شُيّعت أمس جنازة المجاهد الراحل لخضر بن طوبال الذي بات يرقد الآن في مثواه الأخير بمقبرة العالية، في الجزائر العاصمة، وقد شهدت جنازته حضور عدد كبير من الشخصيات الرسمية والمجاهدين الذين رافقوه في مسيرة الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي، وفي الوقت نفسه استمرت برقيات التعازي في التهاطل على عائلة الفقيد الذي يعد أحد كبار صانعي ثورة التحرير، ولذلك لم يتردد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في اعتبار رحيله "صدمة لأبناء الجزائر جميعا". شهدت جنازة الفقيد الراحل لخضر بن طوبال، حضورا رسميا قويا، حيث كان عدد من الوزراء والبرلمانيين وممثلي المجتمع المدني في الموعد بينهم رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري والوزير الأول السيد أحمد أويحيى وبوعلام بسايح رئيس المجلس الدستوري والسيد عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية والسيد محمد شريف عباس وزير المجاهدين لتوديع أحد أكبر صانعي ملحمة التحرير من نير الاستعمار الهمجي. شخصيات "ثقيلة" في توديع بن طوبال وقبل تشييعه إلى مثواه الأخير، تم القاء النظرة الاخيرة على جثمان المجاهد الفقيد بن طوبال بمقر المنظمة الوطنية للمجاهدين بالجزائر العاصمة وحضر مراسم الترحم عدد من كبار المسؤولين والوزراء والمجاهدين بالاضافة الى عائلة الفقيد ومجموعة من رفقائه في الكفاح وأعضاء من الاسرة الثورية وممثلين عن احزاب سياسية ومنظمات وطنية. و بالمناسبة أكد رفيقه في النضال الوزير الاسبق للمجاهدين السيد ابراهيم شيبوط أنه كان اثناء الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي "يتميز بقوة ادبية قلما نجدها في شاب في سنه" و"رغم انه لم يؤدي الخدمة العسكرية الا أنه تدرب على يد المنظمة السرية حيث تعلم قواعد حرب العصابات وكان من الناس الذين كانوا يدركون جيدا استراتيجية حرب العصابات التي هي حرب الضعيف ضد القوي". وفي معرض حديثه عن خصال المجاهد الراحل الذي عايشه في الولاية الثانية قال السيد شيبوط انه "كان يمتلك قوة اقناع كبيرة استطاع بفضلها جذب الشعب ولفه حول الثورة التحريرية في المنطقة الثانية". وأضاف انه "مهما تكلمنا عن امثاله لا نستطيع ان نوفيهم حقهم ومهما اجتهدنا لبناء البلاد لن يكون اجتهادنا في مثل حجم الجهد الذي بذلوه". من جهته اكد السيد لمين خان مجاهد ووزير سابق أن الفقيد بن طوبال "كان من عمالقة ادارة الثورة التحريرية واحد العمالقة الاخيرين الذين غادروا الحياة" قائلا عنه "لا اعرف عنه سوى المواقف المشرفة والانسانية". وأكد جميع رفقائه والذين عايشوه عن قرب أنه كان يتحلى بالشجاعة الخارقة وبطلاقة اللسان وصلابة المواقف وبتضحياته الكبيرة في سبيل القضية الوطنية. اما ابن الفقيد السيد خالد بن طوبال فاكد أن والده كان رجلا "مخلصا" وكان دائما يردد أنه "عاش طفولته مظلوما ومحروما في ظل الاستعمار الفرنسي لكنه لم يتقبل ذلك". الرئيس: "أمثال بن طوبال تخلدهم الذاكرة الجماعية وتقتدي بهم الأجيال" وفي سياق ذي صلة، تواصل تهاطل برقيات ورسائل التعزية من كبار الشخصيات الوطنية على عائلة الفقيد، وبهذا الخصوص