قد لا يكون غريبا قيام بعض الحمقى من أبناء الجزائر بالمجاهرة بانتهاك حرمة شهر الصيام في الوقت الذي يحرص فيه الأجانب على احترام مشاعر الصائمين ويتناولون طعامهم خفية، ولكن الغريب بالتأكيد هو قيام بعض الجهات التغريبية الضّالة والمضّلة بالتطبيل لهؤلاء، وتحريض "غير الصائمين" بطريقة أو بأخرى على المجاهرة بانتهاك حرمة رمضان، وقد بلغت الوقاحة ببعضهم إلى الاستعانة بمنظمات حقوقية أجنبية لتصنيف عملية توقيف "وكّالين رمضان" في خانة المساس بحقوق الإنسان. والغريب أن هؤلاء التغريبيين يعيشون في الجزائر وبين أفراد المجتمع الجزائري، ومع ذلك لا يستحون من الطعن في مقدساته والإساءة لدينه والاستعانة بأعدائه عليه، وهم بذلك يأمل أن يتحول انتهاك حرمة رمضان إلى ظاهرة عادية لا تثير استياء الجزائريين ولا غضب السلطات التي عليها أن تضرب بيد من حديد على منتهكي حرمة رمضان، وبيد من حديد أيضا على من يحرضهم بكتابة أو قول أو عمل.. وبالطبع لا أحد يقبل باقتحام بيوت الناس من أجل التحقق من صيامهم والقبض على المفطرين، فكل عبد حسابه عند ربه، ولكن لا أحد يقبل أيضا أن يُفتح مطعم في نهار رمضان ويأكل المجاهرون بالإفطار ما يأكلون أمام أنظار الصائمين الغاضبين.. وإذا كنا نعجب حين نسمع أو نرى أمورا مثل هذه في بلادنا، فإن عجبنا يتبخر بمجرد أن نتذكر أن بعض تلك الجهات التي تتمنى أن تُفتح المطاعم والمقاهي نهارا في رمضان وتتألم وهي تشاهد المساجد ممتلئة بالقائمين ليلا تتنفس هواء المستعمر الراحل، وإن كان الاستعمار لم ينجح في تغريب الشعب الجزائري كله، فقد ترك من يحاول إنهاء هذه المهمة من بعد رحيله، وهؤلاء الذين يحاولن إنهاء ما بدأته فرنسا من منكر نقول لهم ما قاله شيخ جمعية العلماء المسلمين الأول عبد الحميد بن باديس قبل عشرات السنين: "إن هذه الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا، لو أرادت".