مع تزايد الإحصائيات عن العنوسة في السنوات الأخيرة وتأخر سن الزواج في الجزائر راحت العديد من الفتيات تلهثن وراء تحقيق حلم الزواج قبل فوات القطار، وراحت بعضهن تستعمل أساليب أقل ما يقال عنها إنها خارجة عن المألوف بل تسقط في مطبّ الشعوذة، إلا أن كثرة استعمالها أدى ببعضهن إلى إسقاط تلك الخاصية عنها من باب أنها لا تؤذي بل تؤدي إلى تعجيل زواج البنت حسبهم· ويكون لبعض العطارين وللأسف القسط الأوفر من المسؤولية بعد أن وفروا ذلك الحجر وعددوا منافعه لتعجيل الزواج للبنت خاصة وأنه المشكل القائم في هذه الأيام، خوفا من لحاق الفتاة بركب العنوسة وضياع مستقبلها عند البعض، متناسين أن حكمة الله تعالى فوق كل اعتبار وأن الزواج والرزق والموت هم بيده سبحانه الذي لا شريك له، إلا أن ضعف بعض الفتيات أدى بهن إلى اتباع ذلك الطريق الملتوي وشاعت بينهن (الهبالة) كطريقة للإيقاع بالعاشق الولهان لاسيما وأنها تتوفر ببعض محلات العطارة وهو حجر وردي كان يُستعمل في السابق كبودرة للتجميل، إلا أن بعض المشعوذات جعلنه كطريقة في السحر بعد قراءة بعض التعاويذ عليه، ولم تستعمله غير المتعلمات فحسب بل قفزت الظاهرة حتى لمتعلماتٍ يشغلن مناصب مرموقة· وللوقوف أكثر على الظاهرة قمنا بزيارة إلى محل للعطارة بالعاصمة ولم نفصح عن هويتنا وتظاهرنا بطلب حجر (الهبالة)، بحيث رد صاحب المحل فورا أنه يتوفر بالمحل وأنه (يوفر النوعية الراقية الرفيعة وجلبها من الخارج)، ونحن هناك حتى أقبلت فتيات، وطلبن الواحدة تلو الأخرى، حجر (الهبالة) خاصة وأنهن على يقين أن الحجر الذي يوفره هو حجر رفيع كيف لا وهو مجلوب من دولة ذاع صيت نسائها في أعمال السحر والشعوذة كما يعرفه العام والخاص· ووقفنا على طلب إحداهن كمية تعادل مبلغ 400 دينار مما يمكّنها من اكتساب كمية كبيرة قالت إنها ستتكفل بتقسيمها على زميلاتها من (تعيسات الحظ) لكي تساعدهن على الإيقاع بالرجال والتقدم لخطبتهن، خاصة وأنها تحفظ العبارات الواجب ترديدها على الحجر للتأكد من مفعوله في الإيقاع بالرجال من دون حاجتها إلى الذهاب إلى عرافة، ولمحت لنا حتى ببعض العبارات، مما يؤكد المفعول السحري لذلك الحجر الذي استحلت بعض الفتيات استعماله في الشعوذة والعياذ بالله· بل حتى هناك من أرجعت ارتفاع نسبة العنوسة إلى تراجع البعض عن استعمال تلك الطريقة التي كانت تستعملها الفتيات من الجيل السابق لتعود تدريجيا شيئا فشيئا في السنوات الأخيرة حسب ما فرضته المعطيات الراهنة والمتعلقة بتأخر سن زواج الفتاة إلى ما فوق الثلاثينيات· فتاة أخرى أتت إلى هناك كانت تظهر أنها قد تجاوزت العقد الرابع بسنوات وبصعوبة استطعنا أن نعرف وظيفتها، فهي طبيبة تأخر سن زواجها ونصحت باستعمال (الهبالة) ليهوس بها الرجال ويتقدمون لخطبتها واقتنت ما يعادل قيمة 200 دينار من الحجر الذي تحول إلى كنز ثمين بيد الفتيات يستعملنه من أجل الإيقاع بالرجال، كما أن اسمه مستخلص من طبيعة مهمته بعد أن تحولت (الهبالة) إلى كمين لشد ومسك الرجل· ومن الناحية الشرعية فإن كل تلك الطرق تدخل من باب السحر والشعوذة لا يجوز استعمالها أو الأخذ بها أو حتى النصح بنفعها، كون أن الزواج هو بيد الله تعالى ولا يختزل القضاء والقدر في مجرد حجر منشأه من الطبيعة التي هي ملك لمالك الكون·