الأزهر يحذّر من العنف شبح الحرب الأهلية يخيّم على مصر أعربت أعلى هيئتين دينيتين في مصر عن إدانتهما لكلّ أعمال العنف والقتل التي تجري وسط حالة من الانقسام والاحتقان بين مؤيّدي ومعارضي الرئيس محمد مرسي، وحذّرتا من (آتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر). أعرب الأزهر الشريف أمس السبت عن أمله في أن يكون اليوم الأحد 30 جوان يوم حوار مجتمعي وتعبيرا حضاريا عن الرّأي، ولعلّ اليوم يكون حافزا للنخب السياسية إلى تفاهم يقي الوطن الذي نعيش فيه جميعا البديل الخطير الذي يهددنا بالحرب الأهلية التي لا تبقى ولا تذر، كما أن الأزهر لا يمل من التحذير من الوقوع في أتونها الكريه. وفي الوقت نفسه، أكّدت دار الإفتاء المصرية أمس أن حمل السلاح في التظاهرات السلمية أيّا كان نوعه (حرام شرعا ويوقع حامله في إثم عظيم)، في الوقت تتزايد فيه حالة من الانقسام والاحتقان بين مؤيّدين ومعارضين للرئيس المصري محمد مرسي. وتصاعدت أعمال عنف في عدد من المحافظات المصرية، من بينها الشرقية والدقهلية والغربية والمنوفية وبورسعيد والإسكندرية، حيث أعلنت وزارة الصحّة والسكان أن إجمالي أعداد ضحايا اشتباكات وقعت منذ الأربعاء الماضي وحتى الجمعة وصل إلى سبعة قتلى وأكثر من 600 مصاب. وقال حسن الشافعى رئيس المكتب الفنّي وكبير مستشاري الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف في تصريح صحفي أمس إن (ما حدث يوم الجمعة من قتل وجراح كثيرة ودم عزيز عار ونذير بكارثة تحلّ بالمصريين لا قدر اللّه وهي مقدّمة لا تبشّر بخير، وإن كنا نرجو أن تكون عبرة لنا جميعا بأن نحذّر من التصارع وإراقة الدماء)، وأضاف أن الأزهر الشريف إذ يجدد إدانته لتلك الأعمال الإجرامية، فإنه يأمل في ذلك الحوار المجتمعي، كما ينصح الجميع وسائر القوى المجتمعية والسياسية أن ترفع الغطاء السياسي عن أيّ أعمال قد تحرق الوطن وتقدّمه لقمة سائغة للمتربّصين به. فيما شدّدت دار الإفتاء في بيان لها على حرمة الدم المصري كله، مؤكدة رفضها التام للعنف بكل أشكاله، والذي أدى إلى إراقة دماء الأبرياء على اختلاف انتماءاتهم. كما استنكرت الدار أيضا الاعتداء على المساجد والمنازل والممتلكات العامة والخاصة في اليومين السابقين. وطالبت الدار أجهزة الدولة بالقيام بمسؤولياتها في حماية أرواح كلّ المواطنين المصريين والمنشآت العامة والخاصة، مشدّدة على أن العنف لم ولن يكون أداة للتعبير عن الرّأي. ويخشى مراقبون من حدوث مواجهة محتملة، وحرب شوارع بين مؤيّدي الرئيس مرسي ومعارضيه مع قيام الجانبين بتنظيم مظاهرات حاشدة، خاصّة في ظلّ حالة من الاحتقان بين الطرفين. ونظّمت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي وحلفاؤها من أحزاب التيّار الإسلامي مظاهرة حاشدة أول أمس الجمعة في محيط مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر شرق القاهرة تحت شعار (الشرعية خطّ أحمر) أعلنت بعدها الاعتصام لمدة ثلاثة أيام حتى اليوم 30 جوان، حيث جرى نصب أكثر من 300 خيمة للمعتصمين. في المقابل، خرجت مظاهرات ومسيرات معارضة في ميدان التحرير بالقاهرة وبعض المحافظات تطالب بسحب الثقة من الرئيس مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة نظمتها قوى المعارضة وفى مقدمتها جبهة الإنقاذ، التي تضم عددا من أحزاب المعارضة، وحملة (تمرّد) التي تقوم بجمع توقيعات من المواطنين المصريين لتحقيق المطالب نفسها. وأثارت التطوّرات المتلاحقة في مصر مخاوف الأجانب، حيث قامت السفارة الأمريكيةبالقاهرة أمس بإجلاء 45 من أسر العاملين والدبلوماسيين فيها، ويأتي ذلك بعد مقتل مواطن أمريكي خلال اشتباكات عنيفة بين أنصار الرئيس وخصومه في الإسكندرية مساء الجمعة. وأكّدت النّاطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف مقتل مواطن أمريكي يدعى أندرو بوشتر في مدينة الإسكندرية، مشيرة إلى أن الشابّ الأمريكي قتل أثناء تصويره اشتباكات بين أنصار وخصوم الرئيس مرسي. وكان القيادي بحزب الحرّية والعدالة محمد البلتاجي قال إن المعارضة الممثّلة في حركة تمرّد وجبهة الإنقاذ الوطني تهدّد بأنها (ستلقي القبض يوم 30 جوان على مرسي وتحاكمه، وبأنها ستعطي بعد ذلك الرئاسة الشرفية لرئيس المحكمة الدستورية العليا وتشكّل حكومة وتحلّ مجلس الشورى الذي يتولى حاليا السلطة التشريعية وتعطّل الدستور)، وأضاف (أن هذا اسمه انقلاب، ولن نسمح به ولو على رقابنا)، وتابع بقوله إن (الذين يظنون أننا سنخلي الميادين لكي يحاولوا الظهور أمام العالم وكأنهم ثورة ثانية، نقول لهم: لستم ثورة ثانية ولسنا نظام مبارك)، مؤكّدا أن المتظاهرين الإسلاميين سيبقون معتصمين و(لن نسمح بأن تفرض إرادة على إرادة الشعب، ولن نسمح بأيّ انقلاب على الرئيس). في المقابل، أفاد مراسلون بأن ميدان التحرير في وسط القاهرة يشهد مزيدا من نصب الخيام، حيث يحتشد معارضو الرئيس للاحتجاج على سياساته وللمطالبة بانتخابات رئاسية مبكّرة. ويقول المعارضون إن مرسي فشل بعد مضي عام على توليه السلطة في تحقيق أهداف الثورة ويتّهمونه بالعمل على (أخونة) مؤسسات الدولة. ويعكف المعتصمون على نصب خيام في الحديقة الوسطى للميدان، قبيل بدء المسيرات التي أعلنت حملة (تمرّد) عن تسييرها اليوم الذي يوافق الذكرى الأولى لتسلم مرسي السلطة للمطالبة بتنحّيه وإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة. ويوافق اليوم الأحد الثلاثين من جوان مرور عام على تولّي الرئيس مرسي الحكم في مصر بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية على منافسه الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق المحسوب على الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وذلك وسط حالة من الجدل حول أدائه خلال هذه الفترة.