاكمة في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي· الكتاب الذي يقع في 216 صفحة، يحمل عنوانا مستفزا هو (الملك المستحوذ) ويتحدث عن زواج السلطة والمال في المغرب داخل الأسرة الملكية· وفيما يلي تلخيص بتصرف لأهم ما جاء في مقال صحيفة (الباييس): رعايا وزبائن يقف الكتاب عند الارتفاع السريع في ثروة الملك المغربي محمد السادس ليصبح، في عام 2008، سابع أغنى ملك في العالم متجاوزا بثروته أمراء قطر والكويت· ويقول مؤلفا الكتاب إن سر ارتفاع ثروة الملك هو أنه حول رعاياه إلى (زبائن) لمنتوجات شركاته التي تحتكر أغلب الخدمات الأساسية، وهو ما جعل مجلة (فوربس) المتخصصة في تتبع ثروات أغنياء العالم تقدر ثروة الملك محمد السادس بنحو 2.5 مليار دولار· ومن المفارقات التي يقف عندها الكتاب هو أنه في عام 2009، وبالرغم من الأزمة المالية القوية التي ضربت أقوى الاقتصاديات في العالم، نجح محمد السادس في زيادة ثروته التي تضاعفت خلال خمس سنوات، وبالتالي النجاة من الأزمة الخانقة التي حطمت اقتصاديات دول متقدمة اقتصاديا على المغرب! ويورد الكتاب أن تقرير التنمية البشرية الذي يعده برنامج الأممالمتحدة للتنمية، والذي يغطي الفترة 2007-2008، صنف المغرب في المرتبة ال 126 من بين 177 دولة· وحسب نفس التقرير فقد بلغ معدل الفقر في البلاد نسبة 18.1 بالمائة· والأسوأ من ذلك، يقول مؤلفا الكتاب، هو أن أكثر من خمسة ملايين مغربي يعيشون بأقل من 10 دراهم في اليوم، والحد الأدنى للأجور القانوني لا يتجاوز 55 درهما في اليوم الواحد· الكتاب يقول بأن تقديرات مجلة (فوربس) للثروة الملكية، تبقى متواضعة، لأنها تفوق في الواقع ذلك بكثير· كما يضيف بأن المجلة تصمت عن كيفية مراكمة تلك الثروة، ويربط الكتاب بين زيادتها وارتفاع أسعار الفوسفات، الذي يعتبر المغرب من رواد مصدري منتجاته في العالم، دون أن يقدم المؤلفان أي دليل موضوعي على هذا الربط· زواج غير شرعي الكتاب يصف الملك بأنه يعتبر (المصرفي الأول) في المغرب، و(المؤمن الأول)، و(المزارع الأول)، والمتحكم في صناعة المواد الغذائية وتجارة التجزئة والطاقة· ويقدم الكتاب مقارنة بين عهدي الملك محمد السادس وعهد والده· ويقول مؤلفاه إن الملك الراحل الحسن الثاني كان منتبها جدا لعدم تداخل السلطة بالمال، وبأنه كان يشعر بالقلق من انخراط أفراد من العائلة الملكية في مجال المال والأعمال ابتداء من نفسه· في حين يرى المؤلفان أن الملك الحالي يبدو منصرفا أكثر لتنمية ثروته الشخصية· ويلاحظ الكتاب أن هذا الزواج غير الشرعي بين (المال) و(السلطة) هو الذي أدى إلى تحرك الشارع في العالم العربي، وهو التحرك الذي لم يسلم منه حتى الشارع المغربي عندما حمل المتظاهرون في المدن المغربية شعارات تطالب برحيل اثنين من أصدقاء الملك هما محمد منير الماجدي، السكرتير الخاص للملك وفؤاد علي الهمة، صديقه ومستشاره، باعتبارهما وجهين للفساد في مجال المال والسياسة في مغرب محمد السادس· الكتاب يقيم مقارنة سريعة بين الوضع في المغرب، والوضع في دول مجاورة شهدت ثورات انقلبت فيها الشعوب على حكامها بسبب تلك الأوضاع· ففي عام 2009، يورد الكتاب، أن متوسط دخل الفرد السنوي في المغرب كان في حدود 4950 دولار (نحو 4 ملايين سنتيم)، وهو نصف متوسط دخل المواطن التونسي أو الجزائري· تكاليف القصور الملكية وبالنسبة لمؤلفي الكتاب، فإن الملك لا يستحوذ فقط على أهم الاستثمارات في قطاعات متنوعة من اقتصاد المغرب، وإنما يحظى أيضا بميزانية خاصة تقتطع من