يعدُّ شهر رمضان بالنسبة لبعض الشباب فرصة سانحة للاسترزاق وتوفير فرص عمل، خاصة الطلبة الجامعات والبطالين حيث تجدهم ينصبون طاولات لبيع (الديول) المحشي باللحم المفروم والبطاطا والمرقازالمشوي ومختلف الأجبان وعلب التونة وغيرها من المواد التي يستهلكها الصائم خلال هذا الشهر الفضيل. وتتوالى السنوات وتتوالى رمضانيات الجزائر، لتصبح طاولات هؤلاء الشباب قبلة لمواطن الجزائري، خاصة قبل آذان المغرب حيث تشهد الطاولات زحمة بين جموع الصائمين الباحثين عن هذه العجائن برائحتها الشهية التي تجلب المواطن رغما عنه ليجد نفسه يقتني دون حساب. بحي الإخوة بشير بتليملي، التقتنا ب(رفيق) 20 سنة، وهو طالب بالسنة الثالثة حقوق، نصب طاولة في قلب بيروت ووضع فوقها أصنافا من (الديول) و(البوراك).. يقول رفيق: (أصدقكم القول إنه في البداية كنت أعتبر التجربة مغامرة ولم أكن أتوقع نجاح فكرتي التي راودتني وهذا بعدما أصبح وضعي المادي سيئا للغاية، ففكرت في تدبر أموري لاسيما وأن أسرتي كبيرة العدد ووالدي أضحى راتبه لا يسد كل الحاجيات اليومية لكل العائلة، لذا عندما شاهدت الديول والبوراك يباعان بأحد المحلات قررت العمل في هذا الشهر على الأقل لتغطية حاجياتي، وفي الأسبوع الأول لقيت إقبالا منقطع النظير وصرت أطهو حبات البوراك بشكل متميّز نال إعجاب الناس، لم أصدّق عيني وأنا أرى تهافتهم على بضاعتي(ويقول رفيق فضلت بيع (الديول) كونها لا تتطلب مصاريف زائدة، فكيلوجرام واحد أو اثنين من الدقيق الرطب مع ملح وقليل من الماء تكفي لصنع ما يزيد عن 60 (دزينة) من الديول، وكل دزينة تباع ما بين 40 إلى 50 دينارا. من جهته يقول نسيم، 23 سنة: حرفة الديول ورثتها عن والدتي وأجد متعة كبيرة في هذه الحرفة التي تؤمن لي مبلغا محترما أستطيع من خلاله شراء كسوة العيد وتغطية كل المصاريف اليومية والحاجيات المطلوبة. أما زبير، 22 عاما، طالب جامعي، فنَصب طاولة في منطقة تقصراين، ويبدأ عمله مباشرة بعد انتهاء صلاة التراويح، حيث يطهي حبات النقانق على الجمر ويبيعها على شكل ساندويتشات، فيما تملأ ألسنة النيران والروائح الزكية المكان، يوضّح زبير أنّه يضطر إلى البقاء قائما إلى السحور، حتى يوفّر بعض مصاريف الدراسة واحتياجاته الاجتماعية المتزايدة. وعن سرّ اختيار هذا النوع دون سواه، يجيب زوبير: في هذه الفترة يشعر الصائمون بالجوع لاسيما بعد خروجهم من الصلاة، فيفضّلون تناول ساندويتشات من المرقاز المشوي على الجمر. دفعنا الفضول إلى استفسار هؤلاء الشباب (الباعة) عن خصوصيات عائدات المداخيل اليومية، ردّ محمد أمين 23 سنة بكل تلقائية:(ربحي يزيد عن 1500 دينار يوميا، وأكسب أحيانا أكثر من ذلك، وأضاف قائلا إن الرسول عليه الصلاة والسلام يبارك في التجارة مهما كان نوعها. كما أن الحاجة أم الاختراع على حد تعبيره). وهكذا التمسنا أن الحاجة الملحة خلقت نوعا من التنافس بين الشباب وتحين الفرص في شهر رمضان لجلب لقمة العيش فتعددت الأسباب والهدف واحد.