يتجنب الأغلبية من المواطنين فكرة الزواج بالأقارب نظرا للاعتقادات الشائعة في أن يولد الابن معاقا بسبب صلة القرابة التي تجمع الزوجين، حيث تكون وراثية تنتقل إلى الابن في الرحم من طرف الأم والأب في حالة ما إن كان هناك خلل وراثي في تركيب واحد أو أكثر من هذه الكروموسومات أو الصبغيات، لذا نجد الأغلبية يحبذ فكرة الزواج من أشخاص آخرين بعيدا عن النسب الواحد. ومن خلال خرجتنا التي قادتنا إلى إحدى المستشفيات استطعنا أن نتعرف من بعض المختصين على كيفية انتقال هذا المرض الوراثي الذي يحدث نتيجة خلل في تركيب واحد أو أكثر إذا حدث الخلل نتيجة خلل بمورث واحد من الاثنين سمي المرض (سائداً)، أما إذا لم يحدث المرض إلا بوجود خلل في المورثين معا سمي المرض (متنحيآ). يشترك الأخوة الأشقاء بنصف عدد المورثات، وتقلّ هذه النسبة لتصل إلى الربع مع الأعمام والأخوال وإلى الثمن بين أبناء وبنات الأعمام والأخوال وبذلك فإنه عند وجود جين معيب في الأسرة فإن احتمال انتقاله إلى أبناء الأقارب المتزوجين تكون كبيرة كإصابة الطفل على سبيل المثال بفقر الدم المنجلي وأنيميا البحر الأبيض المتوسط، هذا إلى جانب ازدياد معدل الولادة المبكرة بين أطفال الأقارب مقارنة بغيرهم من الأطفال، دون أن ننسى نسبة حدوث أمراض خلقية ومشكلات وراثية، كما أن الحالات المرضية نتيجة للحمل وتوابعه تزداد عند السيدات المتزوجات من أقاربهن ونسبة التعرض للعمليات القيصرية تزداد هي الأخرى بسبب هذه القرابة مقارنة مع الأشخاص الآخرين حسب ما أكده لنا المختص في هذا المجال. وفي نفس السياق يضيف نفس المتحدث حسب نتائج الدراسات المتحصل عليها فإن معظم حالات الإعاقة الذهنية في الجزائر وباقي الدول العربية الأخرى ناتج عن زواج الأقارب وأن الأمل في الشفاء من الأمراض الوراثية يتمّ عن طريق أخذ المورثة المسببة للمرض بعد معرفة مكانها واستبدالها بمورثة أخرى سليمة قادرة على القيام بالوظائف الطبيعية، وذلك عن طريق الخريطة الجينية واكتشاف المرض والقضاء عليه قبل ظهوره، ولعل من أشهر الأمراض الناتجة عن زواج الأقارب مرض الفينيلكيتونيوريا وهو من أمراض التمثيل الغذائي الذي ينتج عن نقص في أنزيم معين مسؤول عن تكسير مادة الحامض الأميني أو الفينيل آلانين فتزداد نسبته في الدم ويسبب التخلف الذهني وصغر حجم الرأس وتشنجات عصبية واصفراراً في لون الشعر وحدوث حالات الضعف العقلي أو بما يعرف (بالطفل المنغولي)، الذى ينتج عن خلل في انقسام الصبغيات، 14 حالة بين 3989 زيجة بين الأقارب، مقابل 6 حالات بين 7463 زيجة بين الأباعد مما يدلّ على أن هذه الحالة تتأثر بمورث متنحي، وعلى ذلك يزيد حدوثها بين زيجات الأقارب. وفي هذا الشأن أردنا أن نأخذ آراء بعض المواطنين في الموضوع ومدى تأييدهم للزواج من الأقارب، تقول (مروى) 31 سنة: (أنا ضد زواج الأقارب لتجنب حدوث مشاكل صحية للابن لأن الأمر حقيقة علمية والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حبذ فكرة الزواج بعيدا عن الأقارب من خلال قوله (تباعدوا تصحوا) وهو كلام الصادق الأمين ولو لم تكن فيه فائدة لنا لما حث على ذلك)، أما (فايزة) فرأيها كان مخالفا للأخرى التي عبرت لنا عن رأيها بقولها: (لا يهم إن كان الخاطب من الأقارب أو الغرباء ولكن المهم أن يكون ابن عائلة ومحترم ويعرف كيف يتعامل ويقدر المرأة وألا يهينها لأن الهناء وراحة البال هي الأمور التي تبحث عنها النساء بعد الزواج، أما بالنسبة للأطفال وإمكانية إنجابهم معوقين ذهنيا أو حركيا فهذا الأمر لا يمكن أن نتدخل فيه لأن مشيئة الخالق فوق كل شيء وأنا شخصيا أعرف أناسا تزوجوا من أقاربهم ولكنهم أنجبوا أبناء أصحاء بالرغم من الحقيقة العلمية التي تثبت حدوث حالات من الإعاقة إلا أنه لا يمكن تعميمها في جميع الحالات). لذا تبقى حالات إنجاب طفل معوق ذهنيا لا يحددها زواج الأقارب فحسب بل يمكن لأسباب أخرى أن تكون سببا لحدوث ذلك كتناول الأدوية خلال فترة الحمل للزوجة بدون إشراف طبي تأتي في المرتبة الثالثة لظهور حالات التخلف العقلي أو تعرضها للإشعاعات أو الالتهابات الفيروسية والتي قد تؤدي إلى تشوهات في الجنين ليبقى علم الغيب وخلق الإنسان بيدي الله بالرغم من التقدم العلمي الحاصل لأن النتائج المتحصل عليها يمكن أن تحمل صفات غير مرغوب فيها أو أمراضاً فحسب كما يمكن أن تحمل بعض الصفات المرغوب فيها أيضاً.