ميزانية الدولة العامة، تتمثل في (ميزانية القصر) التي لا تخضع للمناقشة داخل البرلمان· أكثر من ذلك، يقول مؤلفا الكتاب، فإن المعاشات التقاعدية والأجور الحقيقية، التي تبلغ سنويا 2.5 مليون يورو ( مليارين ونصف من السنتيمات)، تصرف لأفراد من الأسرة الملكية، بالإضافة إلى التعويضات التي تدفعها لهم الدولة المغربية مقابل أنشطتهم الرسمية· تضاف إلى هذه المصاريف، حسب الكتاب نفسه، تكاليف القصور الملكية التي قدرها المؤلفان ب 12 قصرا منتشرا في جميع أنحاء البلاد، والتي تضاف إليها 30 من الإقامات الملكية، يعمل بها أكثر من 1200 شخص، تدفع لهم أجورهم من الخزينة العامة للدولة· وقدر الكاتبان مصاريف صيانة هذه القصور والإقامات بنحو مليون دولار يوميا· وذلك بالرغم من أن الملك لا يستغل سوى ثلاثة أو أربعة من هذه القصور التي لم يزر أغلبها منذ توليه الملك قبل 12 سنة! وبحسب المعلومات الواردة في الكتاب، فإن الموظفين العاملين في القصر الملكي، يكلفون كل سنة نحو 70 مليون دولار من ميزانية الدولة· ويتكون هذا الطاقم من الخدم الأكثر تواضعا وصولا إلى موظفي الديوان الملكي (300 من الموظفين الدائمين)· أما حظيرة سيارات القصر فتكلف، بحسب الكتاب، ميزانية ستة ملايين يورو مخصصة لتجديد المركبات التجارية، وصيانة السيارات الفاخرة التابعة للقصر· ويقدر الكتاب مصاريف سفريات الملك وحاشيته إلى الخارج بأكثر من ثلاثة ملايين دولار أسبوعيا· وأشارا إلى أن الرحلات الرسمية للملك غالبا ما تمتد لتتحول إلى إجازات· أما تكاليف تحركات الملك في الداخل، فلا تقل تكلفة عما تكلفة سفرياته نحو الخارج، وهنا يورد المؤلفات أن مصاريف تحركات الملك في الداخل تكون جد مكلفة وتشمل مصاريف تأمين المدينة التي يتوجه إليها الملك من قبل قوات الشرطة والدرك والآلاف من الرجال لحراسة المنطقة· وإذا كانت المنطقة لا تتوفر على قصر أو إقامة ملكية، فيتم تخصيص مساكن فخمة لإقامة حاشية الملك ومرافقيه من المستشارين والوزراء ورجاله، وتقوم قوافل من الرباط أو مراكش بنقل الأثاث، والأطباق، والمطابخ والطهاة وغيرهم من الموظفين· ويضيف المؤلفان أن الغرض من هذه الرحلات يكون أحيانا من أجل تدشين مستشفى صغير، سرعان ما تغلق أبوابه وتعرض معداته الطبية للتأجير بعد مغادرة الملك للمنطقة، كما حصل في إحدى مدن الجنوب المغربي، حسب ما أورده المؤلفان· مؤامرات المحيط الملكي المحيط الملكي، لا يخلو من تآمر، حسب الكتاب نفسه، بين أقرب مساعدي الملك وكلهم من أصدقاء دراسته وطفولته، ويورد الكتاب الصراع الخفي بين هؤلاء، خاصة بين محمد رشدي الشرايبي، وفؤاد عالي الهمة، وكلاهما يتحدران من أسر فقيرة، درسا مع الملك في المدرسة المولوية، وأصبحا يتنافسان بأساليب ملتوية وأحيانا لا تخلو من العنف والتآمر، على حد تعبير المؤلفين، من أجل إثبات قربهما من الملك، ويقول المؤلفان بأن الهمة نجح في الفترة الأخيرة من حسم الأمر لحسابه كأقرب صديق للملك· ويكشف الكاتب أن الهمة نجح أيضا في إقصاء منافس قوي له هو المستشار محمد المعتصم، الذي لعب دورا في إخماد (الربيع المغربي) عام 2011· ويقول المؤلفان إن الهمة مدين في تفوقه على منافسه إلى معلمه إدريس البصري، وزير الداخلية القوي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، والذي علم الهمة كيف يكون مولعا بتجميع المعلومات السرية عن منافسيه· ويخلص الكاتبان إلى تسجيل ملاحظة أن أصدقاء طفولة ودراسة الملك ظلوا يحتكرون المناصب المهمة داخل مؤسسة محمد السادس، ما عدا العسكر·