(النزعة النصرانية في قاموس المنجد) هو عنوان كُتَيّبٍ قيّم من تأليف الدكتور إبراهيم عوض المعروف باهتمامه العميق والواسع برصد دسائس أعداء الإسلام المعاصرين من منصرين متعصبين ومستشرقين حاقدين· الكتيب الذي نشرتْه دار الفاروق بالطائف، كتاب كامل الدسم كما تقول العامة، وذلك بالرغم من عدد صفحاته القليل-58صفحة-، فالمؤلف الفاضل أفلح في تقديم قضيته الموفقة بكثافة متميزة، فأنت تحصل على (زبدة) الموضوع بلا حشو ولا استطراد ولا هروب من لُبّ البحث إلى القشور· ولا يخفي الدكتور عوض أن الانتشار الكبير لهذا القاموس حتى يصح وصفه بأنه مما عمّتْ به البلوى، -صدرت منه أكثر من 30 طبعة!!- هذا الانتشار السام كان على رأس الدوافع التي حفزته على تعرية هذا المرجع الكنسي المتخفي في ثياب قاموس، ففضح خبيئته أمام جمهور القراء، الذين يقتنون المنجد لأنه قاموس عصري وليس بقديم، كما أنه مزود بالصور الملونة والرسوم التوضيحية، بالرغم من أن المؤلف اقتناه اضطراراً إذ لم يكن يطمئن إليه أصلاً· ومن خلال المراجعة العابرة، استفز الدكتور إبراهيم ما لاحظه في قاموس المنجد من مسحة نصرانية لا تلائم قاموساً لغوياً تاريخياً، فقرر الإبحار فيه وتقويمه تقويماً شاملاً، ليجد تلك النزعة النصرانية عارية تطل-كما قال-برأسها القبيح كلما أتيحت لها فرصة، وبلا مناسبة في أحيان كثيرة!! القاموس نصراني في كل شيء باستثناء إشراك بعض المسلمين في جوانب تتعلق بالإعلام العرب، لكنه إشراك ثانوي لأنه تحت الهيمنة الصليبية الجلية، فالقرآن الكريم لا يوصف بأي وصف تقديري مثل: الكريم والعظيم ولو لمرة واحدة، أما الكتاب الديني للقوم فلا يُذْكَر إلا متبوعاً بكلمة:المقدس!!والشواهد القرآنية في القاموس ترد بصيغة تجهيلية تنم عن حقد دفين، فلا ينسبها القاموس إلى كتاب الله تعالى!! وفي القاموس الضخم كله لا وجود لمواد عن الحديث النبوي ولا نصوص منه إلا نادراً مع عدم الإشارة إلى أنها حديث شريف إلا مرة واحدة!!فلا كلمة في مادة:حدث، ولا في مادة: صحّ مثلاً للتعريف بالصحاح أو بصحيحي البخاري ومسلم في الأقل· بل إنه تجاهل عن سابق تعمد أي ذكر لشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) في مادة (شهد) وهي الركن الأول من أركان الإسلام· كما تغيب السيرة النبوية غياباً مطلقاً بينما يعتمد أصحاب المنجد كتابهم (المقدس) مرجعاً وحيداً في كل ما جاء ذكره فيه، كادعاء أن حواء هي التي أغوت آدم فأخرجه الله عز وجل من الجنة!! والافتراء على نبي الله داود جرياً وراء التوراة المحرفة، بأنه خطط للتخلص من قائده أوريا الحثي ليتزوج بزوجته!! والقاموس المتعصب يفصل القول بخصوص أي عقيدة أو عبادة أو مصطلحات نصرانية ويتحدث عنها بطريقة الجزم والتعميم، لمنه يتعامى عن القضايا الإسلامية وإذا أوردها ينسبها إلى المسلمين فقط: نبي المسلمين، الصحابة: أصحاب نبي المسلمين····فلا وجود لصلاة الفجر ولا الظهر ولا أي من الصلوات الخمس، بل إنك لن تعثر على كلمة بشأن صلاة الجمعة!!فإذا غضضنا البصر عن أن 90 بالمائة من جمهور القاموس مسلمون، فإن القاموس لو كان لغوياً كما يزعم واضعوه لما أغفل كل تلك المفردات ومعانيها الأصلية ثم تطور دلالاتها!! فكيف إذا عرفنا أنه يتوهم أن الكعبة هي المسجد الحرام، مع أن الأطفال في الدنيا اليوم يعلمون من الصور العادية والمتلفزة أن الكعبة في المسجد الحرام وليست هي المسجد عينه· ومن بلايا المنجد توسعه في إيراد كلمات أعجمية ذات نكهة نصرانية أكيدة، مثل: الأباتي والأبرشية والخورس· ومما أخذه الدكتور عوض على المنجد الحافل بالرزايا تغييبه المتعمد لأعلامنا المعاصرين من أدباء وعلماء ومفكرين، في حين يحشد أسماء من أنحاء العالم لمجرد كونهم نصارى ويسميهم قديسين!! ويختم المؤلف دراسته الكاشفة الموثقة، بصرخة نابعة من ضمير يقظ يؤلمه انتشار هذا القاموس الكفري الرديء بين أبنائنا، وعدم إنتاجنا قاموساً عصرياً موضوعياً، يعبر عن الحق وعن هويتنا ويقدم أعلامنا بما يستحقونه من تقدير واجب· وهي دعوة كريمة نضم صوتنا إليها متمنين على بلداننا العربية المسلمة، أن تنهض بهذا العمل المشرف، وإلا فليتنازل بعض أثريائنا عن القليل من مالهم لخدمة دينهم ولغتهم التي شرفها الله بالقرآن الكريم، وهو عمل سوف يمنحهم ثناء الخلق وتقدير أهل الذكر وسمعة طيبة دائمة على مدى الأجيال·