ما تزال الأسر الجزائرية متشبثة ببعض العادات والتقاليد خاصة منها المتعلقة بشهر رمضان المعظم، وبالرغم من التطور التكنولوجي الحاصل في شتى المجالات ومدى تأثر المواطنين به إلا أنه توجد عاداتٌ بقيت راسخة في المجتمع الجزائري عبر مناطق مختلفة من ترابنا الوطني ومن ذلك احتفال العائلات بصيام أحد أبنائها لأول مرة، ظاهرة تتفشى بمجرد حلول شهر البركات. ويعتبر صيام الأطفال لأول مرة خطوة هامة ومميزة تحتفل بها العائلات الجزائرية بطريقة خاصة تختلف من منطقة إلى أخرى، وهذا قصد تحبيبهم وتعويدهم على الصيام لما يحمله من طعم خاص امتزج بشعور الفرحة والغبطة خاصة بالنسبة لسن البراءة من هؤلاء الأطفال، حيث يحرمون أنفسهم من الأكل والشرب طيلة اليوم قصد إثبات قدرتهم على تطبيق مبادئ وفرائض ديننا الحبيب، ويحظون برعاية ودلال كبير من قبل العائلة، حيث يكونون موضع اهتمام طيلة اليوم من خلال قيام الأمهات بتطبيق بعض العادات والتقاليد التي اعتادت العائلة القيام بها في مثل هذه المناسبات مما يضفي على ذلك اليوم ميزة خاصة ونكهة لا تعوض، فهو بالنسبة لذلك الطفل إنجاز عظيم لم يسبق له مثيل. كما يحرص بعض الأولياء على إعطاء طابع مميز لهذه المناسبة من خلال إعداد سهرة عائلية يحضرها الأهل والأقارب والجيران، محملين كلهم بهدايا لفائدة الطفل يجتمعون على مائدة مزينة بمختلف الحلويات التقليدية، إلى جانب قلب اللوز والزلابية وإبريق الشاي المعطر بالنعناع لتكون هذه المناسبة فرصة لصلة الرحم واجتماع الأحباب والسمر في نفس الوقت، وغالبا ما يختار الأولياء الأيام العشر الأولى من شهر رمضان لصيام أولادهم باعتبار أن النصف الثاني منه تكون فيه انشغالات شراء ملابس العيد وتحضير الحلويات الخاصة لاستقبال عيد الفطر المبارك الذي يأتينا مباشرة بعد الانتهاء من شهر الصيام والقيام والعبادات، ولا تجد أثناءها للأطفال الصائمين حديثا لهم في الشوارع سوى التباهي بهذا الإنجاز وبعدد الأيام التي تم فيها صيامهم والتي تختلف من طفل إلى آخر حسب القدرة على التحمل وحسب العمر، وهو الأمر الذي يخلق بينهم تنافسا حول من يصوم أكبر عدد من الأيام خلال هذا الشهر الكريم. وللأولياء دور كبير في توجيه وحسن معاملة أبنائهم عند الصيام لأول مرة باعتباره حدثا كبيرا يوليه الجميع أهمية، حيث يقومون بتحضير أشهى الأطباق وألذها مستبشرين بها للخير، ومن شأن هذه التصرفات ضمان التربية والانطباع الحسن في نفوس الصغار، وفي هذا السياق صرحت لنا بعض العائلات بأنها تقوم بإعداد طقوس خاصة وعادات مميزة بالمناسبة حيث تقوم الأمهات عادة بتشريب الأطفال الصائمين لأول مرة في أواني من فضة تحتوي على الحليب ، هذا إلى جانب إعداد الحلويات المتنوعة، كما تقوم بعض العائلات بإضافة أشياء أخرى منها تلبيس الطفل ألبسة خاصة بالمناسبة منها اللباس التقليدي المعروف بالسروال المدور وشاشية اسطنبول خاصة في منطقة القبائل والعاصمة التي لا تزال محافظة على هذه العادات، أين يشعر الطفل في هذا اليوم وكأنه عريس صغير بهذه المناسبة. ليبقى صيام الطفل شيء محبب وليس بالإجبار لأنه ليس معنيا بالصيام باعتبار جسمه لا يزال صغيرا خاصة وأن شهر رمضان لهذا العام تزامن مع فصل الصيف أين تعرف هذه الأيام موجة حر اجتاحت كل المناطق الجزائرية مما يعني زيادة حاجة الجسم إلى كميات المياه مما أوجب على الطفل الراغب في تجريب الصيام الالتزام بمجموعة من القواعد السليمة من أجل الحفاظ على سلامته، هذا ما أشار إليه الطبيب (رضا علواش) مختص بطب الأطفال أين نصح بضرورة الاستناد إلى برنامج خاص يقوم به الأولياء في فترة السحور.