فرضت وسائل نقلنا العامة والخاصة شروطا على المسافرين لا تخرج في معظمها عن التعجيز، وكأن المسافرين يستفيدون من تلك الخدمات بصفة مجانية، ذلك ما تجسده بعض السلوكات السلبية الصادرة عن السائق أو القابض على حد سواء، بحيث صار ممنوعاً على من لا يملك الصرف دخول تلك الوسائل فنجده يحوم ويجول بحثا عن الصرف قبل استقلاله تلك الحافلات وكأن ذلك الشرط ألقيت مسؤوليته على عاتق المسافرين، بحيث عُكست الآية في زمن انقلبت فيه كافة الموازين، مما جعل المسافرين يندفعون إلى توفير الصرف لاتقاء شر القابضين الذين يسقطون جام غضبهم عليهم، وكأن المسؤولية مسؤوليتهم، وهناك حتى من يتهمهم أنهم تعمدوا ذلك لأجل الاستفادة من الرحلة مجانا دون أدنى ضمير، وأصبح مشكل الصرف مشكلاً يميز اغلب وسائل نقلنا فزاد وضعيتها سوءا. وغالبا ما يغادر العمال أو الطلبة أو غيرهم من الأشخاص البيت مبكرا باتجاه محطات النقل العمومي أو الخاص من اجل مشاويرهم، ويحدث وان تكون جيوبهم خاوية من الصرف ولا تشتمل إلا على المبالغ النقدية الورقية خاصة وانه لم تمر فترة طويلة على افتتاح يومهم، ما يوقعهم في إشكال أمام القابضين الذين يلقون بكامل مسؤولية توفير الصرف على عاتق المسافرين بدل تحملها من طرفهم، مما يؤدي بهم إلى الإحراج والى نظرات ثاقبة تلحقهم من القباض والتي تحمل في طياتها اللوم والعتاب، لذلك أصبح معظم المسافرين ينتهجون السبل التي تغنيهم من الوقوع في مثل تلك المواقف التي تزعجهم كثيرا والتي لا دخل لهم فيها لا من قريب ولا من بعيد، إلا أن اللائمة كلها تقع عليهم إن حدث وإن تعرَّض أحد القباض إلى مثل تلك المواقف التي لا يتقبلها من المسافرين، ويقرنها بالعديد من التفسيرات التي قد تكون في مجملها خاطئة، ذلك ما جعل اغلب المسافرين يلهثون وراء توفير الصرف لعدم التعرض إلى تلك المواقف فنجدهم يبحثون عن الصرف قبل امتطائهم تلك الوسائل. اقتربنا من بعض المسافرين على مستوى بعض المحطات الرئيسية لرصد آرائهم حول هذه النقطة التي أرقتهم خاصة وان الأمر هو خارج عن نطاقهم ووجدوا أنفسهم مجبرين على حمل القطع النقدية مهما كلفهم الأمر لإرضاء القابض، قالت السيدة زينب أنها صارت ترفق معها الصرف كلما استقلت الحافلة كونها تعرضت إلى احد المواقف المخجلة بعد أن اتهمها احد القابضين أنها قامت بذلك عن عمد فما كان عليها إلا تفويض أمرها لله ولم تأبه بكلامه وسكتت عنه فهي لم تعتد على مناقشة تلك الأصناف، إلا أنها أخذت العبرة من ذلك الموقف الذي حصل لها وأضحت القطع النقدية لا تفارق حقيبتها أبدا لتغني نفسها عن تلك المشاكل وهناك من اخبرونا أنهم في الكثير من الأحيان يضطرون إلى اقتناء حاجيات هم في غنى عنها من اجل الحصول على الصرف ومن ثمة أصبح توفير الصرف مسؤولية تقع على عاتق المسافرين بدل القباض الذين من الأولى توفيره من طرفهم.