معاناة وتهميش وإقصاء تعيشها أكثر من 400 عائلة بحي علي خوجة ببلدية الحراش بالعاصمة، داخل بيوت ضيقة مشيدة من الصفيح والزنك شبيهة بالجحور تميزها الهشاشة والاهتراء وقابلة للانهيار في أية لحظة بسبب الكوارث الطبيعية المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة، ناهيك عن انعدام أدنى شروط الحياة الكريمة، حيث تتخبط هذه العائلات وسط ظروف مأساوية وقاسية لا يمكن لبني البشر تحملها كون طبيعة المكان لا تصلح أن تكون كمأوى لآدميين· تحدثنا إلى بعض العائلات المضطرة للإقامة بمثل هذه السكنات، فذهلنا من مظهرها المشيدة من صفائح الزنك والبلاستك، وما زاد من تدهور الوضع أكثر هو تواجدها بالقرب من واد الحراش، مما ضاعف من معاناتهم، مع انتشار الروائح الكريهة النتنة التي تحبس الأنفاس· فضلا عن الانتشار الرهيب للقوارض والحشرات والعقارب التي حوّلت حياة السكان إلى جحيم حقيقي، وبكل ما تحمله المعاني، الأمر الذي زرع الرعب وهاجس الخوف على أولادهم وعلى أنفسهم من لسعات العقارب وعضات الجرذان التي تتغذى بكل أنواع القاذورات، والتي من شأنها أن تصيبهم بأمراض خطيرة ووبائية· وفي ذات السياق وصف السكان وضعيتهم بالحيوانية نظرا للظروف المعيشية التي يعشونها منذ أزيد من 40 سنة وبأنها غير إنسانية، فالسكنات التي يقطنوها لا تتوفر على أدنى شروط العيش الكريم، حيث تزداد تدهورا كلما اقترب فصل الشتاء، أين تغرق سكناتهم مع أولى قطرات المطر، بسبب هشاشة الأسقف والجداران المشيدة بطريقة عشوائية، مما يسهل عملية تسرب المياه إلى الداخل· وأثناء الأيام الممطرة تبدأ معاناة العائلات، فتقضي ليال في العراء خوفا من سقوط هذه السكنات على رؤوسهم، بالإضافة إلى أن البيوت تتحول إلى مستنقعات بسبب تسرب مياه الأمطار عن طريق تلك التشققات والثقوب البليغة وزوايا الأسقف الهشة، فالوضعية الحرجة والكارثية أدت إلى إصابة العديد من الأطفال بأمراض مختلفة، على غرار الربو والطفح الجلدي وعدة تعقيدات صحية وهذا نتيجة الرطوبة العالية، فضلا عن زيادة نسبة التلوث بالحي، مما ساهم بشكل كبير في محاصرة العائلات خصوصا الأطفال بالأمراض المتعددة، ويزداد الوضع تدهورا بعد تساقط الأمطار، حيث يتجرعون مرارة الحياة بكل معانيها· ومن خلال حديث (أخبار اليوم) مع بعض العائلات عبرت عن وضعيتها بالبدائية والريفية، مع انعدام أدنى متطلبات العيش المريح، بالرغم من أنهم يعيشون بمقاطعة لا تفصلها إلا أمتار عن العاصمة حسب تعبير أحدهم، فالطرقات لم تشهد أية عملية تهيئة، وهو ما يجعلهم يتكبدون المعاناة، وبالخصوص في فصل الشتاء، حيث تتحول الطرقات المهترئة والممتلئة بالحفر إلى مستنقعات بمجرد تساقط كميات قليلة من الأمطار، أين يستحيل على السكان الخروج والتنقل خاصة الأطفال المتمدرسين، مما يجعلهم ينتعلون أحذية بلاستيكية لتجنب الأوحال والمياه الراكدة التي تقطع الطريق للراجلين، وأما أصحاب السيارات فحدث ولا حرج، ففي كثير من الأحيان تصاب بعض السيارات بأعطاب ميكانيكية نتيجة الحفر البليغة التي تخفيها الأوحال، إنه فعلا واقع مرير تعيشه العائلات القاطنة بتلك البيوت التي أصبحت غير قابلة للسكن على الإطلاق على حد تعبير العائلات، وأمام هذه الوضعية المتردية تنتظر تدخلا عاجلا من طرف السلطات المحلية والوصية من أجل انتشالهم من المعاناة التي لازمتهم سنوات طويلة، مطالبين أن تأخذ انشغالاتهم ومشاكلهم محمل الجد ووقف هذا النزيف الذي نخر صحتهم ونفسيتهم معا، آملين أن يتدخل الفائزون في الانتخابات لتحسين أوضاع عشرات العائلات التي تعيش حياة بلا معنى حتى ترقى لوضع محترم كباقي المواطنين الجزائريين الذين يحيون حياة كريمة·