بعث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة برقية تعزية إلى كافة أفراد أسرة المجاهد المرحوم لخضر بن طوبال عبر لهم فيها عن تعازيه الأخوية ودعواته الخالصة للفقيد بالرحمة والمغفرة والثواب، مؤكدا أن رحيل بن طوبال "يعد صدمة لرفاقه ولأبناء الجزائر قاطبة بالنظر لما يمثله الرجل من رمزية كبيرة ولما وفاه من تضحيات جسام". وفيما يلي النص الكامل للبرقية "الرئاسية": "نعى إلي بمزيد من الحسرة والأسى النبأ الأليم بوفاة المجاهد وقائد من قادة الثورة البارزين المرحوم بإذنه تعالى لخضر بن طوبال بعد مرض عضال طهر المولى تربه وعطر ذكره. كان الراحل واحدا من أبناء الحركة الوطنية المخلصين ومن رواد ثورة نوفمبر الظافرة ناضل منذ فجر شبابه في سبيل إنضاج وعي وطني يرتقي إلى فعل تحرير شامل يضع قطيعة مع الاحتلال الاستيطاني ومآسيه المتعددة الأبعاد ويعيد بعث مشروع الدولة الوطنية السيدة. لقد انخرط المرحوم في هذا الوعي الوطني مبكرا وكابد في سبيله السجن والتعذيب والملاحقة إلى جانب ابناء نوفمبر من رعيله ذلكم الرجال الذين ختم الله على قلوبهم بالإيمان واصطفاهم لخدمة الحق وأهلهم للاضطلاع برسالة تفردوا بها في التاريخ. ان رحيله اليوم يعد صدمة لرفاقه ولأبناء الجزائر قاطبة بالنظر لما يمثله الرجل من رمزية كبيرة ولما وفاه من تضحيات جسام ولكن أمثاله ستخلدهم الذاكرة الجماعية لا محالة وستقتدي بهم الأجيال مستقبلا فيما رسموه من قيم ورفعوه من شمائل في سبيل عزة وكرامة وسؤدد هذه الأمة. ابتهل إلى المولى جل جلاله أن يكرم مثواه ويجل مأواه ويغدق عليه من لدنه رحمة واسعة ويحتسب له جهاده إلى جانب الذين قضوا من قبله على درب المحجة البيضاء ويتنزل على قلوب أسرته وذويه ورفاق دربه صبرا جميلا وسلوانا عظيما. وأعرب لهم جميعا عن تعازي الأخوية ودعواتي الخالصة له بالمرحمة والمغفرة والثواب. وختم الرئيس برقيته بالآية الكريمة: "وبشر الصابرين الذين إذ إصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون". من جهته، بعث رئيس المجلس الدستوري السيد بوعلام بسايح برقية تعزية إلى عائلة المجاهد العقيد بن طوبال رحمه الله قدم فيها تعازيه لعائلة الفقيد وذكر فيها مناقب وخصال المرحوم. وذكر السيد بسايح في البرقية بالمسار النضالي الحافل للفقيد كرم الله مثواه من ثورة التحرير المجيدة باعتباره احد ابطال ثورة التحرير المجيدة ومن المناضلين الاوائل الذين سارعوا إلى تلبية نداء الوطن الي مشاركته في مفاوضات افيان. واكد رئيس المجلس الدستوري ان ان الفقيد ظل عبر مسار نضالي طويل حافل بالعطاء والتضحية والمواقف المشرفة ''وطنيا مخلصا للجزائر التي احبها وتفانى في الدفاع عن حريتها وعزتها''. واضاف السيد بسايح '' واني اذ اقاسمكم الامكم في هذه اللحظات الحزينة التي تفارقون فيها عزيزا غاليا علينا جميعا احد ابناء الجزائر الابرار لا يسعني امام قضاء الله وحكمته التي لا مرد له الا ان اتقدم إلى كافة افراد العائلة الفاضلة باخلص التعازي واصدق مشاعر التعاطف داعيا سبحانه وتعالى ان يتغمد روح الفقيد الطاهرة بواسع الرحمة والغفران وان يسكنه فسيح جنانه ويجزيه اعظم الاجر والثواب''.