حذّر خبراء من زحف وشيك لوباء الكوليرا على الجزائر بعد أن تفشّى في منطقة الساحل الإفريقي وصار أبناء المناطق الجنوبية لبلادنا عرضة للإصابة به، في ظلّ عدم استبعاد وجود حالات مفترضة في أوساط آلاف اللاّجئين الماليين الهاربين من نار الحرب الأهلية الدائرة رحاها في بلادهم. تشير معطيات قدّمتها منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسيف) إلى أن الوضع الإنساني الصّعب في منطقة الساحل الإفريقي (قد ازداد سوءا بسبب تفشّي وباء الكوليرا في كثير من المناطق بغرب إفريقيا، ممّا يعرّض النّساء والأطفال بشكل خاص للخطر). ولا يستبعد خبراء ومتتبّعون تبعا لذلك أن تمتدّ رقعة الخطر إلى مناطق أخرى، منها الجزائر التي فتحت أبوابها للاّجئين الهاربين من نيران الاقتتال في مالي، وهو ما ينبغي أن تتعامل معه السلطات بكثير من الجدّية من خلال تشديد الإجراءات الوقائية تفاديا لتحوّل مخيّمات اللاّجئين إلى بؤرة وباء تهدّد البلاد بأسرها. وقال باتريك ماكورميك المتحدّث باسم اليونيسيف في جنيف بسويسرا إن (التوقّعات تشير إلى أن إدخال الأطفال إلى المراكز الطبّية بأنحاء المنطقة للعلاج من سوء التغذية سيصل إلى ذروته في الأسبوع المقبل)، مضيفا أن (ذلك سيفاقم وضع الحصاد في شمال النيجر، والذي هدّده توافد الجراد، حيث تمّت معالجة نحو 1200 هكتار من قبل فرق مكافحة الجراد خلال أربعة أسابيع). وأضاف ماكورميك أن الكوليرا والاضطرابات في مالي (تعقّد قدرة المنظّمات الإنسانية على الوصول إلى المحتاجين للمساعدات في ظلّ أزمة الأمن الغذائي التي تمرّ بها منطقة الساحل الممتدّة من البحر الأحمر شرقا إلى المحيط الأطلنطي غربا). وذكر المتحدّث أن في النيجر وهي أكثر الدول تضرّرا في المنطقة أصيب نحو 161 ألف طفل تحت سنّ الخامسة بسوء التغذية الحادّ والمزمن، وقد تمّ علاج الكثيرين من المصابين بسوء التغذية من الدرجة المتوسطة في أكثر من 2000 مركز علاج متخصّص في أنحاء البلاد. وتشهد مالي موجة عنيفة من الاضطرابات على المستويات كافّة، إذ يزداد الوضع الإنساني سوءا يوما بعد يوم، وذلك بتراكم فظائع العنف ضد النّساء والرجال على حدّ سواء ومشاكل مياه وكهرباء وغيرها، حيث تتعرّض نساء للاغتصاب ويقتل رجال بقطع رؤوسهم، بينما يشهد أطفال أوضاعا مخيفة فهم ضحّية للتجنيد والاغتصاب بشكل استغلالي وعنيف. وتشكّل هذه الأزمة الخطيرة للغاية أضرار عديدة، منها الإخلال بأمن السكان وتزايد التهديد الإرهابي، ناهيك تدهور الوضع الإنساني كما ذكر آنفا. وفي المقابل، تسعى دول إفريقيا الغربية إلى وحدة مالي لمواجهة الخطر الإرهابي في شمال البلاد، في الوقت الذي تستمرّ فيه الدعوات الماليين الى تحرير الشمال من الحركات الدموية. وكانت منظّمة الأمم المتّحدة قد أعلنت قبل أيّام وفاة 58 شخصا عقب إصابتهم بوباء الكوليرا في منطقة (تيلابيري) غرب النيجر منذ شهر جانفي الماضي عقب إصابة مخيّم للاّجئين من مالي بهذا الوباء. وأفادت نشرة مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بعاصمة النيجر نيامي وفقا لما نقله راديو (إفريقيا 1) بأن عدد الحالات المصابة بهذا الوباء التي تمّ رصدها منتصف الشهر الماضي بلغت 2900 حالة، ووفاة 58 في هذه المنطقة الواقعة على طول نهر النيجر، وأكّدت أن الحالات المصابة بوباء الكوليرا تشهد ارتفاعا ملحوظا، كما أن تطوّر الوضع الوبائي ما يزال يثير القلق مع وجود موسم الأمطار. وسجّلت منظّمة الصحّة العالمية تسعة حالات مصابة بالكوليرا بين اللاّجئين من مالي في مخيّم (تاباريباري)، والذي تمّت إقامته في شهر جوان الماضي في المنطقة المجاورة لمالي من قبل المفوضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاّجئين. وأضاف الرّاديو أن أطبّاء بلا حدود من سويسرا نقلوا المرضى إلى مراكز طبّية أقيمت بالقرب من المخيّم، حيث تستضيف النيجر 25 ألف شخص من أصل 250 ألف لاجئ من مالي منتشرين في الدول المجاورة جرّاء الوضع شمال البلاد التي تسيطر عليها جماعات إسلامية مسلحة حليفة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (أكمي). جدير بالذّكر أن الكوليرا هي مرض بكتيري يصيب الجهاز الهضمي، وعادة ما ينتشر عن طريق الماء الملوّث ويتسبّب في إسهال حادّ وجفاف، وفي حال عدم تقديم العلاج تصبح الكوليرا مميتة وتهدّد حياة المصاب بها، ومن الدول التي ظهر فيها هذا الوباء مالي ونيجيريا.