يحتل شهر رمضان مكانة روحية عميقة في قلوب التونسيين، ويتجلى خصوصاً في تضاعف نسب الإقبال خلال هذا الشهر المبارك على المساجد وأماكن العبادة في كامل محافظات البلاد دون استثناء، التي ارتفع عددها من 913 مسجداً سنة 1987 إلى حدود 1200 سنة 2008، كما ارتفع عدد الجوامع من 1477 إلى 3283 لنفس الفترة. ولدى التنقل بين الأسواق الشعبية بالعاصمة التونسية، أكد الجميع الإقبال اللافت للتونسيين بمختلف شرائحهم العمرية على شراء ملابس الصلاة والسجاد. كما غيّر بعض التجار نشاطه التجاري لمجاراة خصوصيات شهر العبادة.ِ ويشير الباعة إلى تهافت التونسيين على كتب القرآن والأحاديث النبوية والأدعية والأذكار، حيث تستقطب صلاة التراويح عدداً من المواطنين من الجنسين الذين يفضلون الخروج من منازلهم بعد الإفطار، وحضور مجالس الذكر، وحلقات الوعظ الديني وتلاوة ما تيسر من القرآن الكريم التي تلتئم أغلبها في دور العبادة. كما يحرص بعض التونسيين على القيام بالعبادة والصلاة والذكر والاعتكاف بالمساجد خلال شهر رمضان. كما يقطع شق آخر عادات سلبية طبعت سلوكهم طوال أشهر السنة، على غرار تدخين السجائر وشرب الخمر وارتياد فضاءات اللهو والرقص لينصرفوا للعبادة وتلاوة القرآن. وتشهد أعرق الجوامع في البلاد، على غرار جامع الزيتونة بالعاصمة وجامع عقبة بن نافع بالقيروان، احتفالات دينية خاصة طوال شهر رمضان، وتتحول إلى قبلة لآلاف الزوار من دول مغاربية شقيقة، وأخرى عربية لاسيما في الأيام العشر الأخيرة من الشهر وليلة 27 التي تختم فيها تلاوة القرآن. كما تتحول الزوايا وأضرحة الأولياء الصالحين إلى فضاءات للاحتفالات الدينية والإنشاد الصوفي أو ما يعرف بفرق "السلامية"، لعل أبرزها "مقام أبي زمعة البلوي "سيدي الصحبي" بالقيروان وبلحسن الشاذلي في العاصمة، وزاوية "سيدي محرز" بقلب المدينة العتيقة. وتفتح أبوابها للمساكين والفقراء عبر تخصيص موائد إفطار مجانية للعموم يجود بها أهل البر والإحسان. بدورها، تشكل "موائد الرحمة" سنة حميدة دأبت عليها تونس خلال شهر رمضان في مختلف محافظات البلاد، لتجسد التكافل والتضامن بين التونسيين حيث تنتصب الآلاف من موائد الإفطار لذوي الاحتياجات الخصوصية وفاقدي السَّند. واستعدت وزارة الشؤون الدينية التونسية بشكل مبكر لاستقبال هذا الشهر، وكان الوزير أبوبكر الأخزوري عقد في شهر جويلية ندوة إعلامية سلط خلالها الضوء على برامج الوزارة في رمضان وأعلن عن برمجة نحو 224 ألفاً و512 نشاطاً دينياً في كامل تراب الجمهورية تتراوح بين مسامرات ومحاضرات وندوات فكرية، إلى جانب برامج دينية سيتم بثها عبر الفضائيات التونسية خلال شهر رمضان. في ذات الإطار تم الاستعداد للمسابقات القرآنية في دورتها التاسعة لشهر رمضان حيث تواصلت بعدد مهم من محافظات تونس حلقات تكوين الشبان من حفظة القرآن في التجويد والترتيل، كما سيقع الإعلان في 27 رمضان عن نتائج جائزة رئيس الجمهورية للدراسات الإسلامية في دورتها الثامنة التي تقدم لها 38 مترشحاً من 17 دولة إسلامية. وفي ما يتعلق بصيانة المعالم الدينية، أعلن الوزير أنه تم تخصيص مبلغ 650 ألف دينار توزع على الجهات من جملة مليون و500 ألف دينار كاعتمادات مبرمجة للصيانة في 2010. كما رصدت الوزارة ميزانية بقيمة مليون و300 ألف دينار لعمليات التهيئة الكبرى للمساجد صُرف منها مبلغ 850 ألف دينار وسيقع صرف البقية خلال شهر رمضان إلى جانب تأثيث وتوزيع 5000 سجاد "زربية" على بيوت الله. وفي ما يتعلق بفريضة الحج التي يحرص شق مهم من التونسيين على أدائها أعلن الوزير عن ترشح نحو 78 ألفا و461 تونسيا بزيادة 831 مترشحا ثلثهم تتجاوز أعمارهم 80 سنة. وتم إصدار "مصحف الجمهورية التونسية" في طبعة أنيقة باعتماد رواية قالون وفق مواصفات تونسية، وتم إحداث سنة 2002 "جائزة تونس الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره وحظيت بنسبة إقبال جيدة من مشاركين من دول عربية وإسلامية.