كلّنا نتمنّى الوصول إلى كأس العالم، والبعض منّا أصبح يحلم بالأدوار الأولى به. ربع النّهائي، نصف النّهائي أو حتى النّهائي، وهذا الحلم مشروع لأننا اقتنعنا بأداء أشبالنا، لكننا نسينا أمرا أو تناسيناه، هل يحقّ لنا أن نطلب هذا دون مقابل؟ القصّة طويلة جدّا وعامّة لذا سنتطرّق إلى الكرة فقط (من جد وجد ومن زرع حصد). كنت مثل الأغلبية أنتقد اللاّعب السابق محمود فندوز لنقده الهدّام كما كان يبدو لي، لكن بعدما تمعّنت في كلامه وشغلت عقلي وجدت أنه محقّ في نقده لمنتخب اليوم وافتخاره وتعظيمه لإنجازات منتخب 82 وإن كانت بسيطة في نظرنا إلاّ أنها مشرّفة وكبيرة حقّا ببساطة لأن ما حصدوه حينها هو نتاج ما زرعوه. فالجود من الموجود، أمّا منتخب اليوم فحتى وإن حقّقنا ما نحلم به إلاّ أنه وبكلّ مصداقية ليس من حقّنا أن نفتخر به أمام الأجيال لأننا سنحصد ما زرعه غيرنا. هنا لا أنقص من وطنية مغتربينا أبدا فلهم كلّ التقدير لأنهم أكثر وطنية منّا تخلّوا عن الذي احتضنهم وكوّنهم وعلّمهم كرة القدم وعادوا لتمثيل وطنهم الأمّ، لكنّي أنتقد سياسة التكوين عندنا الفاشلة بكلّ المقاييس، فهل يعقل أنه من مليون جزائري في الخارج نجد أكثر من ثلاثة أرباع المنتخب بينما لا يوجد ربع واحد من بين أكثر من 37 مليون داخل الوطن؟ هذا أكيد لا يعود إلى افتقار محلّيينا إلى الموهبة وإنما إلى افتقار المكلّفين باكتشاف المواهب إلى النّظرة الثاقبة وإلى ضعف الهياكل القاعدية والأهمّ الافتقار إلى الإرادة. فقانون البهماس هذا يذكّرني بقصّة المحروقات في بلدنا، فكلّ الجزائر تعتمد عليه لأنه يحقّق لنا الاستمرار في الحياة، فإلى متى نبقى هكذا متمسّكين بكلّ قشّة نجدها بدل أن نتعلّم السباحة؟ وسلام.