يمثل اليوم أمام محكمة جنايات العاصمة (جرمان كمال) المكنّى (أبو عبد الجليل) الذراع الأيمن ل (عمّاري صايفي) وأحد المخطّطين لعملية اختطاف السيّاح الألمان من الصحراء الجزائرية سنة 2003 لمواجهة جناية الانخراط في جماعة إرهابية مسلّحة غرضها بثّ الرّعب في أوساط السكان وخلق جوّ انعدام الأمن من خلال الاعتداء الجسدي والمعنوي على الأشخاص، غير أنه من المحتمل تأجيل القضية لغياب (البارا)، حيث ما يزال الغموض يكتنف مصيره رغم تقديمه مطلع السنة الماضية أمام قاضي التحقيق بمحكمة (سيدي امحمد) الذي أمر بإيداعه رهن المؤسسة العقابية (سركاجي) في انتظار استكمال مجريات التحقيق. محاكمة المتّهم جاءت بعد سلسلة من التأجيلات بسبب تمسّك هذا الأخير بحضور دفاعه من جهة وحضور أمير منطقة الصحراء عبد الرزّاق البارا الذي يذكر اسمه للمرّة الثالثة خلال هذه الدورة، حيث سبق لذات الهيئة وأن أرجأت الفصل في ملفه رفقة حسان حطاب نهاية الأسبوع الماضي بعدما قامت بفصلهما عن ملف جماعة إرهابية كانا ضالعين ضمنها. كما أفادت مصادر قضائية بأن النيابة العامّة فشلت في تبليغ البارا استدعاء هيئة المحكمة، حيث لم يتمّ العثور على اسمه مدوّنا في قائمة النّزلاء بسجن (سركاجي)، كما أعلن عنه سابقا النّائب العام لمجلس قضاء الجزائر. ويشير الملف القضائي للمتّهم إلى أن البارا تورّط في عدّة عمليات إرهابية أهمّها المشاركة في اختطاف سيّاح من جنسيات ألمانية وسويسرية سنة 2003 من الصحراء الجزائرية واغتيال عدد من عناصر الأمن والجيش، إلى جانب أنه كان شاهدا على الانشقاق الذي حدث بين (الجيا) والجبهة الإسلامية للإنقاذ وحاضرا في اجتماع تاغدة بباتنة سنة 1998، والذي كان بمثابة ميلاد تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال المسلّح، حيث اعترف في محاضر الضبطية القضائية بأن نشاطه الإرهابي انطلق سنة 1993 عندما التحق بمجموعة إرهابية تنشط بمدينة أم البواقي، والتي كان يقودها أميرها (الحاج لخضر قواز)، وتمّ تسليحه ببندقية صيد، كما كلّف رفقة بقّية العناصر الإرهابية بجمع الأموال والأسلحة من السكان وشارك في حرق وتخريب عدد من المؤسسات العمومية من بينها ابتدائية ببلدية عين الكرشة ومقرّ بلدية بوغرارة. ليضيف (أبو عبد الجليل) في محضر تصريحاته أنه أقام سنة 1994 بقيادة (الشيخ مسلم) على مستوى مدينة عين البيضاء حاجزا مزيّفا وقتل أشخاصا دون التأكّد من هويتهم، وأن الضحايا يبدو أنهم عسكريون، كما قام بالقبض على شرطيين من الأمن الوطني، وأنه بقي على نفس الوتيرة لنشاطه الإرهابي إلى غاية 1997 أين التحق مع بعض العناصر الإرهابية بكتيبة (الفتح) المرابطة بجبال (الدوكان) بولاية تبسة، والتي كان يقودها الإرهابي (جمال زيتوني) أمير وطني و(أبو بصير المولدي) أمير المنطقة، وهذا بناء على طلب تحويله لعدم موافقته على تعيين حيدر قائد عسكري. وخلال فترة انشقاق لجماعات الإرهابية التي كانت تنشط بالجبل الأبيض شارك الإرهابي في سلب 30 رأسا من الماشية وقتل الرّاعي، وفي نهاية 1998 انعقد اجتماع تاغدة بباتنة بهدف إنشاء التنظيم الإرهابي المسمّى الجماعة السلفية للدعوى والقتال وتنصيب أميرها أبو مصعب وعكاشة البارا كضابط عسكري وأبو البراء ضابط أيضا والإرهابي حسان حطاب الأمير الوطني، مضيفا أنه وإثر اجتماع 1999 تقرّر إدماج كتيبة (الفتح) ضمن التنظيم السلفية للدعوى والقتال. وفي نفس الفترة انضمّ البارا إلى الكتيبة وشارك معه في نصب عدّة كمائن كان أوّله في تبسة، أين تمّ اغتيال 7 أفراد من الجيش الشعبي الوطني، والثاني بجبل الجرف حيث تمّ القضاء على عناصر من الدفاع الذاتي والاستحواذ على أسلحتهم ومدّخراتهم، والثالث ببئر العاتر تمّ اغتيال 11 فردا من الحرس البلدي، وامتدّ نشاطه الإرهابي إلى سنة 2004 عندما ألقت القوّات التشادية القبض عليه وسلّمته لنظيرتها الليبية التي قامت بإرساله إلى الجزائر ومنذ ذلك الوقت وهو يقبع في السجن دون محاكمة.