انشغلت الأوساط الإعلامية والسياسية الأردنية طوال فجر أمس الجمعة بتناقل الأنباء والتسريبات والدلالات المتعلّقة بأول حادث متوتّر بين الجيش الأردني والقوّات النّظامية السورية على الحدود بين الجانبين، وبالتحديد بالقرب من قرية تل شهاب الرّابضة على منطقة جبلية وسط الحدود بالقرب من مدينة الطرة الأردنية. اعترفت الحكومة الأردنية رسميا لأوّل مرّة حسب (القدس العربي) بحصول اشتباك وصفته مصادر بأنه لم يكن ناريا أو مباشرا لكن تخلّله تبادلٌ لإطلاق النّار احتلّ الصدارة في الأنباء اعتبارا من فجر أمس الجمعة. ووفقا للنّاطق الرّسمي باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة فقد شاغلت قوّاتُ الجيش الأردني بالنيران فرقة عسكرية سورية لاحقت بنيرانها عائلة سورية كانت تهمّ بدخول الشيك الفاصل باتجاه الأراضي الأردنية بقصد اللّجوء إلى الأردن. ولم تصدر بياناتٌ رسمية سورية ولا إفصاحات ميدانية من القيادة العسكرية الأردنية، لكن المعايطة تحدّث عن عملية إنقاذ من قبل الجيش الأردني لطفل سوري أُطلقت عليه النيران. وحسب رواية المعايطة للحدث حاولت عائلة سورية الفرار عبر الشيك الحدودي الفاصل فأطلق الجيش السوري النّار عليها ولاحق بعضَ أفرادها داخل الأراضي الأردنية، ممّا اضطرّ الجيش الأردني إلى إطلاق الرصاص في الهواء بهدف لفت نظر الجانب السوري بأنه يتجاوز الحدود وبهدف التمكّن من إنقاذ الطفل السوري الذي أصيب بعدّة عيارات ونقل إلى مستشفى الرمثا الحكومي، لكنه فارق الحياة لاحقا بعدما عادت عائلتُه أدراجها إلى سوريا. بالنّسبة لتقارير صحفية محلّية انتهى هذا الحادث بإصابة جنديين أردنيين بالنيران السورية لأوّل مرّة، ممّا دفع المئات من الأردنيين إلى التجمهر أمام السفارة السورية للاحتجاج قبل تدخّل قوّات الدرك. وبالنّسبة للمعايطة كانت العملية (فنّية وبهدف إنقاذ العائلة والطفل) ولم يتخلّلها اشتباك عسكري أو تبادل لإطلاق النّار كما قالت فضائية (العربية). وقال المعايطة: (فجر أمس الجمعة أنه وأثناء دخول عائله سورية قام الجيش السوري بإطلاق النّار باتجاهها، ما أسفر عن إصابة طفل، وإن مجموعة من الجيش الأردني أخلت الطفل المصاب إلى مستشفى الرمثا الحكومي حيث فارق الحياة هناك). الحادث وهو الأوّل من نوعه الذي يبرز بالمستوى الإعلامي انتهى بحالة توتّر شديدة على الحدود بين البلدين وباستنفار أمني أردني وببداية لاحتمالات سيّئة بعد تحوّلات ملموسة في الموقف السياسي الأردني من الأزمة السورية. لكن السلطات الأردنية بوضوح عملت على تقليص أهمّية الحادث وضبط ردود فعلها، فيما نفى المعايطة وقوع إصابات تحدّثت عنها تقارير صحفية محلّية في صفوف العسكر الأردنيين، حيث قالت صحيفة (عمون) الإلكترونية إن عسكريا أردنيا أصيب في يده وهو يحاول إنقاذ الطفل السوري الهارب، وتحدّثت صحيفة (خبرني) بدورها عن إصابة جنديين في هذه الحادثة، وهو الأمر الذي نفاه المعايطة عمليا. والحادث عموما ليس الأوّل من نوعه، حيث تشتكي سلطاتٌ أردنية من مخالفات سورية متتالية على الحدود لبروتوكول الاشتباك العسكري، لكنه حادث يعكس الانطباع العام حول توترات يومية وأمنية تعيشها حدود نصيب الأردنية السورية، حيث أطلقت النّار قبل ثلاثة أيّام أيضا على حافلة سورية داخل الأراضي الأردنية وبدأت شظايا القذائف السورية تصل إلى بعض القرى الأردنية.