يمتدّ الصراع السنّي الشيعي الذي يعصف بالعالم العربي إلى صنعاء، حيث يتحوّل التوتر بين المتطرّفين السنّة والمتمرّدين الشيعة الزيديين إلى حرب من أجل السيطرة على عدد من المساجد في العاصمة اليمنية. وقد بقيت هذه المواجهة بين الطرفين محصورة بمنطقة صعدة الشمالية، معقل جماعة أنصار اللّه التي يتهمها خصومها بأنها أداة بيد إيران، وحيث تدور معارك من وقت لآخر بين الزيديين وسنة من أنصار حزب الإصلاح. لكن التوتر وصل إلى صنعاء مع بداية شهر رمضان الحالي خلال محاولة سلفيين متشددين السيطرة على مسجد يتولى مسؤوليته إمام زيدي، وذلك ردا على محاولة مماثلة قام بها أنصار الله في مسجد آخر. وأسفرت هذه المحاولات عن صدامات بالسلاح الأبيض وهجوم بقنبلة أوقع خمسة جرحى، وفقا للشرطة وشهود عيان، وقد قتل مع نهاية الأسبوع شيعيان وأصيب أربعة آخرون بجروح بيد مسلّحين مجهولين في صنعاء. وتدخّلت السلطات لدى الطرفين لتهدئة النفوس وحصلت منهما على (تعهد بعد استخدام القوة لفرض الشعائر الخاصة بهما في المساجد)، حسب وزير الأوقاف حمود عباد. وقال الوزير (لا توجد في اليمن مساجد مخصصة للزيديين وأخرى للسنة، فالناس تتعايش وتصلي معا منذ قرون عدة، لكن الاستقطاب السياسي يهدد بانقسامهمس، وحذر من _عدم تحمل ما جرى من أحداث في الفترة الأخيرة مرة أخرى). ويتركّز تواجد الزيديين في شمال اليمن في حين يشكّل السنّة الغالبية في البلد، والزيديون حوالي ربع السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة. وانتفض المتمرّدون الزيديون المعروفون بالحوثيين نسبة إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي العام 2004 ضد نظام الرئيس السابق علي عبد اللّه صالح بسبب ما يؤكّدون أنه تهميش متعمد، وأوقعت المعارك مع الجيش آلاف القتلى قبل التوصل إلى وقف للنار في فبراير 2010. وازداد إحباط المتمرّدين حدّة مع وصول عبد ربه هادي منصور هادي إلى السلطة في فيفري 2012، كأوّل رئيس سنّي في سدّة الحكم في تاريخ اليمن خلفا لصالح وهو زيدي أرغمته الاحتجاجات الشعبية على الرّحيل. ويشارك المتمردون الذين انضموا إلى الانتفاضة ضد صالح في مؤتمر الحوار الذي من المتوقع أن يحضر لدستور جديد وانتخابات العام المقبل. وأضاف مصدر رافضا ذكر اسمه أن الحوثيين (يحاولون تعزيز دورهم السياسي المتنامي عبر تحقيق وجود أكبر في المساجد)، محذّرا من (اشتداد) نزعة التوتر الطائفي. لكن عبد الكريم الجذبان المشارك في المؤتمر كأحد ممثلي التمرد أكد في المقابل أن حزب الإصلاح القريب من الإخوان المسلمين وحلفاءهم السلفيين المحسوبين على السعودية يتحملون المسؤولية عن التوتر الطائفي، وقال في هذا الصدد إن (الإخوان المسلمين والسلفيين يريدون وضع جميع المساجد تحت سيطرتهم) حتى في صعدة، حيث يملكون أماكن عبادتهم الخاصّة وأكبر مركز للإرهاب في دماج. يذكر أن مدرسة (دار الحديث) في دماج، القريبة من صعدة كانت في صلب المواجهات التي كان بعضها دام بين الطرفين. من جهته، قال السلفي محمد الشبيبة المشارك في المؤتمر إن الحوثيين أداة بيد إيران، مشيرا إلى أنهم اتخذوا لأنفسهم تسمية أنصار الله تيمنا بحزب الله الشيعي اللبناني، وأضاف أن (حزب اللّه موجود في اليمن متّخذا تسمية أنصار اللّه مرتبط بإيران التي تحاول فرض هيمنتها على البلد)، مؤكّدا أن (عناصره يتلقون تدريبات على السلاح قرب الحدود مع السعودية). بدوره، قال المحلل فارس السقاف إن (الزيديين والسنة تعايشوا سلميا طوال قرون، لكن الخطر يكمن في بروز تشيع سياسي يحتذي بالنموذج الإيراني وهذا أمر لا يمكن للشعب اليمني القبول به).