بطلة الجزائر في ألعاب القوى ثلاث مرات سلوى حمزاوي تقهر إعاقتها بالإرادة والطموح كان يمكن أن تقهرها إعاقتُها الحركية البالغة 100 بالمائة كما فعلت مع كثيرين من الذين أصيبوا مثلها فتموقعوا على ذاتهم واستسلموا لليأس والقنوط واكتفوا بلوم الظروف وندْب حظهم العاثر، إلا أنها أدركت مبكرا أن كل ذلك لن يجديها في شيء، وأن الأفضل لها هو أن ترفع التحدي وتقهر إعاقتها عوض أن يحدث العكس فتنهك حياتها بدون فائدة، ونجحت في هذا التحدي بامتياز. اسمها سلوى حمزاوي، شابة في ال29 من العمر، من ولاية خنشلة، عروس الأوراس وإحدى المناطق التي أنجبت خيرة المجاهدين والأبطال أثناء الثورة التحريرية، وربما كان ذلك دافعاً لها لتستلهم روح التحدي منهم وتكون بطلة هي الأخرى ولكن في الدراسة والرياضة متحدية في ذلك إعاقتها الحركية التي أصيبت بها وهي رضيعة لا يتجاوز عمرُها خمسة أشهر إثر حمى قوية داهمتها ذات ليلة في بلدتها (عين الدويرة) التي تبعد عن الولاية ب30 كلم، ولأن الظروف حالت دون تلقيها العلاج المناسب في الوقت المناسب، فإن الحمى لم تتركها حتى سبَّبت لها إعاقة حركية أجبرتها على استعمال كرسي متحرك إلى حد الساعة. ومع أنها أدركت منذ سنوات عمرها الأولى مدى صعوبة ممارسة حياتها بشكل طبيعي كالأطفال الأصحَّاء، إلا أن سلوى قررت التحدي وعدم الاستسلام للصعوبات التي واجهتها منذ الوهلة الأولى، وكانت البداية بدراستها التي تألقت فيها، في مختلف الأطوار والمراحل إلى أن نجحت في البكالوريا ثم تابعت دراستَها في جامعة خنشلة، قسم العلوم الاقتصادية تخصُّص مالية، ونجحت بتفوّق برغم المشاقّ التي واجهتها: (لم يكن من السهل الانتقال إلى قاعات الدراسة في الطوابق العليا، وإيجاد من يساعدني في ذلك كل مرة، كانت فترة صعبة، ولكنني تحديتُ الصعوبات وحصلت على الليسانس). لكن المثير أن ليسانس العلوم الاقتصادية لم يقنع سلوى الطامحة دوماً إلى التفوّق، فآثرت التسجيل في معهد الأدب العربي بنفس الجامعة، وهي الآن في السنة الثانية جامعي، وهي تجربة متفرّدة بالنسبة إليها بعد أن حصلت على المرتبة الأولى في دفعتها العام الماضي. وتنوي مستقبلاً إكمال دراساتها العليا سواء في الاقتصاد أو الأدب العربي. وبالموازاة مع التفوّق الدراسي، فقد تفوَّقت سلوى بامتياز أيضاً في الرياضة، فهي بطلة الجزائر في ألعاب القوى اختصاصات: رمي الجلة والقرص والرمح، وهذا في سنوات 2010 و2011 و2012، ولا تزال تطمح إلى حصد المزيد من الألقاب الوطنية و(احتكار) البطولة لسنوات قادمة، لاسيَّما وأن سنّها لا يزال يسمح لها بمواصلة مشوارها الرياضي أعواماً أخرى، ولكن ذلك لم يشفع لها للمشاركة في أولمبياد لندن في عام 2012 لذوي الاحتياجات الخاصة لأسباب لم تفهمها، ما ترك في حلقها غصة ومرارة. وتشتغل سلوى الآن في دار الطفولة المسعَفة بخنشلة وتواصل دراستَها الجامعية في نفس الوقت، مع ما يعني ذلك من مشقة ونصَب، لاسيما وأنها تتنقل لمسافة 40 كلم بين مقرِّي العمل والجامعة: (لو كان لديّ كرسي كهربائي لهوّن عليّ الكثيرَ من الصعاب والمشاق، ولكنه باهظ الثمن ويتعدى ثمنُه 35 مليون سنتيم، وهذا السعر لا قِبل لي به، وأرجو أن أجد جمعية أو محسناً يتكفل باقتنائه لي). ومنذ أيام حضرت سلوى معرضاً لإبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة من الجنوب الجزائري، أقيم بقاعة (الأطلس)، ومن هناك وجَّهت رسالة لعائلات المعاقين: (أحسنوا معاملة أطفالكم، كفوا عن تأنيبهم وتحسيسهم بالذنب، فذلك يدمِّر معنوياتهم ويمنعهم من تفجير طاقاتهم ومواهبهم والتعبير عن قدراتهم) وتواصل: (المعاق الحقيقي ليس هو الذي يُصاب بإعاقة حركية، ولكنه ذلك الذي يستسلم للخمول واليأس والتشاؤم ويعطّل قدراته ومهاراته حتى وإن كان سليماً بدنياً، الإعاقة الحقيقية تكمن في طريقة التفكير السلبية والنظرة المتشائمة إلى الحياة ولا شيء غيرها).