لازالت أكثر من 600 عائلة بحي سيلاست المتواجد على مستوى بلدية بوزريعة تعيش داخل بيوت هشة قابلة للانهيار في أية لحظة، مشيدة من الصفيح والزنك، وسط ظروف مأساوية لا تصلح لحياة البشر. تحدثنا إلى بعض العائلات المقيمة بمثل هذه السكنات فذهلنا من وضعية تشييدها من صفائح الزنك والبلاستيك، وتواجدها بالقرب من أحد المنحدرات ببوزريعة، ومازاد الأمر معاناة هو انتشار الروائح الكريهة النتنة والمقززة للنفس، وكثرة القوارض والحشرات والعقارب حوّل حياة السكان إلى جحيم بكل ماتحمله المعاني، إنه فعلا واقع شاذ ومؤسف تعانيه العائلات التي تتقاسم المكان مع مختلف الحشرات والحيوانات الضارة فهم لا يأمنون على أنفسهم وأولادهم من لسعات العقارب وعضات الجرذان التي تتغذى بكل أنواع القاذورات التي من شأنها أن تصيبهم بأمراض خطيرة. وفي ذات السياق عبر بعض السكان عن وضعيتهم بأنها غير إنسانية، وأنهم يعيشون حياة بدائية محضة نظرا لطبيعة السكنات التي لا تتوفر على أدنى شروط العيش الكريم، حيث تزداد تدهورا كلما اقترب فصل الشتاء، أين تغرق سكناتهم مع أولى قطرات المطر بسبب هشاشة الأسقف والجداران المشيدة بطريقة عشوائية، مما يسهل عملية تسرب المياه إلى الداخل، وأثناء الأيام الممطرة تبدأ معاناة العائلات فتقضي ليال بيضاء تصارع المياه المتسربة من مختلف التشققات والثقوب وزوايا الأسقف الهشة، فالوضع المزري أصاب العديد من الأطفال بأمراض مختلفة، فالحساسيات الجلدية والربو بات يلازم سكان الحي، وهذا نتيجة الرطوبة العالية وزيادة نسبة التلوث. وقد وصف لنا السكان حياتهم بالبدائية والريفية، مع انعدام أدنى شروط الحياة الكريمة، بالرغم من أنهم يعيشون في ضواحي العاصمة (إلا أنها بلا بنة) و(شيعة بلا شبعة) حسب تعبير أحد القاطنين، فالطرقات لم تشهد أية عملية تهيئة، وهو ما يجعلهم يتكبدون المعاناة، وبالخصوص في فصل الشتاء، حيث تتحول الطرقات المهترئة والممتلئة بالحفر إلى مستنقعات بمجرد تساقط كميات قليلة من الأمطار، أين يستحيل على السكان الخروج والتنقل خاصة الأطفال المتمدرسين، مما يجعلهم ينتعلون أحذية بلاستيكية لتجنب الأوحال والمياه الراكدة التي تقطع الطريق للراجلين، وأما أصحاب السيارات فحدث ولا حرج، ففي كثير من الأحيان تصاب بعض السيارات بأعطاب ميكانيكية نتيجة الحفر التي تخفيها المياه والأوحال. عشرات العائلات تنتظر ببوزريعة وضواحيها الإفراج عن السكنات وترحيلهم إلى مبان ملائمة لحفظ كرامتهم، وعبر صفحاتنا تطالب مئات العائلات التدخل العاجل للسلطات المحلية والولائية لانتشالها من المعاناة وحياة البؤس التي تتخبط فيها منذ أزيد من 30 سنة.